ترتبط صورة الرياضيين في ذاكرة المتتبعين بما يقدمونه من أداء فوق أرضية الميدان، وما يحققونه من ألقاب، لكن خلف هذا الوجه الرياضي، هناك وجه آخر خفي. في هذه السلسلة من الحوارات تقدم «المساء» للقارئ ما لا يعرفه عن الرياضيين. - كيف اخترت كرة القدم مهنة بعد أن كانت مجرد هواية؟ < كنت في طفولتي ألهو كثيرا وأمارس كل الألعاب المتاحة، بل إنني كنت بطلا في جميع الأنواع بما فيها كرة القدم والجري وحتى «الطرومبية والبي»، هذه البطولة يقابلها تأخر دراسي خاصة في الصف الابتدائي، ربما كنت آخر من تتوقع والدتي استكماله للدراسة، لكن في الإعدادي تغير كل شيء، حيث استطعت أن أوفق بين شيئين نادرا ما يتم التوفيق بينهما، الكرة والدراسة. - هل كان لعب الكرة محظورا داخل الأسرة؟ < كان خالي حارس مرمى من الطراز الرفيع، بل إنه وقف في مرمى الاتحاد البيضاوي أيام العز، حيث شكل أحد ركائز الفريق الكبير الذي كان يتكون من فرحات والصفوي وقاسمي وغيرهم من الأسماء التي كان يدربها العربي الزاولي رحمه الله، ولي شقيقان يكبراني وهما محمد وأحمد لعبا للاتحاد الزموري للخميسات، وبما أنني آخر العنقود فإن تأخرهما في الدراسة ساهم في منعي من ممارسة كرة القدم بقرار من والدتي، لكنني تمكنت من تجاوز كل المخاوف والتألق كرويا ودراسيا أمام استغراب أسرتي. - لكن كيف انتقلت إلى الوداد البيضاوي؟ < القليل يعرف بأن شقيق محيي الدين خالف كان يشغل مهمة أمين مال اتحاد الخميسات لفترة طويلة جدا، ونظرا للعلاقة التي تربطه آنذاك بمصطفى البطاش الذي درب الخميسات أيضا، فقد اتفقا على إجرائي لاختبار تقني مع الفريق البيضاوي وكان عمري حينها 18 سنة، توفقت في الاختبار وتم تسجيلي بثانوية مولاي إدريس، لكن والدتي ظلت تلح على الدراسة وقالت لي مرارا « بعد حصولك على الباكلوريا يمكنك أن تلعب الكرة»، سيما في ظل التخوف من الفشل التعليمي، تصور أنني اجتزت الباكلوريا في نفس الموسم الدراسي جنبا إلى جنب أخي الذي كان يكبرني بأربع سنوات، وشقيقتي، وقدر لي أيضا في عام «الباك» أن أدرس في مدينة وجدة. - من هم اللاعبون الذين جاوروك في تلك الفترة؟ < في نفس الموسم جلب المكتب المسير للوداد الحارس بادو الزاكي، وفي شبان الفريق كنا نشكل مجموعة قوية تتكون من الزموري والكانة وكمال وجلال وهو لاعب توقف نهائيا عن الممارسة، وضعيف والهيدة وبودربالة وامجيدو وعبد الوهاب سحيتة شقيق عبد المجيد وكان لاعبا كبيرا، وطبعا مومن حسن. - كانت وجهتك إذن هي الجامعة طبعا؟ < لأنني نلت الباكلوريا تخصص علوم تجريبية، فقد التحقت بكلية العلوم تخصص فيزياء وكيمياء، بعد سنتين التحقت بمعهد مولاي رشيد قضيت فيه أربع سنوات، وبعد ذلك اشتغلت عاما واحدا كمجند في إطار الخدمة المدنية، وكنت حينها مدرسا للتربية البدنية في واويزغت بإقليم أزيلال، وكنت أنتقل من هذه القرية إلى الخميسات كل أسبوع من أجل خوض مباريات البطولة الوطنية، أيضا قضيت موسما واحدا في المدرسة العليا للأساتذة، وفي موسم 1989/1990 أنهيت مشواري الدراسي وأصبحت أستاذا للتربية البدنية قبل أن أعود إلى قطاع الشبيبة والرياضة وأغادر وزارة التعليم. - لكن طموحاتك كانت أكبر من مدرس تربية بدنية؟ < لقد لعبت الصدفة دورا كبيرا في حياتي فقد أجتزت اختبارات معهد مولاي رشيد عن طريق الصدفة، لأنني كنت أرافق صديقين طلبا مني أن أذهب معهما إلى الرباط من أجل الاختبار السالف الذكر، وعلى الفور فكرت في دخول الامتحان لأنجح ويرسب رفيقاي، كما رسبت بدوري في اختبار ولوج معهد الحسن الثاني للفلاحة والبيطرة، لأنني كنت أريد أن أتحول إلى مهندس فلاحي، ورسبت ثانية في اختبارات ولوج كلية الطب ربما لأن الرياضة هي قدري. - لماذا؟ < لأنني عثرت على ضالتي في معهد مولاي رشيد، فالأشياء التي كانت مكبوتة في حياتي أصبحت متاحة، والكرة تحولت من فعل محضور إلى معيش يومي، لهذا كنت أمارس مهنة أعشقها فكان من الطبيعي أن أسير فيها بخطوات وئيدة. - ألم تفكر في اجتياز سلك الجيش؟ < منعتني والدتي من ولوج الثكنات ولو من أجل الدراسة لأن والدي رحمه الله كان جنديا في الجيش المغربي برتبة رقيب، ومات رحمه الله سنة 1959 برصاص غادر في ما يعرف بأحداث وجدة، وحين أصرت والدتي على منعي من حمل البدلة لأنها تعني ما تعني بهذا المنع. - ما هي اهتماماتك الأخرى بعيدا عن ملاعب الكرة؟ < لي علاقة وجدانية مع البستنة، وأجد ضالتي في قص الأغصان وتشجيب الورود، لهذا فإن الخدوش التي تراها في يدي تؤكد هذه الهواية الجميلة. - أقصد ما هي مشاريعك بعيدا عن الكرة؟ < لحد الساعة ليس لي المال الكافي لإنجاز مشروع تجاري، لكنني أفضل أن أحقق حلم بناء مركز للتكوين، عبارة عن مركب رياضي كبير من أجل تكوين النشء من جهة، وتكوين المدربين أيضا، هذه رغبة لكن متى ستظهر للوجود العلم عند الله.