كثرت القضايا التي تتعلق بنزع الملكية بالمحاكم الإدارية المختصة بالنظر في النزاعات الناشئة عن تطبيق قانون نزع الملكية والاحتلال المؤقت، وبما أنه من الواجب على القضاء أن يستوعب هذه الأمور ويطور رقابته في هذا الصدد؛ بهدف خلق توازن يوفر حماية حقيقية للملكية الخاصة، وبالرغم من أن أساس نزع الملكية حسب القانون المغربي هوالمنفعة العامة، إلا أن الأساس الذي بني عليه هذا النظام قد يضر بمصالح الخواص ممن يعيشون حالة من الاستقرار ليستيقظوا على قرار إزالة بيوتهم بقوة القانون، وبثمن رمزي لا يساوي حتى ثمن الأرض التي بنيت عليها البيوت، كما يحدث الآن مع أسر 11 حيا سكنيا بجماعة تمارة الحضرية بعمالة الصخيرات-تمارة؛ التي تعيش تحت التهديد بالافراغ بتعويض وصفوه بالهزيل من مساكنهم الواقعة في الملك المسمى (يحيى، عبد اللطيف، الرجاء، النمصية ،2 الحجرية، الحجار الحمري، النمسية، مرزاق، الركالي،2 ورثة بلمين الجعفري) سكنوها منذ أكثر من ستة وعشرين سنة. وتندرج عملية إعادة إسكان هؤلاء في إطار إنجاز مشروع مندمج لإعادة إسكان قاطني دور الصفيح، في حين تؤكد مصادر مطلعة أن الأمر يتعلق باستثمارات تجارية بالمنطقة. هذا وسبق لنشرة مرصد الرشوة الإلكترونية في عدد غشت 2008 أن أشار إلى الطعون في نزع ملكيات الخواص، والتفويتات المشبوهة للأملاك العمومية، والتي تتجاوز فيها الدولة صلاحيتها وتعتدي على الملكية الخاصة، وفي تطوان اشتكى مالكون لدى المحكمة الابتدائية و لدى رئيس جماعة زاوية سيدي قاسم من تصرفات شركة الإنعاش العقاري والسياحي1؛ التي اغتصبت أراضيهم الخاصة بدون حق. وبأكادير تتم يتعلق الأمر بـ900 هكتار نزعت ملكيتها من قبل سلطات المدينة قصد إنشاء مصنع للإسمنت، ويتجلى المشكل في تقدير سعر المتر المربع من طرف واحد بـ 50,1 درهم للمتر المربع، وهو ما رفضه المالكون قطعيا وسنأتي على أمثلة لهذه التجاوزات في ما بعد. قضية اليوم نموذج لحكم قضائي صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة رقم 10 تاريخ: 06/03/2007 ملف رقم 09/07 س (منشور بمجلة المحاكم الإدارية ع.3 التي أصدرتها وزارة العدل ماي 2008)، أثبت فيه هذه الأخيرة أن عدم سلوك الإدارة لمسطرة نزع الملكية قبل وضع يدها على عقار الغير يجعلها في حالة اعتداء مادي طبقا للقانون رقم 7/81 الصادر بتاريخ 6 ماي 1982 أومسطرة الاقتناء بالمراضاة، فماهي حيتياث هذه القضية ؟ وماهي أهم الأضرار التي يتعرض لها الخواص بسبب نزع ملكيتهم لأجل المنفعة العامة؟ وما حدود المنفعة العامة ؟ أشغال في ملك الغير فوجئ ورثة القطعة الأرضية موضوع الرسم العقاري عدد 70566/02 المعروفة باسم شرفة ,411 الكائنة بطريق سيدي يحيى بوجدة؛ قرب إقامة المنار البالغة مساحتها 82 آر و17 سنتيار حسب الثابت من شهادة الملكية المستخرجة من الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بوجدة في شهر يناير 2007؛ بأشغال حفر الأساس تجري في قطعتهم المذكورة، وبعد التحري أخبروا بأن وزارة التربية الوطنية ونيابتها الإقليمية بوجدة، وكذا الأكاديمية الجهوية للتعليم بوجدة هي التي تقوم بأشغال الحفر بغاية بناء مدرسة، فقاموا بعد ذلك بإجراء معاينة ميدانية مجردة من قبل مفوض قضائي، أثبت في محضره حقيقة وجود أشغال الحفر لتشييد الأساس في جهة من القطعة، ووضع الأساس المذكور من جهة أرى.