دعا أكثر من مشارك في اللقاء الوطني حول الأنشطة المدرة للدخل، الذي انعقد يوم الجمعة الماضي في الجديدة، إلى توسيع حضور الأنشطة المدرة للدخل ضمن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أنهت مرحلتها الأولى (2005-2010)، حيث لا تشكل هذه الأنشطة سوى 13 في المائة من إجمالي عدد مشاريع المبادرة، و8 في المائة من المبالغ المالية التي تم تخصيصها لهذه المشاريع. وعلل المدافعون عن هذا الطرح أن الأنشطة المدرة للدخل تحقق بشكل مباشر فلسفة المبادرة، وهي محاربة الفقر والهشاشة وتوفير دخل قار للمعوزين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر أو في وضعية هشاشة. وتميز اللقاء الوطني، الذي نظمته تنسيقية المبادرة في مقر عمالة الجديدة، بتدخل العديد من رؤساء وأعضاء تعاونيات وجمعيات قدموا من مختلف جهات المغرب لإبراز جوانب النجاح والإخفاق في مشاريع المبادرة، حيث أوضح البعض كيف أن التعاونية التي يسيرها زادت من رقم معاملاتها السنوي بفضل التمويل والدعم الذي حصلت عليه من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأيضا من تسهيل ولوج منتجاتها إلى الأسواق التجارية الكبرى، فيما أشار البعض إلى عدد من النواقص من قبيل عدم تعاون بعض المسؤولين المحليين وعرقلتهم لمشاريع المبادرة أو إقامة مبان في إطار المبادرة كدور الشباب أو غيرها وبقائها خاوية على عروشها دون استغلال لحد الساعة بسبب مشاكل وصراعات محلية. وخلص اللقاء الوطني حول الأنشطة المدرة للدخل، الذي يعد المحطة الثانية لتقييم مشاريع المبادرة في مرحلتها الأولى قبل إطلاق المرحلة الثانية (2011-2015)، إلى ضرورة إيجاد مناخ مناسب ومحفز لتطوير الأنشطة المدرة للدخل، وكذا تحسين طرق تمويلها بشكل يتلاءم مع خصوصيات هذه الأنشطة المتنوعة. ودعا المشاركون إلى المرونة في الإجراءات والمساطر لتشجيع هذه الأنشطة، مع حتمية تقييم إنجاز المشاريع لقياس مدى نجاعة السياسة العمومية في هذا المجال. وأبانت التجارب الميدانية الحاجة أكثر فأكثر إلى التشاور والانسجام بين مختلف المكونات الحكومية المتدخلة في هذه المشاريع. كما تم التركيز في التوصيات على المكانة المهمة التي يكتسيها الجانب التكويني في تأهيل ومواكبة الفاعلين في ميدان الاقتصاد الاجتماعي التضامني، خصوصا التعاونيات والجمعيات. ونبهت التوصيات إلى أن ضمان استمرارية الأنشطة المدرة للدخل شرط حيوي لضمان استقرار اجتماعي واقتصادي لحاملي المشاريع، حيث إن العديد من المشاريع تصاب بالشلل وضعف النتائج بعد مدة من انطلاقتها لغياب الدعم والمواكبة للقائمين عليها. من جانب آخر، وخلال ورشات اللقاء الثلاث، قال الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة للحكومة نزار بركة إن إعادة النظر في المنظومة القانونية للتعاونية بهدف تبسيط تأسيس هذه الأخيرة تقضي الانتقال من مبدأ الترخيص إلى مبدأ التصريح فقط بتأسيس التعاونيات، مع الاستمرار في تسهيل اندماج التعاونيات في محيطها الاقتصادي من خلال تسويق منتوجها في الأسواق الممتازة، مضيفا أنه يجري حاليا الاتفاق على صيغة توافقية لتسهيل عملية تحويل الجمعيات الحاملة للأنشطة المدرة للدخل إلى تعاونيات. كما سيقوم مكتب تنمية التعاون بمواكبة 500 تعاونية خلال سنة 2011 لمدة سنتين. فيما أشار نور الدين عيوش، الرئيس السابق لمؤسسة زاكورة للقروض الصغرى، إلى أنه تم إنجاز 3700 مشروع من الأنشطة المدرة للدخل، وقد خلقت 40000 منصب شغل، وأن هذه الأنشطة تعد وسيلة فعالة لمحاربة الفقر وخلق روح المسؤولية والتعويل على النفس لدى الأشخاص المستهدفين بها. وبخصوص تقييم مشاريع المبادرة، قال مدير التوقعات الاقتصادية بوزارة المالية شفيقي إن تقييم هذه المشاريع هو مسار للتوصل إلى حكم للقيمة المضافة، التي أنتجها تدخل السلطات العمومية على أرض الواقع. ويستند إجراء التقييم إلى مقارنة ما أنجز بما تم تسطيره في البداية من أهداف ومؤشرات مرجعية، مشيرا إلى أن التقييم يمر عبر ثلاث مراحل، هي: وضع قواعد مرجعية ثم جمع المعطيات الكافية قبل الانتقال إلى بلورة حكم موضوعي على المشاريع.