استمر، صباح أمس الجمعة، أسوأ حريق غابات تشهده الأراضي المحتلة في تاريخها، ولم تسفر جهود رجال الإطفاء طوال الليل سوى عن منع انتشارها جزئيا. وأسفر الحريق، الذي اندلع صباح أول أمس الخميس فوق سفوح جبل الكرمل، شرقي مدينة حيفا، شمال إسرائيل، عن مقتل 40 شخصا حتى صباح أمس الجمعة وقضى على آلاف الهكتارات من الأحراش، فضلا عن إجلاء حوالي 13 ألف شخص عن منازلهم. ووصلت ألسنة النيران قبل فجر الجمعة، والتي ساعدت الرياح القوية على انتشارها، إلى المنازل في قرية تيرات مكارميل، التي تم إجلاء سكانها مساء أول أمس الخميس، عندما تبين أنه لن يتم التمكن من احتواء النيران. كما وصلت النيران إلى أربع قرى أخرى، تم إجلاء سكانها. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن رجال الإطفاء نجحوا في وقف تقدم النيران على طريق رئيسي يربط حيفا بتل أبيب، إلى الجنوب. وكان المتحدث باسم هيئة إطفاء الحرائق في حيفا قال مساء الخميس: «فقدنا السيطرة على النيران»، فيما قال وزير الأمن العام يتسحاق أهارونوفيتش إنه من المستحيل أن يتم تحديد موعد لاحتواء النيران. وهرعت طائرات إطفاء إلى إسرائيل من إسبانيا واليونان وقبرص، في وقت مبكر من صباح الجمعة، بالإضافة إلى مساعدات إضافية من بريطانيا وروسيا ومصر وأذربيجان ورومانيا والأردن وبلغاريا، كما سترسل الولاياتالمتحدة طائرة (بوينغ) محملة بمواد كيميائية مضادة للحرائق. وبدأت طائرات مختصة في إخماد الحرائق، أرسلتها مجموعة من الدول الأوربية إلى إسرائيل، عملها في محاولة لإخماد الحرائق المندلعة منذ أول أمس الخميس في غابات جبل الكرمل شمالي إسرائيل. وتشير الحصيلة الأخيرة إلى أن الحرائق أدت إلى مقتل واحد وأربعين شخصا وجرح نحو ستة عشر آخرين، بينهم ثلاثة في حالة حرجة. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا قادة اليونان وقبرص وإيطاليا وروسيا إلى إرسال طائرات مكافحة حرائق إضافية. وقال نتنياهو إن قبرص واليونان وإسبانيا سترسل عشر طائرات لمكافحة الحريق ومروحية. من جهة أخرى، قدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما «تعازيه الحارة» في ضحايا حريق الغابات في جبل الكرمل بإسرائيل وعرض تقديم مساعدة أمريكية. وقال أوباما، خلال استقبال بمناسبة عيد الأنوار اليهودي مساء أول أمس الخميس في البيت الأبيض: «أريد أن أقدم تعازيَّ الحارة إلى عائلات وأقارب جميع الذين قضوا بسبب حريق الغابات هذا في شمال إسرائيل». وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «لقد أودى الحريق، الذي يجتاح جبل الكرمل، بحياة عدد كبير من الضحايا. وذكر مسؤولون إسرائيليون أن معظم القتلى هم حراس سجن كانوا على متن حافلة تابعة للشرطة الإسرائيلية في منطقة الحرائق بالقرب من مدينة حيفا الساحلية. وصرح مدير خدمات الإسعاف في إسرائيل بأن الحريق تسبب في إصابة عشرات الأشخاص بحروق. وتابع: «تدربنا كثيرا لكننا لم نشهد مثل هذه الحرائق، حيث ترتفع ألسنة اللهب نحو أربعين وخمسين مترا»، مضيفا: «ربما ستستمر لعدة أيام. وقد نحتاج مساعدة من تركيا واليونان». وأضاف: «استدعينا قوات الإطفاء من كل المدن الإسرائيلية، وأخلينا قريتي عسفيا وكيبوتس بيت أرون». وقالت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية إن «هذا الحريق لم يسبق له مثيل في السنوات الأخيرة»، موضحة أن «النيران التهمت آلاف الدونمات من الغابات الطبيعية، وهي تنتشر نحو السفوح الغربية لجبل الكرمل». وأضافت الإذاعة أن «الحريق اندلع بالقرب من المدخل الشمالي لبلدة عسفيا، ربما في مكب للنفايات. وقد أغلقت الشرطة الطريق المؤدي من عسفيا ودالية الكرمل إلى حيفا. يشار إلى أن منطقة المشرق تتعرض حاليا لموجة جفاف لم تعرفها من قبل، مع تراجع كبير في نسب الأمطار لهذا الشتاء في سوريا ولبنان وإسرائيل والأردن. وقد سبق أن اندلعت حرائق مماثلة في غابات تلك الدول خلال الأسابيع الماضية، دون تسجيل وقوع خسائر في الأرواح.