لا أحد بإمكانه الوصول إليها.. الصناديق السيادية تسجل وضعا مريحا في ظل أزمة مالية لا يبدو أنها ستجد طريقها إلى الحل وأزمة اقتصادية تمتد في كل الاتجاهات. المستثمرون يسحبون رؤوس أموالهم، وأسهم أسواق البورصة في تراجع (-23 في المائة بالنسبة إلى كاك الفرنسي منذ يناير الماضي، و-15 في المائة بالنسبة إلى ناسداك الأمريكي)، وتجرعت الأبناك، خاصة الأمريكية، خسائر كبيرة (8.6 ملايير دولار بالنسبة إلى واشوفيا الذي يحتل المرتبة الرابعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية و4.7 ملايير دولار بالنسبة إلى ميريل لانش). في خضم هذه الفوضى، تلعب هذه الصناديق دور المنقذ إلى درجة يصبح معها من «الصعب الاستغناء عنها» حسب جون بول بيتبيز، رئيس الدراسات الاقتصادية بالقرض الفلاحي وعضو مجلس الاقتصاديين بفرنسا. وهكذا وضعت صناديق سنغافورة يدها على 9,5 في المائة من UBS و4,1 في المائة من «سيتيكروب»، فيما استطاعت شركة «قطر أوتوريتي» أن تكون المساهم الأول في باركلايس البريطانية. وفي المجموع، تستثمر هذه الصناديق أكثر من 50 مليار دولار تستفيد منها الأبناك الغربية. إنه رقم يحمل جملة من الرموز..»قبل سنتين، رفض الكونغريس الأمريكي بشكل قاطع تفويت ستة موانئ أمريكية إلى صندوق مالي من دبي، ومازالت صناديق السيادة تساعد اليوم الأبناك الأمريكية التي تدعي الليبرالية»، يصرح جون أرتويس رئيس لجنة المالية الذي زار الخليج الفارسي في مهمة. وتمكنت هذه الصناديق من الاندماج مع رأسمال كبار المصنعين الفرنسيين، مثل ألستوم وتوتال وفانشي.. هذه العملية تثير حفيظة المستثمرين «يستحوذون أكثر فأكثر على نسب مائوية من أسهم الشركات دون أن يكونوا أعضاء داخل المجلس الإداري»، يعلق دون بول بيتبيز.. من جانبه، يرى جون جاك دوبالاسي، المدير العام لباركلايس بفرنسا وبلجيكا، أن «هؤلاء لا يبحثون عن 25 في المائة من الأرباح على مدى ثلاث سنوات بل على نسبة تتراوح بين 15 و20 في المائة خلال عشر سنوات». الإمكانيات التي تتوفر عليها الصناديق السيادية تجعلها قادرة على تنشيط 2500 مليار دولار خلال سنة واحدة، 80 في المائة من الأسهم فيها توجد في يد عدد قليل من المساهمين. تحرك هذه الصناديق أهداف تجارية ترتبط بالتصدير ولا تهتم باستغلال المواد الأولية أو الاستثمارات الخاصة بالأبناك المركزية وتنشط صناديق الادخار الوطنية وتساعد في تدبير فترة ما بعد البترول. ورغم أنها مازالت لم تصل بعد إلى كبار الفاعلين المؤسساتيين(تستثمر 55000 مليار دولار من الأسهم)، فإن مجال توسعها بدأ في النمو وأصبحت تغري العديد من رجال المال الغربيين. ويتوقع كريستيان نوايي، محافظ بنك فرنسا، أن «الأسهم الاستثمارية للصناديق السيادية ستتضاعف خلال الخمس سنوات المقبلة إلى أن تصل إلى 8500 مليار دولار سنة 2012»، في حين يرى البعض أنها قد تبلغ 13000 مليار دولار سنة 2015. على الرغم من هذه الأرقام، تثير هذه الصناديق العديد من التخوفات، فقد أبدى البنك المركزي الأوربي قلقه من نقص المعلومات المتعلقة بتركيبة أسهمها دون أن يستطيع أحد أن يسأل مالكي تلك الحسابات، وهو ما يعقد تقويم دور الأورو باعتباره عملة احتياط عالمية. وهو ما يعد، في نظر جون بول بالاسي، نقاشا خاطئا مادامت تلك الصناديق «تتبع تدابير تمتاز بالشفافية عكس بعض المجموعات المالية الكبرى». قد تتجاوز طموحات هذه المجموعات السيادية الأهداف المالية وتصبح بالتالي سياسية أو ما يمكن تسميته ب»الوطنيات الأجنبية». ويطرح جون أرتويس السؤال:»إذا كان التشريع يعاني من خلل معين، في الاتحاد الأوربي، فكيف يمكن رفض ضخ رؤوس أموال وطنية داخل المقاولات الكبرى والسماح للمجموعات القطرية والصينية بذلك؟»، وهو ما يرد عليه جاو زيكينغ، مدير مجموعة CIC الصينية، قائلا:»نريد فقط أن يتم التعامل معنا مثل باقي المستثمرين. لا نريد أبدا التحكم في المقاولات التي نستثمر فيها».