يختلف نظامنا الغذائي باختلاف فصول السنة، وذلك راجع إلى اختلاف الأغذية المتوفرة في كل فصل، إذ إن الله سبحانه وتعالى جعل لكل فصل نوعا من الأغذية المهيمنة وما ذلك إلا ليجعل الله سبحانه أغذيتنا تتماشى والوسط الذي نعيش فيه، حيث ننصح بتبني نظام غدائي يتماشى والفصلَ الذي نعيش فيه، لأن ما لا يعلمه البعض هو أن كل الخضر والفواكه وُجِدت لتُستهلك في وقتها. في فصل الصيف، تزداد نسبة إفراز مادة «السيروتونين» في المخ، والتي تعطينا الإحساس بالشبع لمدة أطول، مما يعطينا الشعور بالراحة ويساهم في تحسين المزاج والرغبة لاتباع حمية ما، حيث يمكن تناول وجبات خفيفة، مثل السَّلَطات ومنتجات الحليب الباردة قليلة السعرات الحرارية، والتي تساهم في تقليل الوزن. أما في فصل الشتاء، فتقل الحركة مقارنة مع فصل الصيف ويؤدي ذلك إلى زيادة في الوزن. تعتمد الحمية الغذائية الواجب اتباعها خلال فصل الشتاء على أطعمة مغذية وقليلة السعرات الحرارية، دون أن ننسى، طبعاً، أهمية ممارسة الرياضة أو القيام ببعض الحركات البدنية، ولو داخل المنزل. وتختلف نوعية الطعام مع اختلاف الطقس وانتقاله من الصيف إلى الشتاء، بسبب رفض أو تقبّل الجسم بعضَ أنواع الأطعمة، فمن الصعب، على سبيل المثال، تناول السَّلَطة الباردة في فصل الشتاء، لأن الجسم يميل أكثر نحو الأطعمة الساخنة، التي تمنحه دفئاً ونشاطاً وطاقة، وينطبق الأمر نفسه على الفاكهة التي نشعر بأنها باردة، فنستبدلها بأنواع من الحلويات، علماً أن هذه الأخيرة دسمة وخطيرة وتؤدي إلى زيادة في الوزن، إذ من الضروري شرب الماء، سواء في الصيف أو في الشتاء، فهو مهمّ جداً ويجب عدم إغفاله، بسبب برودة الطقس. وتزداد أوزان معظم السيدات خلال فصل الشتاء، لأن الطقس البارد يتطلب نوعاً معيناً من الأغذية التي تحتوي على سعرات حرارية كثيرة، لمنح الجسم الشعور بالدفء. ومن العادات السيئة التي يجب الابتعاد عنها تناول الطعام وقتما شئنا ذلك، دون رقيب أو حسيب، وعدم مراقبة النوعية أو الكمية. أما الحلول لمنع هذه الزيادة فتتمثل في مراقبة الوزن بشكل مستمر، ولو مرة واحدة في الأسبوع، وهذا الأمر يسمح للسيدة بمعرفة ما إذا كان وزنها قد زاد أم لا، حتى تعمد إلى تخفيف السعرات الحرارية في غذائها وإلى الابتعاد عن الأطعمة والحلويات التي تحتوي على عدد كبير من السعرات الحرارية. ويجب ألا ننسى أن هناك 3 وجبات رئيسية، مع وجبتين خفيفتين، حتى إن نوع الألبسة التي يتم ارتداؤها في فصل الشتاء لا يسمح لنا بملاحظة زيادة الوزن إلا بعد نهاية الفصل، فمراقبة الوزن يجب أن تصير «عادة»، كجميع العادات. وبحركة بسيطة، يمكن أن تعرف وزنك وتتجنب الزيادات التي تشرع في «تشويه» المظهر الخارجي وتنتهي إلى السمنة. وعندما نقول السمنة، فيعني أنك معرض لكل أنواع الأمراض، أما عند الرجال، فيجب أن يحذروا من الدهون المتراكمة على مستوى الحزام، فكل السموم تتجمع هناك، مسببة العديد من الأمراض، فمن السهل أن نكتسب كيلوغرامات، لكن صعب أن نفقدها. وكي نتجنب كل هذا، نتساءل عن الحل... أولا الذهاب كل يوم -ولو ساعة على الأقل- إلى مكان نستنشق فيه هواء نقيا، لأن هذا الأخير يساعد على تحسين المزاج، عكس التلوث، الذي يزيد من تراكم السموم، وبذلك يؤدي إلى التوتر. ثانيا، الحركة، فلنحاول أن نتحرك قدر الإمكان، لأن الحركة تساعد على تنشيط الدورة الدموية في الجسم. ثالثا، يحتاج الجسم في أشهر الشتاء إلى النوم الكافي لإراحة الجهاز العصبي والعضلات وتوازن الهرمونات... رابعا، تغذية متوازنة تعتمد على الفواكه والخضر الموسمية، إضافة إلى القطاني والسمك، لتحقيق التوازن والتنوع الغذائي الذي يمكننا من سد حاجياتنا من السكريات، البروتينات، الدهنيات، الفيتامينات، الأملاح المعدنية والماء... ولا بأس من شرب الشاي، لأنه أولا مشروب ساخن يساعد على تحسين حرارة الجسم التي نكون في حاجة ماسة إليها في هذا الفصل، ثانيا لأن الدراسات أكدت أن