أسفرت أشهر من النقاشات والمفاوضات المضنية والصاخبة عن تشكيل الفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، التي تضم مربي الماشية والتجار والمصنعين والمحولين. فقد عقد، الجمعة الماضية بالرباط، الجمع العام التأسيسي للفيدرالية البيمهنية للحوم الحمراء، التي ستتولى عملية بلورة اتفاقية شراكة مع السلطات العمومية، في أفق التوصل إلى عقد برنامج يحدد التزامات الدولة والمهنيين. وأعدت وزارة الفلاحة دراسة معمقة ستكون أرضية لوضع استراتيجية جديدة للنهوض بقطاع اللحوم الحمراء، بحيث سيكون على الفيدرالية الجديدة التفاوض مع الوزراء من أجل إغناء تلك الاستراتيجية، التي يفترض أن تستجيب لانتظارات متباينة بين المنتجين والتجار والمصنعين، إذ سيتوجب عليها زيادة مستوى الإنتاج ومعالجة المشاكل التي يواجهها تهييء اللحوم والتسويق والتصنيع. ويأتي تشكيل هذا التنظيم في سياق متسم بانخراط المغرب في مفاوضات فلاحية مع الاتحاد الأوروبي، وهي المفاوضات التي يرتقب أن تفضي إلى التخفيف التدريجي من الحماية التي يستفيد منها قطاع اللحوم الحمراء في السوق الداخلية، مما يقتضي تنمية الإنتاج في سبيل الحد من ارتفاع الأسعار وضمان تنافسية أكبر لمنتوج اللحوم الحمراء المغربية. وسيتوجب على الفيدرالية البيمهنية تدليل العقبات التي تحول دون الرفع من الإنتاجية التي ستمكن، حسب مسؤولين من وزارة الفلاحة، من ولوج الأسواق الخارجية، مما يقتضي معالجة مشكل صغر القطعان وتجاوز الطابع التقليدي للإنتاج ورفع المستوى التقني للمربين وتوفير الأعلاف. في نفس الوقت ينتظر أن يفضي التأهيل، الذي سينخرط فيه القطاع، إلى معالجة المشاكل التي يواجهها التسويق والتصنيع وإعادة النظر في طريقة عمل المجازر،غير أن ثمة ملف يقتضي معالجة سريعة يتمثل في محاربة المجازر السرية لما لها من آثار سلبية على القطاع المنظم وصحة المستهلك،علما أن التسويق فيه يتميز بتعدد الوسطاء والمضاربين، وغياب الشروط الصحية لتهييء اللحوم. ويصل الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء في المغرب إلى 400 ألف طن بقيمة 20 مليار درهم، ويبلغ الاستهلاك الفردي السنوي 11 كيلوغراما، ولا يتعدى استيراد اللحوم الحمراء 10.4 آلاف طن في السنة. ويبلغ عدد مربي الماشية في المغرب 1.1 مليون، أي 74 في المائة من مجموع الفلاحين.