وكما هو معلوم فحق الملكية مضمون دستوريا حسب الفصل ,15 ولا يمكن نزعه أوالحد منه إلا وفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وبالتالي فالأمر هنا يتعلق باعتداء مادي على ملك الغير، بحيث إن الإدارة القائمة بالأشغال قفزت على جميع المقتضيات والمساطر، سواء الإدارية منها أوالقضائية المنصوص عليها في قانون نزع الملكية، لذلك فمطلب المدعين هو إيقاف الأشغال الجارية . عدم احترام الإجراءات لم تحترم وزارة التربية الوطنية، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مسطرة نزع الملكية بشكل قانوني، وشرعتا في بناء مدرسة على قطعة أرضية دون علم أصحابها، فدفعت بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبث في الطلب، وبعدم القبول لعدم قانونية محضر المعاينة، إلا أن المحكمة، وبعد التأمل، أكدت على أن الاجتهاد القضائي قد استقر على أن القضاء الإداري هو المختص للبت في قضايا رفع الاعتداء المادي، وبما أن القضاء الإداري هو المختص للبت في قضايا رفع الاعتداء المادي، وبما أن قاضي المستعجلات الإداري يستمد اختصاصه النوعي من محكمة الموضوع؛ فإنه يكون مختصا بذلك للبت في طلب إيقاف الأشغال إذا ما ثبت له أن الأمر يتعلق فعلا باعتداء مادي، لاسيما وأن استمرار أشغال البناء سيحدث تغييرا على الأرض يصعب تدارك نتائجه، وهو الاتجاه الذي سارت عليه المحكمة لتصدر حكما بإيقاف الأشغال التي تقوم بها وزارة التربية الوطنية ونيابتها الإقليمية بوجدة، وكذا الأكاديمية الجهوية للتعليم بوجدة فوق أرض الطالبين، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادتين 7و19 من القانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية. نزاعات هنا وهناك ذكرت نشرة مرصد الرشوة الإلكترونية في الفصل الخاص بنزع الملكية نزاعا فاضحا في المضيق بين عائلة الرزيني التابعة لصندوق الإيداع والتدبير تنمية، بخصوص بقعة تبلغ مساحتها 124 هكتارا؛ تعود ملكيتها إلى أحباس خاصة للزاوية أحباس ليلة القدربالمضيق. تملك عائلة الرزيني حق الانتفاع من هذه البقعة إلى الأبد منذ سنة ,1922 واستنادا على هذا الحق، أرادت إنجاز مشروع سياحي فوق هذه البقعة تحت اسم la joya del mediterano مع شركاء سويديين، لكن أعضاء العائلة علموا أن القطعة الأرضية هي موضوع مشروع آخر تحت اسم tamuda ills و تتزعمه ميدز بمباركة السلطات المحلية.ويشتبه اليوم -حسب المصدر ذاته- في تورط كل من عامل المضيق، ومحافظ الأملاك العقارية في هذه القضية التي عادت إلى الواجهة من جديد بنشر مرسوم بالجريدة الرسمية الصادرة في 27 فبراير 2008؛ يتعلق بنزع ملكية الأحباس ليلة القدر؛ لأجل المنفعة العامة من طرف شركة التهيئة العمران البوغاز لكن الضرر الذي لحق بعائلة الرزيني كان قد حصل قبل نشر المرسوم المذكور . و يبين هذا المثال بوضوح صحة التوصية التي جاءت بها دراسة البنك الدولي حول العقار، والداعية إلى إقامة نظام فعال يؤمن حقوق الملكية لتشجيع الاستثمار والأنشطة المنتجة على وجه الخصوص. مشروع أبي رقراق الاستثماري لازالت قضية نزع الملكية لإنشاء مشروع أبي رقراق محور جدل منذ أسابيع عديدة، مما جعل العديد من المحامين، والفعاليات الحقوقية تتضامن مع ملاك هاته الأراضي، والذين يرفضون أن تنزع الدولة أراضيهم بهذا الشكل.