سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نساء الخارجية الفرنسية يتهمن زملاءهن الرجال بمحاولة إقصائهن من المناصب الدبلوماسية يتهمن الوزارة بخرق معاهدة الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال الميز ضد المرأة
لا تمثل النساء إلا نزرا قليلا من سفيرات فرنسا وسامي موظفي خارجيتها رغم أن معاهدة المساواة المهنية وتكافؤ الفرص تنص، في شقها الخاص بوزارة الشؤون الخارجية والأوربية، على أن «سياسة الموارد البشرية لهذا القطاع يجب أن تهدف إلى خلق جو محفز على العمل قائم على أساس احترام مبدأ المساواة بين النساء والرجال والتعددية، مع انتهاج تدبير عقلاني للكفاءات». ويبدو أن مقتضيات هذه المعاهدة بقيت حبرا على ورق فيما يتعلق بالخارجية الفرنسية. إذ لم تكن النساء تمثلن سنة 2007 سوى 42 في المائة من إجمالي موظفي هذه الوزارة، مع تسجيل تباين كبير في هذه النسبة من فئة معينة من الموظفين إلى أخرى. فرغم أن النساء يمثلن 68.4 في المائة من مجموع موظفي الخارجية المصنفين في الدرجة «ج»، الأقل أهمية، فإنهن لا يجسدن إلا 23.3 في المائة من موظفي الدرجة «أ»، المؤهلين مبدئيا لتولي المناصب السامية، وفي مقدمتها مناصب في السلك الدبلوماسي، في حين تبلغ نسبتهن من بين موظفي الدرجة «ب» 36.3 في المائة. وكان فريق مكون من باحثين في علم الاجتماع من معهد العلوم الاجتماعية للشغل، خلص إلى أن إنصاف النساء فيما يخص تولي المناصب الدبلوماسية رفيعة المستوى للنساء لا يزال إشكالية يستعصي حلها في فرنسا. وجاء في بحث ميداني أنجزه هذا الفريق أن: «تعيين النساء يكون على رأس السفارات الفرنسية في بعض الدول الصغيرة، والتي لا تكون علاقاتها مع باريس ذات أهمية كبرى على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية. مارسيل كامبانا، التي تعتبر أول سفيرة في تاريخ فرنسا، تم تعيينها في سنة 1972، بباناما. ولم يتم، إلى حدود الساعة، تعيين أي امرأة سفيرة في الدول الإستراتيجية بالنسبة إلى فرنسا مثل ألمانيا، المملكة المتحدة، إسبانيا، إيطاليا، روسيا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، اليابان، الهند أو الصين. كما أن فرنسا لم تعرف، في تاريخها، أي وزيرة أو كاتبة للدولة في الشؤون الخارجية». كانت نتائج هذا التقرير قاسية على الفرنسيين، لأنها كشفت إلى أي حد لا تزال وزارة خارجيتهم بعيدة عن احترام مبدأي المساواة بين المرأة والرجل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، خصوصا إذا عُلم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، على سبيل المقارنة، عرفت منذ 1997، ثلاث كاتبات للدولة في الخارجية هن مادلين أولبرايت، وكوندوليزا رايس، ثم هيلاري كلينتون، التي تتولى هذا المنصب في الوقت الراهن. كما أن واشنطن عينت أول سفيرة في تاريخها سنة 1949 بالدانمارك، بينما انتظرت باريس بعد ذلك قرابة ربع قرن لتحقق إنجازا من هذا القبيل بتعيين كامبانا سفيرة في باناما بعد قضائها خمس سنوات على رأس القنصلية الفرنسية بمدينة تورونتو الكندية. لا يزال ولوج النساء إلى المناصب السامية بوزارة الخارجية استثناء من القاعدة، رغم أن برنار كوشنير، وزير الشؤون الخارجية والأوربية، عبر، في أكثر من مناسبة، عن عزمه الرفع من نسبة النساء اللواتي يتحملن مسؤوليات كبرى في وزارته، لكن لا شيء من هذه النوايا تحقق على أرض الواقع إلى حدود الآن. ومع ذلك، فإن الفرنسيات لا يخفين تثمينهن لمجهودات كوشنير، لأن عدد السفيرات وصل في عهده إلى 17 سفيرة، بصرف النظر عن أهم العواصم التي عُينَّ فيها، وهو رقم هام إذا قورن بسنة 1983، التي كانت فرنسا تتوفر فيها على 3 سفيرات فقط. غير أن خبراء معهد العلوم الاجتماعية للشغل فجروا مفاجأة من العيار الثقيل عندما قالوا إن أغلبية المناصب الدبلوماسية التي تسند إلى النساء تكون محفوفة بالمخاطر، وتهم تمثيليات فرنسا في دول غالبا ما تكون منفلتة أمنيا وغير مستقرة سياسيا. كما أن زملاءهن الرجال لا يسهلون مأمورياتهن بدليل أن معظم الاجتماعات الأكثر أهمية في الوزارة تمتد ساعات طويلة وتستمر إلى ساعات متأخرة من الليل، وهو أمر لا يناسب موظفة متزوجة ولها أبناء، وإن تعلق الأمر بالمجتمع الفرنسي، وهو ما كشفت عنه، آن كازو سوكري، كبرى الدبلوماسيات الفرنسيات مرتبة وأكثرهن تجربة، في تظاهرة نظمتها «نساء الكي دورساي» أمام وزارة كوشنير، في 5 ماي 2005، أي قبل 3 أيام فقط من الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة في تلك السنة. وبلغت احتجاجات النساء على كوشنير أوجها في سنة 2007، حينما أعلنت وزارة الشؤون الخارجية والأوربية عن فتح باب الترشيح لشغل منصب ملحق مكلف بالتعاون بسفارة باريس بالعاصمة السعودية الرياض، مشترطة أن يكون المترشحون ذكورا، بدعوى خصوصيات المجتمع السعودي، الشيء الذي أثار حفيظة غالبية النساء، وهاجمت برلمانية، تمثل الجالية الفرنسية المقيمة بالخارج، وزارة كوشنير، واتهمتها بخرق بنود معاهدة الأممالمتحدة للقضاء على جميع أشكال الميز ضد المرأة، خصوصا وأن المملكة العربية السعودية نفسها وقعت على هذه المعاهدة في شهر شتنبر 2000. وأمام تعالي الأصوات المستنكرة لحرمان النساء من الترشح لشغل منصب في الإدارة العمومية، وهو حق مكفول لجمع المواطنين طبقا للمساطر القانونية الجاري بها العمل، اضطرت وزارة الشؤون الخارجية والأوربية إلى تعديل نص الإعلان وشروط الترشح لشغل منصب ملحق مكلف بالتعاون بالسفارة الفرنسية بالسعودية، حيث فتح باب الترشيح أمام جميع المؤهلين لتولي هذا المنصب ذكورا وإناثا. ورغم ذلك يبقى هذا الأمر نموذجا للصعوبات التي تواجهها النساء لتولي المناصب السامية في السلك الدبلوماسي الفرنسي.