تزامنا مع التراجع الذي عرفته المشاركة النسائية على مستوى مراكز القرار بمجلس النواب خلال الولاية التشريعية هذه السنة، حيث تم إقصاء النساء البرلمانيات من عضوية المكتب ولم تحظين برئاسة أي لجنة قطاعية، أطلقت أربع جمعيات من الحركة النسائية مؤخرا نداء وحملة توقيعات على مذكرة من أجل مأسسة النوع الاجتماعي في السياسات المحلية، ليكون منطلقا نضاليا متجددا نحو ممارسة المساواة على المستوى القاعدي في انتظار خوض انتخابات تشريعية جديدة على أسس مغايرة تحقق مكاسب أفضل للنساء وتمنحهن فعلا مكانتهن الحقيقية في المشهد السياسي المغربي الذي يأبى إلا أن يستمر حاملا طابع الذكورية بامتياز. وأكدت هذه الجمعيات ممثلة في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب واتحاد العمل النسائي وفيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة وجمعية السيدة الحرة، أن موضوع التمثيلية النسائية في تدبير الشأن العام على المستوى المحلي والجهوي والوطني واعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في كافة خطط وبرامج التنمية المحلية، شكل مطلبا حيويا في نضال الحركة النسائية والديمقراطية. وأضافت أن تقديم هذه المذكرة هي بمثابة دعوة ومساهمة مواطنة من أجل التعجيل بتفعيل لجنة المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في المادة 14 من الميثاق الجماعي، على قاعدة تصور يهدف إلى مواجهة النقص والغموض الذي يلف النص التشريعي الذي يتضمن فقط قرار الإحداث. وأبرزت أن لجنة المساواة وتكافؤ الفرص هذه جاءت لتعزز المخططات الجماعية للتنمية وفق مقاربة النوع المنصوص عليها في الفصل 36 من نفس الميثاق، ولهذا فهي ليست منفصلة عنه ودورها الأساس يتمثل في العمل على تنمية سياسات ترابية من زاوية النوع الاجتماعي بغية تعميق المساواة بين النساء والرجال على مستوى الجماعات المحلية. وعلى هذا الأساس ترى أنه يجب أن تتوفر لهذه اللجنة ضمانات إدارية ومسطرية ولوجيستيكية ووسائل مادية وبشرية وميزانية خاصة، بما يمكنها المساهمة بفعالية في بلورة سياسة جماعية مبنية على المساواة بين الرجال والنساء في كافة مجالات العمل الجماعي سواء منها التعمير، النقل العمومي، المجال الاجتماعي والثقافي ومحاربة الفقر وسط النساء، تعميم الصحة الإنجابية ومحاربة العنف ضد النساء. ولكي تكون لجنة المساواة وتكافؤ الفرص في مستوى هذه التطلعات بالرغم من صفتها الاستشارية، طالبت الجمعيات بصفتها منظمات نسائية، أن لا ينحصر عملها كوحدة وظيفية منعزلة عن مهام المجلس الجماعي بل يستوجب أن تكون لها وظيفة في تعزيز وتقوية سياسة جماعية مبنية على المساواة الكاملة بين النساء والرجال. ووفقا لذلك، فإن التصور الذي طرحته هذه الهيئات بخصوص مهام لجنة المساواة وتكافؤ الفرص، يطرح ضرورة أن تشمل تقديم المشورة في كل مجالات السياسة الجماعية ،وأنه يجب في هذا الصدد اتخاذ كافة الإجراءات لتسهيل مساهمة النساء في الاجتماعات، وإدماجهن في تدبير المخطط الجماعي من التشخيص إلى التقويم، والسهر على تفعيل مقتضيات الشراكة الواردة في الميثاق مع الجمعيات بصفة عامة والجمعيات النسائية بصفة خاصة وباقي المكونات الفاعلة في المحيط، وإنشاء مركز لتكوين القيادات المحلية والفاعلين في تدبير الشأن العام المحلي يدمج مقاربة النوع. هذا فضلا عن اقتراح مشاريع تهم السياسة التنموية على مستوى الجماعة، وأن تيسر لها إمكانيات التعاون مع اللجن الأخرى، والعمل على نشر ثقافة المساواة في المحيط العام للجماعة وجعل هذه الثقافة حاضرة بشكل عام خارج التواريخ التي يتم الاحتفال فيها بالنساء أي جعل المساواة قضية اليومي داخل الجماعة، وكذا اعتماد منهج عمل يسير في اتجاه توسيع قاعدة المشاركة والانفتاح على طاقات أخرى خارج الشرعيات الانتخابية، أي توسيع قاعدة الديمقراطية التشاركية.