كشفت أسماء بن قادة, زوجة الشيخ يوسف القرضاوي, كثيرا من أسرار الجانب العاطفي في حياة الشيخ بعدما تحدثت عن علاقة حب وعشق مثيرة وعنيفة جمعتهما قبل إعلان الزواج على الرغم من رفض الأب بشكل قوي لهذا الزواج. إذ ذكرت أسماء في حوار مع جريدة الشروق أن علاقتها بالشيخ تعود إلى سنة 1984 بعدما رآها القرضاوي في مقر إقامة الطالبات بعد مشاركتها في مؤتمر عام، وعلق على مشاركتها بالقول: «لقد أثلجت صدورنا بردّك الذي جاء قويا دون خوف أو وجل»، ومنذ ذلك الوقت بات يقرّبني جدا منه، ويحاول الحديث معي كلما واتته الفرصة، ويهديني كتبه، التي كان يسقط قصدا في بعضها كلمة ابنتي، ليكتب عليها «إلى الحبيبة أسماء». وأضافت أسماء «بقي على هذه الحال لمدة خمس سنوات، إلى غاية 1989، حيث حاول الاتصال بي بمجرد وصوله إلى الجزائر، وفي «تبسة» أثناء مشاركتنا في المؤتمر المنعقد هناك، طلب مني محاولة التعجيل بعودتي إلى العاصمة لكي يتمكّن من مقابلتي والحديث معي معلقا «وإلا سأسافر وفي قلبي حرقة»، ولكن الظروف لم تساعد على ذلك التعجيل، فاتصل بي من العاصمة وأنا لازلت في «تبسة»، ليقول لي إنه قد أجل عودته إلى الدوحة يومين حتى يتمكن من مقابلتي، فطلبت منه أن يؤجل ذلك إلى فرصة أخرى من منطلق ما عنده من واجبات ومسؤوليات وأنا غافلة تماما عما يريد أن يحدثني عنه، ولكن يبدو أن الشيخ تأكد بأن الأرضية ليست ممهدة بعد ليبثني ما في نفسه فعاد إلى الدوحة، ومنها أرسل إليّ برسالة مطولة وقصيدة من 75 بيتا يبثني فيها عواطفه وأشواقه التي كتمها خلال خمس سنوات منذ 1984 والتي من بين ما جاء فيها: «أترى أطمع أن ألمس من فيك الجوابا؟... أترى تصبح آهاتي ألحانا عذابا؟... أترى يغدو بعادي عنك وصلا واقترابا؟... آه ما أحلى الأماني وان كانت سرابا!... فدعيني في رؤى القرب وإن كانت كذابا!... وافتحي لي في سراديب الغد المجهول بابا !». «حبيب وطبيب» ذكرت أسماء، في حوار مع صحيفة «الشروق» الجزائرية أن الشيخ أشعرها بالمفاجأة والتشويش والحيرة فيما بعد، على اعتبار أنه كان يحاصرها، إذ «بدأ يطالبني بمعرفة مشاعري تجاهه، كما قال: «ياحبيبي جد بوصل دمت لي واجمع شتاتي... لا تعذبني كفاني ما مضى من سنوات... بت أشكو الوجد فيها شاربا من عبراتي»، إلى أن يقول أيضا: «ياحبيبي وطبيبي هل لدائي من دواء؟... لاتدعني بالهوى أشقى، أترضى لي الشقاء؟!... لاتدعني أبك فالدمع سلاح الضعفاء!... كيف يحلو لي عيش ومقامي عنك ناء؟! لا سلام لا كلام لا اتصال لا لقاء... أنا في الثرى وليلاي الثريا في السماء!!...الخ». وردت أسماء على الشيخ بالقول «إن الحب ليس سهما ينفذ إلى ذاتي فجأة فيفجر فيها نبع العواطف والمشاعر، إنه معنى يدركه العقل، ثم يفيض بعد ذلك على الوجدان، وإن المعنى مرتبط بجوهر الشخص، فهل تمثل أنت ذلك الجوهر، لا أدري» وأضافت: «أنا لا أعرف ما مصير هذه العلاقة إن أنا سمحت لها أن تمتد وتتطور»، كما سألته عن جوانب اهتمامه بشخصي، على الرغم من أنه قد فصل في رسائله الأولى، ولكن كنت أريد أن أتأكد، إلى أي مدى هو حب متعدد الأبعاد تتداخل فيه المعاني الإنسانية المختلفة بشكل متناغم. وأضافت أن الشيخ كان يبعث لها الرسائل من كل البقاع ولا يمل من التعبير عن حبه لها، ومن بينها قصيدة عنوانها شوق كان مطلعها: «يا حبا زاد تدفقه فغدا طوفانا يغرقني.. يا شوقا أوقد في قلبي جمرات توشك تحرقني..