وكان رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب طارق السباعي قد أكد خلال ندوة بالرباط حول نزع الملكية وحدود المنفعة العامة في علاقتها بالتنمية، أنه بصدد إعداد مذكرة مفصلة حول الخروقات التي ارتكبتها وكالة تهيئة ضفتي أبي رقراق، ستوجه إلى الوزير الأول، وستتضمن دعوة لمراجعة ظهير 2005 المتعلقة بالوكالة، ومطالبة لعباس الفاسي بعدم التوقيع على مرسوم المصادقة على تصميم التهيئة، والذي تشير التوقعات إلى احتمال صدوره في منتصف العام المقبل. كما شدد المحامي بهيئة الرباط عبد الواحد بنمسعود، خلال الندوة على أن المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعويض عن نزع ملكية الأراضي عند توفر المنفعة العامة؛ يغيب عنها التنصيص على مسألتين أساسيتين تؤكد عليهما الشريعة الإسلامية، وهما التعويض العادل والفوري. ويشكل القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وبالاحتلال المؤقت الصادر بتنفيذه الطهير الشريف رقم 254,81,1 بتاريخ 11 رجب 1402 (6 ماي 1982)، وكذا المرسوم رقم 382,82,2 المؤرخ في 2 رجب 1403 (16 ابريل 1983) الصادر بشأن تطبيق القانون المذكور والمنشورين بالجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 (15 يونيه 1983) الإطار القانوني لنزع الملكية.وتتكون المرحلة الإدارية لنزع الملكية من عدة إجراءات يلتزم نازع الملكية بالقيام بها، وتخضع لمراقبة القضاء في إطار المسطرة القضائية لنزع الملكية، وتتجلى هذه الإجراءات في الإعلان عن المنفعة العامة وإخضاع مقرر التخلي للبحث الإداري وإبرام الاتفاق بالتراضي بين المالك ونازع الملكية، إلا أن الذي يحدث من خلال العديد من القضايا المتراصة بالمحاكم أن نازع الملكية لا يتبع هذه المسطرة، مما جعل المتخصصين يعتبرون أن قانون 781 يقضي بأن الضرر الذي يمكن التعويض عنه أثناء نزع الملكية للمنفعة العامة هو الضرر الحالي، دون أن يمتد التعويض إلى كل من الضرر غير المحقق، والضرر غير المباشر، والضرر المحتمل. فتجاهل على اعتبار أن الأساس الذي ينبغي أن يتوجه إليه نظام نزع الملكية هو منح تعويض عادل، وإثبات المنفعة العامة المرجوة من هذا النزع. --- تعليق حق الملكية مقدس يحميه الدستور تتلخص وقائع هذه النازلة في كون النائب الإقليمي حصل على موافقة على الاعتمادات الخاصة بإنشاء الموافقة، ودون سلوك مسطرة نزع الملكية المطلوبة قانونا، شرعت الوزارة والنيابة الإقليمية بوجدة في بناء مدرسة على القطعة الأرضية موضوع النزاع؛ ذات الرسم العقاري عدد 02/70566 المسماة شرفة,411 الأمر الذي فوجئ به الطالبون بإيقاف الأشغال، حيث شرعت الإدارة ضدا على القانون المتعلق بنزع الملكية في حفر الأساس بهدف بناء مدرسة، حيث قام على إثر