خرج تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق حول أحداث مدينة العيون، إثر إقامة مخيم «كديم إزيك» في شهر نوفمبر الماضي، بعد أقل من شهرين من تشكيلها، بناء على طلب من الفرق البرلمانية، ليلقي الأضواء على الاضطرابات التي حصلت في العيون، والتي تعد الأولى من نوعها منذ أحداث العام 1999، التي أقيل بعدها وزير الداخلية الأسبق الراحل ادريس البصري. التقرير وجه الاتهام إلى طريقة التدبير في المدينة خلال السنوات الماضية، مما كان له انعكاس على الساكنة التي أعربت عن شكواها من التهميش والبطالة والتوزيع غير العادل للثروة، وأشار بأصبع الاتهام بطريقة غير مباشرة إلى العوائل الكبرى التي ظلت طيلة العقود الماضية تقسم كعكة المنطقة فيما بينها بناء على معايير القرابة والمحاباة والانتماء القبلي والسياسي، فقد أبرز أن هناك بالفعل فئة من ساكنة المدينة احتجت بسبب مطالب اجتماعية وللحيف الذي مسها لعدم استفادتها من السكن والشغل وبطائق الإنعاش الوطني «حيث ظلت تنتظر إنصافها على مدى ثلاثة عقود وهي تتفرج على اختلالات تدبير الشأن المحلي وتفشي الزبونية في توزيع المنافع الممنوحة للساكنة، مما شكل لديها إحباطا ما فتئ يتغذى بتناسل الأخبار المتواترة حول هذه السلوكات». وقال التقرير إن فئة الأرامل والمطلقات، التي نعتها بالفئة الهشة والتي تشكل الفئة العريضة من الساكنة في المنطقة، والمعوزين والعاطلين، هي الفئات التي تضررت أكثر ونجحت في إظهار تظلمها من سياسة الحيف، قبل أن تركب فئة انتهازية على الحدث. ولم يفت التقرير أن يشير إلى الاختلالات التي شهدتها بعض القطاعات، وتناسل التقارير عن وجود خروقات في مجال الحكامة المحلية، من قبيل توزيع حوالي 1900 بقعة أرضية وحوالي 900 من بطائق الإنعاش، إضافة إلى خروقات في مجال السكن والتزوير في مجال المحافظة العقارية من أجل الاستحواذ على الملك العمومي، وتوزيع الامتيازات في مجال الصيد البحري وغيرها، الأمر الذي جعل الأجواء «مشحونة بالاحتقان وسهل عملية التعبئة للالتحاق بالمخيم». وأرجع التقرير ما حصل في مخيم أكديم ازيك، الذي كان نتيجة الحيف المذكور، إلى مناخ التنافر الحاصل بين الوالي السابق للجهة محمد جلموس ورئيس المجلس البلدي للعيون الاستقلالي حمدي ولد الرشيد، دون أن يسميهما، في فهم الاختصاصات، حيث وقف التقرير في الوسط وقسم الانتقادات بالتساوي بين الجانبين، وقال إن التنافر في فهم تلك الاختصاصات هو الذي أسهم في تعقيد التعامل مع الأزمة الاجتماعية التي أدت إلى أحداث المخيم، بدل البحث في تناسق للخروج من هذه الأزمة التي باتت أخطارها محدقة بالمصالح العليا للبلاد، حسبما ورد في التقرير. غير أن هذا الأخير أعرب عن وجود انتقادات في المقابل للوالي السابق للجهة بتهميش دور المجلس البلدي والانفراد بالقرارات والتصرف في الميزانيات المتعلقة بالمواد الغذائية المدعمة والخاصة بالجهة، إضافة إلى ميزانيات برنامج التنمية البشرية ومنح العجزة، علما يقول التقرير أن هذه الاختصاصات موكولة بحكم القانون إلى مؤسسة الوالي. وسجل التقرير محدودية التأطير السياسي في المنطقة وغياب دور آليات الوساطة بين الدولة والساكنة، سواء تعلق الأمر بالوسائط المؤسساتية، كالأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والمجالس المنتخبة، أو الوسائط التقليدية كشريحة الشيوخ والأعيان.