أيام الشوق تعذبني كم تجمعني وتفرقني.. وليالي الشوق تطول علي تطير النوم تؤرقني»، إلى غاية قوله: «ما عدت بمحتمل بعدا عن روحي وهي تفارقني..» وأكدت أسماء- مقابل ذلك- أن موقف الأب كان رافضا لفكرة الزواج من القرضاوي، وذكرت أسماء أن الشيخ أرسل وجهاء وعلماء لأبيها لثنيه عن فكرة «الرفض» أول اتصال منه كان بفضيلة الشيخ عبد الرحمن شيبان، حفظه الله، صديق العائلة والوزير السابق للشؤون الدينية وقد سأل الشيخ هل لديك ضمانات بأنه لن يمسّها سوء، وهل تضمن ردود فعل أهلك، فأكد له بأن كل ذلك مضمون، ونقل الشيخ شيبان الرسالة، وكان موقف والدي الرفض المطلق والحاسم غير القابل لأي نقاش، ورد الشيخ شيبان على الشيخ القرضاوي عن طريق رسالة حملها له الدكتور عبد الحليم عويس إلى منزله في القاهرة»، تقول أسماء. وبعدما رفض الأب كل هذه الوساطات، رد الأب على طلب ابنته بالقول: «اطلبي أي شيء أحققه لك، إلا هذا الزواج فهو مدمر»، وأضافت: «برأي والدي، أن الشيخ حاول التأثير عليّ أولا وأنه قد سحرني برسائله ومكالماته واستغل خبرته وفارق السن الكبير جدا بيني وبينه من أجل تحقيق ذلك، في حين كان الأولى به أن يتقدم إليه مباشرة، بالإضافة إلى الفرق الكبير جدا في السن، والزوجة الأولى والأولاد، والغربة والتعدد الذي لا يمثل جزءا من الثقافة في الجزائر، كما أن والدي لم يكن يتصور بأن ابنته التي ظل يصنعها على عينه منتظرا متى تستلم دورها في الحراك العلمي والفكري للوطن، يمكن أن ترتبط برجل ترافقه هذه الظروف الصعبة ومع اختلاف البيئة والثقافة ونظام التفكير..الخ، هذا الكلام الذي كان يصرح به للوسطاء». واعتبرت أسماء ابنة أبو «الرياضيات» في الجزائر أن نشر القرضاوي لتفاصيل العلاقة العاطفية والزوجية أثار عليها موجة من غضب عائلة الزوجة الأولى وأنصاره في مصر، على اعتبار أن البعض كان لا يريد توثيق الزواج الثاني من جزائرية كان نتيجة علاقة حب، كما استاؤوا من ذكر القرضاوي رفض والدي زواجي منه. أشواك الزواج قالت أسماء إن الضغوطات استمرت منذ اليوم الأول من الزواج من القرضاوي بدءا بالحدود المرتبطة بالتعدد مرورا بمشاكل الميراث وصولا إلى حد التدخل في الظهور الإعلامي». وكلما ظهرت في الإعلام كان يواجه الضغوط بل المقاطعة من طرف أولاده، ولقد قاطعه ابنه لمدة تزيد عن عشر سنوات بسبب هذا الزواج، كما قال لي وكما هو معروف عند جميع الناس، والمشكلة أنه لم يكن حاسما في مواقفه، وإذا ما قرر الحسم يوما يكون ضدي، من منطلق أنه يرتكب أهون الشرّين وأخف الضررين، وكل ذلك بعيدا عن متطلبات الشرع. أذكر مرة كنت متوجهة إلى باريس تلبية لدعوة من «اليونيسكو» للمشاركة في إحدى الندوات، فنشرت جريدة «الراية» خبرا حول مشاركتي مرفوقا بصورتي، وهنا قامت الدنيا ولم تقعد من طرف أولاده (لماذا يكتبون حرم القرضاوي؟!)