ذلك، وبطلب من المالكين للبقعة المذكورة، أحد المفوضين القضائيين بإجراء معاينة ميدانية أثبتت من خلالها الاعتداء المادي الذي قامت به الإدارة على بقعة الطالبين، الأمر الذي دفعهم إلى التقدم بمقال استعجالي أمام الجهة المختصة التي هي المحكمة الإدارية بوجدة؛ بصفته قاضيا للأمور الاستعجالية. -وسائل دفاع المالكين للبقعة موضوع الاعتداء المادي -حق الملكية حق مقدس يحميه الدستور المغربي في فصله الخامس. -لا يمكن نزع هذا الحق من صاحبه إلا وفق إجراءات شكلية ومسطرية ينص عليها القانون. -لا يجوز نزع الملكية إلا لمصلحة عامة خدمة لمرفق عمومي. -من غير المقبول أن تعطل الإدارة تطبيق القانون في جانب حماية حق الملكية، وتقفز على قانون نزع الملكية. -وسائل الإثبات المعتمدة إثباتا لصفة الطالبين في الدعوى، تقدم هؤلاء بطلب إيقاف الأشغال بشهادة الملكية لإثبات ملكيتهم للبقعة موضوع النزاع. -محضر معاينة مجردة قام بها أحد المفوضين القضائيين مرفقة بصور لإثبات واقعة الاعتداء المادي. كما أدلى الطالبون أثناء سريان الدعوى بمحضر استجواب إنذاري وليد أمر قضائي؛ تعزيزا و تقوية لطلبهم. - وسائل دفاع الإدارة، والتي هي والعدم سواء. أدلت الإدارة بمجموعة من الدفوعات لتبرير موقفها الغير المطابق للقانون، ووتتجلى في: -الدفع بعدم الاختصاص مدعية أن قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الإدارية غير مختص. -الدفاع بعدم القبول شكلا لكون الطالبين أدلوا فقط بمعاينة مجردة. -الموافقة على الاعتمادات من طرف وزارة التربية الوطنية لشراء الأرض، وبناء مدرسة عليها. وقد رد دفاع الطالبين بإيقاف الأشغال بمجموعة من الدفوعات المؤسسة من الناحية القانونية والواقعية، والتي اعتمد عليها رئيس المحكمة في تعليله لما رد الدفاع بعدم الاختصاص؛ على أساس أن العمل القضائي سار في اتجاه أن القضاء الإداري هو المختص في قضايا الاعتداء المادي، وأن استمرار البناء سيحدث تغييرا على الأرض، ويصعب تدارك نتائجه، مما يجعل عنصر الاستعجال قائما في نازلة الحال، ويجعل قاضي المستعجلات مختصا. كما رد رئيس المحكمة على الدفاع بعدم القبول شكلا معتمدا على كون طالبي إيقاف الأشغال أدلوا للمحكمة باستجواب إنذاري وليد أمر قضائي، كما اعتمد رئيس المحكمة في تعليل للحكم لفائدة المدعين على إقرار الإدارة بوضع يدها على البقعة موضوع النزاع؛ دون سلوك المسطرة القانونية المتعلقة بنزع الملكية، وقضى رئيس المحكمة على إثر ذلك لفائدة المالكين الشياع في مواجهة الإدارة؛ منصفا إياهم بإيقاف الأشغال. وتجدر الإشارة في نهاية هذا التعليق إلى أن كل مواطن تعرضت ملكيته لاعتداء مادي؛ دون سلوك الإدارة لمسطرة نزع الملكية له الحق في سلوك مثل هذه المسطرة الاستعجالية موضوع هذه المناقشة؛ كإجراء احترازي؛ استعجالا لدرء الخطر المحذق بعقاره، ولو تعلق الأمر بمنفعة خاصة كما هو الأمر في نازلة أبي رقراق، موضوع المحاكمة الإعلامية والحقوقية خلال هذه الأيام، لأن الانتهاك يكون أخطر عندما يتعلق الأمر بفئة عريضة من المواطنين اللذين من حقهم اللجوء إلى القضاء الإداري للمطالبة بالتعويض العادل