علمت «المساء» أنه تم تسجيل حالات متعددة من الإغماء في صفوف النساء العاملات في مكاتب صناديق العمل، خلال الأيام الماضية، بعدما تأثرت حالتهن النفسية سلبا، إثر فشل الحوار بين المركزيات النقابية وإدارة صناديق العمل التي كان المستخدمون يأملون أن تنجح في دفع الوزير أغماني إلى التراجع عن نيته تفويت مهمة تسيير الصناديق للصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وهو ما يعني، حسب الموظفين، تسريح 95 في المائة منهم، عبر صيغة «المغادرة الطوعية». وأكد موظفون في الصناديق أن الشعور بالإحباط بات مسيطرا على المستخدمين ال260، مما تسبب في حالة ارتباك واضحة على أدائهم، الأمر الذي يضر بمصالح آلاف المواطنين. وبعث أطر ومستخدمو الصناديق رسالة إلى الديوان الملكي يستعطفون فيها ملك البلاد للتدخل لصون الإدارة من قرار التفويت، في الوقت الذي قررت المركزيات النقابية الثلاث (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الاتحاد المغربي للشغل) تصعيد احتجاجاتها ضد القرار، وأعلنت عن تنظيم وقفة احتجاجية، اليوم الثلاثاء، أمام مقر الوزارة، تليها مشاركة في الإضراب العام للوظيفة العمومية غدا الأربعاء، ووقفة احتجاجية ثالثة أمام البرلمان، بعد غد الخميس، مؤكدة أنه سيتم استئناف العمل ابتداء من يوم الجمعة المقبل، تضامنا مع الأرامل وضحايا حوادث الشغل، للحصول على تعويضاتهم الجاهزة والاستفادة منها في عيد الأضحى المبارك، مع إقرار تصعيد جديد ابتداء من يوم الثلاثاء المقبل. كما أعلن أن موظفي صناديق الشغل سينظمون في المرحلة الأولية سلسلة احتجاجات أسبوعية تنطلق الأولى كل يوم ثلاثاء أمام مقر وزارة التشغيل والتكوين المهني، والثانية كل صباح خميس قبالة مقر صناديق العمل. وقد تأكد ل«المساء» أن ممثلي المركزيات النقابية الثلاث رفضوا، خلال لقائهم مع مستشار الوزير أغماني، مؤخرا، وقف احتجاجات العمال، كما طلب ذلك المستشار الذي حرص على الدعوة إلى تهدئة الأوضاع وفتح الباب أمام الحوار بين الطرفين، لإيجاد الحلول الممكنة للمشاكل العالقة. ويأتي قرار موظفي صناديق العمل بالتصعيد احتجاجا على ما بات يروج داخل الإدارة من أن هناك اتفاقا بين وزير التشغيل ووزير المالية، صلاح الدين مزوار، على تسريح 95 في المائة من موظفي الصناديق، عبر صيغة المغادرة الطوعية، مقابل تمكين 5 في المائة منهم فقط من الالتحاق بالإدارة الجديدة. ويشدد خبراء الصناديق، من جانب ثان، على أن قضية التفويت هذه «لن تضر فقط بموظفي صناديق العمل وإنما ستلحق ضررا مباشرا بعشرات الآلاف من المواطنين المغاربة الذين يستفيدون من خدمات الصناديق، وهي على التوالي كل من صندوق الضمان لضحايا حوادث الشغل وصندوق التضامن للمشغلين وصندوق الزيادة في إيرادات حوادث الشغل. وتشكل هذه الصناديق فرصة لآلاف الأرامل والأيتام للاستفادة من التعويضات الخاصة عن الأمراض المهنية وحوادث الشغل التي أصيب بها معيلوهم خلال فترة اشتغالهم. وحرصت المركزيات النقابية، التي اجتمعت أمس وحددت يوم 3 نونبر لاتخاذ قرار الإضراب الوطني للوظيفة العمومية يوم 3 نونبر المقبل، على التأكيد على أنها تندد بنية الحكومة «الإجهاز» على صناديق العمل، وهو ما شكل بالنسبة إلى الموظفين «دعما مهما». وتعتبر إدارة صناديق العمل مرفقا عموميا يتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي أحدثه المشرع لتدعيم منظومة الحماية الاجتماعية للأجراء ضد الأخطار المهنية، وهي الصناديق التي تضطلع بدور كبير في حماية حقوق المواطنين من الطبقات المتواضعة، ومن شأن استمرار الخلافات بشأنها أن يؤثر سلبا على مصلحتهم، مما يهدد بتفجر الأوضاع الاجتماعية للبسطاء. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يستعد أغماني، على قدم وساق، لإنجاح المؤتمر العربي الأول حول الحوار الاجتماعي المقرر أن تحتضنه العاصمة الرباط خلال الفترة الممتدة ما بين 14 و16 دجنبر المقبل، بقصد «مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية ووضع مخطط عربي لتقليص نسب البطالة والاتفاق حول العمل اللائق بالعمالة العربية».