ينتظر أن يفضي التأهيل الذي سينخرط فيه قطاع اللحوم الحمراء إلى معالجة المشاكل التي يواجهها التسويق والتصنيع وإعادة النظر في طريقة عمل المجازر، غير أن أول ملف يقتضي معالجة سريعة يتمثل في محاربة المجازر السرية لما لها من آثار سلبية على القطاع المنظم وصحة المستهلك، علما بأن التسويق يتميز بتعدد الوسطاء والمضاربين وغياب الشروط الصحية لتعبئة اللحوم. تلك أهم النقاط التي ستناقش خلال لقاء سيجمع يومه الثلاثاء بين وزير الفلاحة وممثلين عن فيدرالية اللحوم الحمراء. فقد خلص المشاركون في اليوم الدراسي حول تطوير قطاع إنتاج اللحوم الحمراء إلى «ضرورة تبني خطة جديدة من أجل تأطير الفلاحين وتطوير عملية الإنتاج والتسويق»، حيث دعا عبد الرحيم الشطبي رئيس جمعية منتجي اللحوم الحمراء بجهة تادلة أزيلال إلى «اعتماد وسائل علمية لإنتاج اللحوم الحمراء عبر إبراز مجموعة من التجارب والنماذج الناجحة، وتجاوز الوضع الحالي الذي يؤثر على الاقتصاد الوطني والمحلي، وذلك لعدم احترامه أدنى الشروط الصحية». وقدم عبد الرحيم الشطبي، في عرضه، خلال اليوم الدراسي الذي نظم بتعاون مع المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بتادلة والغرفة الفلاحية بمقر الغرفة الفلاحية ببني ملال، عدة نماذج، معززا عرضه بعدة صور فوتوغرافية صادمة تبين الأخطار التي «تتهدد صحة المواطنين جراء عدم احترام الشروط القانونية والعقلانية في إنتاج اللحوم وتسويقها سواء بمجازر تفتقر إلى أدنى شروط الإنتاج أو بطرق تسويق تغيب فيها أحيانا المراقبة». وتحدث الشطبي بتفصيل عن حالة الفوضى التي يعيشها قطاع اللحوم الحمراء بجهة تادلة - أزيلال الذي تنعدم فيه البنى التحتية: «مجازر لا تتوفر على الحد الأدنى من التجهيزات كالماء والكهرباء والمرافق الصحية»، وتكاثر الوسطاء، إضافة إلى انعدام التأطير لدى المهنيين، وكذا ظروف التخزين والنقل: «استعمال شاحنات مهترئة أو عربات مجرورة»، وغياب أماكن لتسويق الأبقار بطريقة احترافية: «(95%) من المعاملات في أسواق أسبوعية». وذكر الشطبي أن 20 % من معاملات بيع وشراء رؤوس الأبقار تتم في مدينة الفقيه بنصالح تليها مدينة سوق السبت ب18 في المائة ثم تادلة ب10 في المائة فبني ملال ب9% فقط، وبينما تتوزع 43 % الباقية بين الأسواق القروية بالجهة. وفي عرضه، أكد الشطبي «أن تقريرا لمعهد باستور أكد أن 75 % من اللحوم المعروضة بالدار البيضاء غير صالحة للاستهلاك». ومن جانبه، حذر محمد كريمين، رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي اللحوم الحمراء، خلال اليوم الدراسي الجهوي حول موضوع أهمية التهجين الاصطناعي عند الأبقار الذي نظمته الجمعية بتعاون مع المديرية الإقليمية للفلاحة بابن سليمان وشركة سكاليم، من الارتفاع المتزايد لأسعار مواد الأعلاف الذي يهدد العديد من الكسابة بالإفلاس، موضحا أن المغرب يتوفر على حوالي 800 ألف كساب، وأنه في ظل الغلاء المتزايد لحاجيات الأبقار وغياب الدعم فإن هذه الفئة من المستثمرين ستتقلص وسيعرف المغرب نقصا في اللحوم الحمراء من ناحيتي الكم والكيف، كما أنه يتوجب، في ظل الانفتاح المغربي على الأسواق العالمية، التفكير، إلى جانب وفرة الإنتاج والجودة، في تخفيض أثمنة اللحوم الحمراء لمواجهة المنافسة الدولية. ودعا الفلاحين إلى سلك أسلوب تهجين الأبقار، على غرار تهجين الأغنام المعمول به، لضمان الوفرة في إنتاج اللحوم الحمراء بتكاليف منخفضة، موضحا أن الوزارة والجمعية سيدعمان مواد التلقيح المستوردة الخاصة بتهجين الأبقار من أجل جعلها في متناول الكساب بثمن مقبول. وحث كريمين الفلاحين على الانخراط في جمعيات وتعاونيات من أجل تسهيل عملية التواصل والاستفادة من برامج الوزارة الوصية والجمعية. ويصل الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء في المغرب إلى 400 ألف طن بقيمة 20 مليار درهم، ويبلغ الاستهلاك الفردي السنوي 11 كيلوغراما، ولا يتعدى استيراد اللحوم الحمراء 10.4 آلاف طن في السنة. ويبلغ عدد مربي الماشية في المغرب 1.1 مليون، أي 74 في المائة من مجموع الفلاحين.