، وفي مرة أخرى اتصل بي ابنه وطلب مني عدم ذكر اسمي كمنتجة لبرنامج للنساء فقط في قناة الجزيرة في نهاية الحلقة وكذلك في مؤتمر التلاميذ والأصحاب عام 2007، عندما ظهرت كلمتي على الجزيرة قاطعوه لفترة وهو في القاهرة، إن هذه الأشياء كانت تحاصرني وتخنقني، ولا أجد موقفا حاسما ينهي محاولات تجاوز الخطوط هذه، وذلك فضلا عن أمور أخرى ترتبط بكياني الاجتماعي كزوجة وبالعدل! ولقد وصلت الأمور أحيانا إلى ما هو أخطر متمثلا في التهديد المباشر»!. ثمن حب الكبار استبعدت أسماء أن يكون القرضاوي قد حذف جزءا من المذكرات التي تخصها، لأن «الكبار» لا يفعلون ذلك، بالإضافة إلى أن ما ذكر في المذكرات موثق بالصورة والكتابة، «ثم إن المذكرات وكما كتبها موجودة في كل مكان، وما كتب في المذكرات هو روح الحقيقة فقط، التجربة أثرى بكثير مما كتب، وهي موثقة خطا وصورة في أرشيف لا حدود له من الرسائل والقصائد والوثائق الرسمية وغير الرسمية! ثم تمثل العواطف الإنسانية مشكلة في بيئة تعكس معاني الارتقاء الحضاري والإنساني، إلا إذا كان الزواج يقوم على خلفية جسدية حسية بحتة فذلك أمر آخر نرفضه أنا وعائلتي، وسنطالب بحذف كل شيء يخصنا كاسم وأسرة من المذكرات في الكتاب، لأن في ذلك الوقت لا مجال لاقتران الاسمين مع بعضهما مهما كان، وحينها سيكتمل الإدراك عندي ولو في وقت متأخر بأن والدي قد قرأ الأمور على حقيقتها وكان محقا تماما في رفضه لهذا الزواج، لاسيما وأنها أي المذكرات كانت السبب المباشر إلى جانب الميراث في تفجير كل التراكمات ووضح بما لا يجعل مجالا للشك، الأسباب الحقيقية لما يحصل حاليا، وأي تغيير فيها ولو بحرف واحد صياغة ومضمونا تكون أسبابه واضحة تماما، فضلا على أن تاريخ تسلسل الأحداث وحده كاف لتفسير ما كان يجري منذ سنتين إلى حد اليوم! وكل ذلك سيفقد المذكرات جميعها مصداقيتها »، تقول أسماء. وفي سياق متصل، أكدت أسماء أنها كانت تتعرض لحملة مصرية شرسة لحمل القرضاوي على تطليقها عبر مقالات نشرت في صحف ومواقع إلكترونية مختلفة، قبل أن تضيف أن الشيخ سافر صباح الجمعة 13 نونبر 2008 إلى مصر وأغلق كل وسائل التواصل معه وأوقف نشر المذكرات على موقع «إسلام أونلاين» الذي يترأس مجلس إدارته. ونفت أسماء أن يكون القرضاوي قد توسط لها للعمل في مركز الدراسات الإستراتيجية في أبو ظبي وتوظيفها في الجزيرة.
«قصتي مع الشيخ تصلح أن تكون فيلما سينمائيا» «أنا أكتب منذ فترة طويلة، كل ما يحدث معي على شكل تأملات في الواقع والحياة، وعلى الرغم من أن حياتي لم تأخذ زمنيا ذلك المدى الطويل ولكنها كانت زاخرة بالأحداث التي أجد في تحليلها فائدة كبيرة للأجيال القادمة من النساء والرجال، وطبعا مسيرتي مع الشيخ من الجزائر إلى بيروت والأردن إلى أبو ظبي إلى الدوحة بوثائقها وصورها ووقائعها ومحطاتها، تمثل قصة مثيرة وغريبة قد تصلح بعجائب ما جرى فيها، لأن تكون موضوع فيلم أو مسلسل أو رواية، فهي تحكي قصة طرفين كلاهما من بلدين وثقافتين وجيلين مختلفين ولكن الذي ربط بينهما المرجعية الإسلامية، فإلى أي مدى تمكن كلاهما من الثبات على تلك المرجعية في التعامل مع حالة التعدد وهل تفسر ما آلت إليه الأمور الدافع الحقيقي لذلك الزواج؟ وما هي الخلفيات الكامنة وراء تلك الهزات وذلك العجز عن الوفاء بالالتزام بالضمانات، وإلى أي مدى جسد ذلك الزواج الموقع الحقيقي للمرأة المسلمة كزوجة وشريك وعضو في المجتمع؟»،تقول أسماء بن قادة..