الشاي يحتوي على صفات واقية من خطر الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة، وعلى رأسها السرطانات. كما يحتوي الشاي على مادة الكافيين، ذات التأثير المنشط والمنبه للجهاز الهضمي والتانينات، التي تكسب الشاي اللون والقوة، وعلى الزيوت العطرية، التي تبعث في الشاي الرائحة والنكهة. ولكي يصبح كوب الشاي صحيا ومفيدا، يجب الابتعاد عن غلي الشاي، ويفضل وضعه في ماء مغلى، لأن غلي الشاي في الماء يعيق الجسم من امتصاص الحديد والكالسيوم... أما إذا أضفنا إليه النعناع، فيكون ذلك أفضل، لأن النعناع يبعث القوة في الجسم ويهدئ الأعصاب، لأنه يحتوي على مضادات للتشنجات ويقوي عمل الكبد والبنكرياس ويسكن السعال والربو ويزيل مغص البطن ويزيل الأرق ويدر البول، وهو مفيد للروماتويد والالتهابات. وتشفي المضمضة بمستحلبه اللثة والأسنان ويطيب رائحة الفم، إلا أن الخطر الذي يهدد النعناع هو مداواته بالمواد الكيماوية، إذن يجب الحذر من هذه المواد، لأن النعناع يصبح خارج المنظومة الغذائية، إذا تواجدت فيه هذه المواد. بأبسط الأشياء، يمكن أن نُركِّب ونكون نظاما غذائيا مثاليا، ولا يجب أن نعتقد أن ثمن الغداء يرمز إلى قيمته الغذائية والصحية، فكل ما يحتاجه جسم الإنسان يوجد في الأغذية البسيطة من حيث الثمن، لكنها غنية، بتركيبتها ومحتوياتها، فمصطلح الحمية لا يعني أن نضيف إلى نظامنا الغذائي أغذية «سحرية» تمكننا من بلوغ الهدف، لا، فالحمية معناها اتباع نظام غدائي سليم تراعى فيه الكمية والعادات الغذائية لكل منطقة وثقافة وبلد وتحقيق التوازن الغذائي. عند حرق أي شيء قابل للاحتراق يترك ملوثات... وكذلك حرق السعرات الحرارية يترك سموما في الجسم، يجب التخلص منها، ببذل مجهود عضلي وبكثرة الحركة وشرب الماء بكثرة خارج الوجبات وبالتقليل من البروتينات الحيوانية والدهنيات وضمان سلامة الغذاء، ولكي نضمن هذه الأخيرة، يجب أولا الحرص على النظافة وتتمثل في غسل اليدين قبل تناول الطعام وغسلهما مرارا وتكرارا قبل إعداده، لأن هناك جراثيم خطيرة تنتشر على نطاق واسع في التربة الماء والحيوانات والإنسان، وتكون محمولة على الأيدي والأواني... ثانيا، افصل بين الطعام النيئ والطعام المطبوخ، لأن الأطعمة النيئة، لاسيما اللحوم والأطعمة البحرية وعصاراتها، قد تكون محتوية على جراثيم خطيرة يمكن نقلها إلى الأطعمة الأخرى، أثناء إعداد الطعام وتخزينه. ثالثا، اطبخ الطعام طبخا جيدا، لأن الطبخ الجيد يقتل الجراثيم، وقد اْتضح من خلال الدراسات أن طهي الطعام حتى درجة حرارة 70 مئوية يمكن أن يساعد على ضمان سلامة الغذاء. وتشمل قائمة الأطعمة التي تتطلب اهتماما خاصا اللحوم المشوية (الكفتة) والدواجن. رابعا، حافظ على إبقاء الطعام في درجة حرارة ملائمة، لأن الجراثيم تستطيع أن تتكاثر بسرعة، في حالة تخزين الطعام في درجة حرارة عادية، إذ يجب إبقاء درجة حرارة الطعام تحت 5 أو فوق 60 درجة مئوية، حيث يتباطأ نمو الجراثيم أو يتوقف تماما، ومع ذلك، فإن بعض الجراثيم الخطرة قد تنمو تحت درجة 5 مئوية، إذ لا يجب تخزين الطعام مدة طويلة حتى في الثلاجة. خامسا، استعمل المياه النقية ولا تتناول الأطعمة التي انتهت مدة صلاحيتها... قد تبدو هذه الأشياء بسيطة لكنها جوهرية، لأنها تمكننا من تفادي العديد من الأخطار، وخاصة عند الأطفال. نعم، لكل إنسان جهاز مناعي، لكن لكل نظام أقصى حد لاشتغاله، فالجهاز المناعي يمكن أن يقينا من العديد من الأمراض، لكن إذا أحسنّا التعامل معه ومنحناه الظروف الملائمة للاشتغال فإن جهازنا المناعي يعتبر «جندي» الجسم الذي يدافع، بكل قواه وفي صمت، حتى يبقى جسمنا على أفضل حال وسليما لأطول مدة ممكنة، وبذلك نحافظ على حياتنا وحياة أبنائنا، لأنهم هم رجال الغد وصناع المجد ولا تنسوا أن لكل داء دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.. والمرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج...