بادرت الشركتان العقاريتان «مهابيتش» و«أسمير أنفيست»، بواسطة محاميّيْهما، إلى رفع دعوى قضائية لدى القضاء الاستعجالي في المحكمة الإدارية في الرباط ضد كل من عمالة المضيق -الفنيدق، في شخص عامل الإقليم وولاية تطوان ووزارة الداخلية، وكذا المفوض الملكي والجماعة الحضرية لمرتيل، تطالبان فيهما رئيس المحكمة الإدارية في الرباط بإصدار أمر استعجالي بإجراء خبرة علمية حول الأشغال المنجزة في البناء المقام في كل من منطقة «كابونيغرو» وفي مدخل مدينة مرتيل، حيث أدرجت القضية لجلسة 3 نونبر 2010 في الملفين تحت الرقمين: 748/1/2010 و749/1/2010. وقد أصدر المجلس البلدي لمرتيل أمرين وقعهما علي أمنيول، رئيس جماعة هذه الأخيرة تحت رقم 3982، بتاريخ 23 يونيو 2010، والآخر تحت رقم 4723، بتاريخ 15 يوليوز 2010، يقضيان بإيقاف الأشغال الخاصة في أوراش الشركتين، بناء على محاضر معاينة. واعتبر محامي الشركتين في الرسالة الموجَّهة لرئيس المحكمة الإدارية في الرباط، بتاريخ أكتوبر 2010، أن موكليه لم يرتكبا أي مخالفة وأن البناء كان منسجما مع الرخصة المسلَّمة والتصاميم الهندسية المنجزة والمصادق عليها من طرف المصالح المختصة والجماعة. ومن المرتقَب أن يعمد دفاع الشركتين إلى المطالبة بتعويض عن الضرر منذ تاريخ التوقيف، مما سيكبد ميزانية الجماعة، في حال الحكم لصالح الشركتين، أداءهما مبالغ مالية كبيرة. ويخوض عامل عمالة المضيق -الفنيدق، محمد اليعقوبي، صراعا مع عدد من المنعشين العقاريين وأصحاب بعض المنتجعات السياحية على الشريط الساحلي «تمودة بي»، حيث أقدم على توقيف أوراش البناء في عدة تجزئات سكنية وسياحية في مرتيل والمضيق وكابونيغرو، مستندا على قرارات تصفها مصادرنا ب«غير المقنعة»، نظرا إلى كونهم يتوفرون على ترخيصات قانونية للبناء صادرة عن بلدية مرتيل والوكالة الحضرية، قبل أن يتم التراجع عنها ووقف الأوراش. وتقول مصادرنا إن عمالة المضيق -الفنيدق، باعتبارها السلطة الوصية على بلدية مرتيل، «غضَّت الطرف» عن مجموعة من الخروقات القانونية في التعمير، خصوصا في عدد الطوابق في مركب سكني ضخم في مرتيل، مقابل منح هذا الأخير أكثر من 50 شقة سكنية اقتصادية للمتضررين من عملية الهدم التي شملت عدة أحياء عشوائية في المدينة السياحية، خلال فصل الصيف الماضي، بسبب انطلاق أشغال التهيئة الحضرية وتأهيل عدة شوارع فيها. وأضافت مصادرنا أن ضغوطات كبرى تُمارَس على بعض أصحاب المركبات السياحية في مرتيل وساحل «تمودة بي»، من أجل منحهم شققا مجانية لمن شملتهم عمليات هدم منازلهم العشوائية، مقابل غضّ الطرف عن بعض الخروقات التي تشوب تصاميم البناء وعدم مطابقتها للتصاميم الأولى المرخَّص لها. ويقول محدثونا إنه سبق لعامل المضيق -الفنيدق أن منع عدة شركات عقارية من البناء طيلة فصل الصيف الماضي، رغم تواجدها بعيدا عن أماكن السياح الوافدين على المدينة، مما خلَّف حالة من الشلل والعطالة لأكثر من 700 عامل بناء في كل من مرتيل والمضيق. واستغربت مصادرنا في مدينة المضيق