سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المخابرات الإسبانية تدق ناقوس الخطر من حزب أسسه مغربي للمشاركة في انتخابات إسبانيا المقبلة تعتبره «مناورة استخباراتية مغربية» لبسط النفوذ على سبتة ومليلية المحتلتين
أعربت وزارة الداخلية الإسبانية ومصلحتها الاستخباراتية عن بالغ قلقها من الخطوات الأخيرة، التي بدأ يتخذها تشكيل «حزب النهضة والوحدة الإسلامية»، من أجل المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة للحصول على تمثيلية برلمانية له داخل الجارة إسبانيا. وتستند تقارير الاستخبارات الإسبانية الأخيرة إلى سوابق لأحزاب ذات توجه أمازيغي أو إسلامي، تريد، حسبها، «التغلغل» داخل أروقة البرلمان أو «الكورتيس» الإسباني (الغرفة السفلى)، كالحزب الوطني للريف، في مدينة مليلية المحتلة أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي بسبتة، بالإضافة إلى «اتحاد مسلمي سبتة». تقارير المخابرات الإسبانية وتحذيراتها استبقت اجتماع حزب «النهضة والوحدة الإسلامية»، الذي سينعقد بالعاصمة الإسبانية مدريد يوم السبت المقبل، والذي سيحضره جميع مندوبيه الجهويين. وعلمت «المساء» من مصادر داخل الحزب أنه يعتزم في الوقت الراهن تقديم ترشيحاته في كل من مدينة سبتة، وفي مقاطعات بإقليم الباسك، وإقليم قادس، ومنطقة أستورياس، ومدينة مورسية، ذات الكثافة المغربية الكبيرة، بالإضافة إلى كل من مدينتي غرناطة وطليطلة. وكشفت مصادرنا أنه من المرتقب كذلك تقديم ترشيحات أعضاء الحزب بمنطقة برشلونة وفلنسية وخيرونا، حيث يقوم الحزب حاليا بإعداد دراسة مستفيضة في هذا الأمر. وذكر رئيس الحزب، مصطفى البقاش، وهو من مواليد مدينة طنجة، أنهم يتوفرون حاليا على 700 عضو، وهو عدد جدير بالاهتمام نظرا لنشأة الحزب الحديثة، مضيفا أن هذا العدد يرتفع كل أسبوع، وتشير إلى أن حزبه سينظم خلال شهر يناير المقبل مؤتمره لإنهاء تشكيل برنامجهم الانتخابي. تقارير الأجهزة الاستخباراتية تصف مصطفى البقاش بأنه «فاعل قوي في مجال الدعوة الإسلامية»، حيث يتقاسم حاليا منصبه السياسي مع نائب رئيس فيدرالية مسلمي إسبانيا، كما أنه عضو في اللجنة الإسلامية، وأمين صندوق المجلس الإسلامي في غرناطة، وعضو ناشط في عدة جمعيات مهتمة بالمهاجرين المسلمين. مصادر إسبانية مقربة كشفت ل «المساء» أن وزارة الداخلية الإسبانية تبرر تخوفها من الحزب المذكور، باعتقادها أن «ظهوره يستجيب لمناورات وتكتيكات المخابرات المغربية على المدينتين السليبتين سبتة ومليلية، وكذا داخل أوساط المهاجرين المغاربة المقيمين بإسبانيا»، وهو ما ينفيه البقاش تماما، واصفا هذه التبريرات ب «الكاذبة». كما ينفي تلقيهم أي دعم من جهة أجنبية. «نحن حزب إسباني»، يقول البقاش في أحد تصريحاته الإعلامية. ويعتزم المغربي البقاش تقليد «حزب مسلمي فرنسا»، الذي حقق نتائج لا بأس بها في جميع الانتخابات التي جرت هناك منذ سنة 1997، إذ حقق نسبة 2،30 بالمائة من الأصوات بمنطقة ستراسبورغ سنة 2007، وهي نسبة كانت جد كافية لكي تذرف المؤسسات الرسمية الفرنسية دموعها بسبب تحقيق المجتمعات الإسلامية الممثلة هناك انتصارا كبيرا، بعدما حققت عدة مكاسب، منها تخصيص أوقات خاصة لسباحة النساء فقط داخل المركبات الرياضية، وغيرها من المكتسبات الاجتماعية والدينية الأخرى. تقارير الاستخبارات الإسبانية تصف حزب «النهضة» والوحدة الإسلامية» ب «اللغز»، فهو «ليس بحزب يميني ولا يساري» تقول هذه المصلحة المخابراتية، إذ «لم تستسغ مرجعيته الإسلامية»، يقول مصدرنا رفيع المستوى، بينما يقول البقاش إن حزبه جاء ليدافع عن حقوق الأقليات، فيما يقول القانون الأساسي للحزب إن «الإسلام عامل أساسي في تجديد المعنوية الأخلاقية للمجتمع الإسباني». ويبحث حزب «النهضة والوحدة الإسلامية»، الذي يتزعمه مصطفى البقاش، وهو صحافي مغربي انتقل إلى إسبانيا منذ 19 سنة، عن كسب أصوات الناحبين المهاجرين في الجارة الشمالية خلال انتخابات سنة 2011، ليعيد توطئة أقدامه، على الأقل، داخل الدولة التي طردت أجداده المورسيكيين من الأندلس ابتداء من سقوط غرناطة سنة 1492 إلى غاية سنة 1609. مثلما ينتظر أن يكسب اسمه، الذي يوحي بتوجه إسلامي، ود وتعاطف الآلاف من المهاجرين المسلمين المقيمين في شبه الجزيرة الإيبيرية والذين يتجاوز عددهم مليونا و300 ألف مسلم، وهو ما «تتوجس» منه الدولة الإسبانية. وتم الإعلان عن تأسيس حزب «النهضة والوحدة الإسلامية» في مدينة غرناطة بعد توصله بقرار الموافقة من طرف وزارة الداخلية الإسبانية في 23 يونيو من السنة الماضية، ليتوسع فيما بعد في عدة مدن كأوفييدو، ومالقة، والعاصمة مدريد، وبرشلونة، ثم في مدينتي سبتة ومليلية. «حزبنا ليس محددا في الناخبين المسلمين فقط، بل هو منفتح على الجميع وخصوصا الفئة المهمشة»، يقول البقاش في تصريحاته الصحفية، مؤكدا في نفس الوقت أن حزبه «يسعى إلى دعم مبادئ وقيم العدالة والمساواة والحرية». ويسعى المغربي مصطفى البقاش، الحاصل على الجنسية الإسبانية سنة 2001، إلى المشاركة في الانتخابات المحلية الإسبانية المقبلة لسنة 2011، رغم العائق الذي يحول دون تصويت المهاجرين المغاربة حيث رفض المغرب التوصل إلى اتفاق «المعاملة بالمثل» بالنسبة للناخبين المهاجرين المغاربة بإسبانيا ونظرائهم الإسبان القاطنين بالمغرب، وهو التعديل الذي كان سيسمح للجالية الإسبانية القاطنة في المغرب بالتصويت في الانتخابات البلدية المغربية و«العمل بالمثل» بالنسبة للمغاربة بإسبانيا، لكن الحكومة المغربية لم تقبل مؤخرا بهذا المقترح، رغم أن نظيرتها الإسبانية أولت عناية خاصة بالمغرب بهذا الخصوص، حتى لا يمكن تفسيره بأنه تهميش للمهاجرين المغاربة.