تلوح في الأفق ملامح دعوى قضائية من المرتقَب أن يرفعها موظفو صناديق الشغل ضد الوزير جمال أغماني، بسبب تصريحاته داخل قبة البرلمان المغربي والتي رأوا فيها إساءة إلى سمعتهم، عندما تحدث عن أن قرار تفويت الصناديق الثلاثة للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين جاء لأسباب منطقية ومعقولة منها «محاربة الارتشاء داخل الإدارة». ووجه الموظفون وممثلوهم من النقابيين نقدا لاذعا للوزير أغماني، عقب تصريحاته التي قالوا إنها «مليئة بالمتناقضات». وعلمت «المساء» أن لجنة التنسيق النقابية، المكونة من ثلاث نقابات هي على التوالي من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل، تتدارس في ما بينها عدة خيارات للرد على تصريحات الوزير وموقفه إزاء تفويت الصناديق، ومن بينها، إلى جانب الدعوى القضائية، تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ينتمي إليه أغماني، وتنظيم سلسلة وقفات احتجاجية أمام القبة التشريعية ووزارة التشغيل وأمام مقرات صناديق العمل، بالإضافة إلى مراسلة المكتب الدولي للشغل والمنظمة العربية للشغل. وحسب مصادر مطلعة على الملف، فإن النقابات تستعد للرد على أغماني وتأكيده أن الأمر يتعلق بموظفين «متعاقدين» داخل الصناديق، وهو ما ينفيه الغاضبون الذين يؤكدون أنهم موظفون معينون حسب القوانين واللوائح الجاري بها العمل، مبرزين أن المجلس الأعلى للحسابات أوصى في تقريره لعام 2007 فقط بإيجاد إطار قانوني لعمل الصناديق الثلاثة ولم يدْع ُأبدا إلى تفويتها، في الوقت الذي أوضح أغماني أن البرلمان سبق له التصويت ضمن قانون المالية لعام 2007 على قرار التفويت. غير أن الموظفين يشرحون من جانبهم أن المادة 16 من القانون نفسه تنص على «حذف مرفق الدولة المسير بصورة مستقبلة المسمى قسم حوادث الشغل، ابتداء من تاريخ تحويل تدبير الصناديق إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» وليس إلى الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين الذي يعتزم الوزير تفويت المرفق ذاته. وتساءل متتبعون للملف عن عدم رغبة مسؤولي وزارة الشغل في إفراد الحديث عن مستقبل الصناديق الثلاثة ضمن قانون مستقل يسلط الضوء على تفاصيل التفويت ومستقبل العمال ووضعهم القانوني والإداري، إلى جانب مستقبل ملفات مئات الآلاف من الأرامل والأيتام وضحايا حوادث الشغل والمصابين بالأمراض المهنية. وقد اتصلت «المساء»، صبيحة أمس بمكتب المتصرف في مقر صناديق الشغل للرد على انتقادات الموظفين الغاضبين وممثليهم من النقابات الثلاث، لكن الهاتف ظل يرن دون رد. يشار إلى أنه قد تم تسجيل حالات متعددة من الإغماء في صفوف النساء العاملات مكاتب صناديق العمل خلال الأيام الماضية، بعدما تأثرت حالتهن النفسية سلبا على إثر فشل الحوار بين المركزيات النقابية وإدارة صناديق العمل التي كان يأمل المستخدمون أن تنجح في دفع الوزير أغماني إلى التراجع عن نيته تفويت مهمة تسيير الصناديق للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وهو ما يعني، حسب الموظفين تسريح 95 في المائة منهم عبر صيغة «المغادرة الطوعية». وأكد موظفون الصناديق أن الشعور بالإحباط بات مسيطرا على المستخدمين ال 260، مما تسبب في حالة ارتباك واضحة على أدائهم، الأمر الذي يضر بمصالح آلاف المواطنين. وبعث أطر ومستخدمو الصناديق رسالة إلى الديوان الملكي يستعطفون فيها ملك البلاد التدخل لصون الإدارة من قرار التفويت، في الوقت الذي قررت المركزيات النقابية الثلاث تصعيد احتجاجاتها ضد القرار. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يستعد أغماني، على قدم وساق، لإنجاح المؤتمر العربي الأول حول الحوار الاجتماعي المقرر أن تحتضنه العاصمة الرباط خلال الفترة الممتدة بين 14 و16 دجنبر المقبل، قصد «مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية ووضع مخطط عربي لتقليص نسب البطالة والاتفاق حول العمل اللائق بالعمالة العربية».