غضَّ عامل هذه الأخيرة الطرف عن بعض البنايات غير القانونية في المضيق، تعود لمستشار في بلدية هذه الأخيرة، وبناية أخرى تعود لأخت رئيس الجماعة، حيث لم يتم إيقاف البناء فيهما إلا بعد تعيين القياد الجدد، مؤخرا، حيث قام هؤلاء بتطبيق تعليمات وزير الداخلية، والتي تنص على عدم التساهل مع البناء العشوائي ومحاسبة المتورطين فيه، كيفما كانت صفتهم أو مسؤولياتهم. وكشفت مصادرنا أن أحد المسؤولين الكبار في عمالة المضيق -الفنيدق رفض تسلم نسخة من استدعاء حضور الجلسة القضائية من مفوض قضائي، بدعوى أن «عمالة الإقليم ليست مسؤولة عن إيقاف الإشغال». فيما تعيش الجماعة الحضرية لمرتيل على وقع زيارات لجان التفتيش المستمرة التي وقفت على العديد من الخروقات التي شابت الكثير من الملفات، سواء في عهد المجلس السابق الذي كان يسيره الاتحادي محمد أشبون، أو في عهد المجلس الحالي. وقد أكدت بعض المصادر للجريدة أن من بين ما وقفت عليه هده اللجنة غياب بعض الوثاق من العديد من الملفات، وخاصة تلك المتعلقة بشواهد التقسيم والإعفاءات. وكان المجلس الجهوي للحسابات في طنجة قد قام، هو الآخر، بزيارات تفتيشية لمقر بلدية مرتيل خلص بعدها إلى إنجاز تقرير من أكثر من 90 صفحة يتضمن ما يزيد على 170 سؤالا حول بعض التفويتات التي لم تحترم المساطر القانونية وطرق تسيير بعض المرافق الجماعية. وتعيش الجماعة الحضرية لمرتيل، منذ إلحاقها بعمالة المضيق -الفنيدق شبه شلل تام في ميدان التعمير القانوني، في الوقت الذي يعرف قطاع البناء العشوائي تفشيا كبيرا في كل من أحياء «الديزة» و«فم العليق» و«الملاليين» وغيرها من أحياء المدينة وضواحيها. وتشير مصادرنا المطلعة إلى أن ثمن تسقيف طابق منزل يبلغ لوحده 8000 درهم، الأمر الذي أضاع على خزينة جماعة مرتيل مبالغ كبيرة. وفجَّر النائب الأول لرئيس المجلس البلدي لمرتيل، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، «قنبلة» من العيار الثقيل، خلال دورة أكتوبر العادية الأخيرة، حين اتّهم السلطة المحلية مباشرة بتشجيع البناء العشوائي، مؤكدا أنه «في الوقت الذي كانت الجماعة تستخلص واجبات رُخَص التعمير، رغم ما يكون قد شاب ذلك من أخطاء، فإن هذه المبالغ الآن أصبحت تذهب مباشرة إلى جيوب البعض». وطالب النائب الأول لرئيس المجلس البلدي لمرتيل ب«محاسبة المسؤولين»، كما طالب ب«الإسراع في إخراج وثائق التعمير إلى حيز التطبيق، بشكل عاجل، لأنه، حسب قوله، فإن «الوضعية الاجتماعية التي تعيشها المدينة وسكانها وتوقف أعمال البناء وما يرتبط بهذا القطاع أصبح يؤثر، بشكل كبير، على الرواج الاقتصادي للمدينة». وتشير المصادر ذاتها إلى وجود «تضايق كبير بين صفوف أعضاء المجلس البلدي لمرتيل»، جراء طريقة التعامل التي يمارسها عامل المضيق -الفنيدق وتعديه على اختصاصات المجلس البلدي ومعالجته غير المتوازنة لهموم وقضايا المواطنين. ومن المتوقَّع أن تشهد الأيام المقبلة «مفاجآت» كبيرة قد تطيح بالعديد من الرؤوس على المستويَيْن المحلي والإقليمي.