كيف استطاع عسكريون وأمنيون الحصول على رخص للزواج في المرة الأولى، والثانية وحتى الثالثة من إدارة الدفاع الوطني أو الإدارة العامة للأمن الوطني؟ سؤال تطرحه زوجات يقمن بمدينة طنجة يجدن أنفسهن خارج القانون، وبالتالي فأبسط حقوقهن وحقوق أبنائهن الشرعية، كالتسجيل بدفتر الحالة المدنية، غير مضمونة، بعدما تبين لهن أنهن ضرائر لزوجات أخريات قد يكون لهن أولاد آخرون من نفس الأزواج... تحولت حياة سيدة متزوجة بمدينة طنجة، تدعى «ا ت»، من شاب عسكري يعمل بالثكنة العسكرية ببني مكادة، ويدعى «س ب»، إلى جحيم، بعدما اكتشفت بأنه متزوج بامرأة أخرى لها ثلاثة أبناء، بينما صرح للسلطات العسكرية عندما كان يريد الزواج منها بأنه مازال عازبا. وتقول هذه السيدة ل«المساء» إنها لما حاولت استفسار زوجها، الذي يعمل بالثكنة العسكرية الواقعة بمقاطعة بن مكادة، عن هذا الأمر، قام بتكبيل يديها بالأصفاد، وشرع في ضربها في مختلف أنحاء جسمها، ولم يراع ظروف حملها جنينا في شهره الثالث، في محاولة منه لإسقاطه، كما قام بإشهار مسدسه في وجهها مهددا إياها بالقتل. واستمرت حالة القهر والتعذيب، على حد وصف المشتكية، أزيد من سنة، قبل أن تصاب بصدمة أخرى، هي إقدامه على الزواج بامرأة ثالثة، حيث أقام حفل الزواج بدون إذنها، ومن غير سلوك مسطرة التعدد المنصوص عليها في القانون. «عندما يريد الزواج لا يخبر الزوجة الجديدة بأنه سبق أن تزوج وله أولاد، وتكرر هذا مع الزوجتين الأخيرتين» تصرح هذه الزوجة ل «المساء»، وتضيف أن «الأخطر من ذلك هو أنه لا يصرح بنا عند المصالح العسكرية حتى نستفيد من حقوقنا الطبيعية التي يضمنها لنا القانون». وتساءلت المشتكية عن الطريقة التي حصل بها هذا العسكري على رخصة زواجه بامرأة أخرى من السلطات العسكرية التي ينتمي إليها، مع أن مسؤوليه يدركون أنه متزوج. كما عبرت المرأة عن استغرابها لكونه تزوج بامرأة ثالثة دون أن يتم إشعارها، وكذا إشعار زوجته الأخرى بهذا الأمر. وتقول هذه السيدة إنها محرومة من كافة حقوقها مع زوجها العسكري، ذلك أنه لم يسجلها في كناش الحالة المدنية، وبالتالي فإن حقوقها الشرعية أصبحت مهددة، رغم أنها ظلت تطالبه بها منذ تاريخ زواجهما، لكنه كان يقابل مطالبها بلامبالاة وعدم اكتراث. وسبق للزوجة المتضررة أن وجهت شكاية إلى وكيل الملك تطالبه بإنصافها، وتم استدعاء زوجها العسكري للتحقيق معه، بسبب ارتكابه هذه الأفعال التي وصفتها ب»الإجرامية» في حقها، والتي قالت إنها تسببت لها في ضرر نفسي وجسدي كبيرين، كما أثرت على جنينها. قصة هذه السيدة سلطت الضوء على واقع مؤلم، تعاني منه عدد من السيدات المتزوجات بأشخاص ينتمون إلى مختلف الأجهزة الأمنية، وهناك قصص لزوجات لا يتم التصريح بهن لدى المسؤولين بالإدارة العامة للأمن الوطني، وهو ما يجعلهن محرومات من أبسط حقوقهن، كالتسجيل مثلا في كناش الحالة المدنية. وهناك قصص أخرى تفيد أن عددا من رجال الأمن لا يصرحون بوثيقة الزواج لدى مصالحهم المختصة، التي تعتبرهم مازالوا غير متزوجين، لكن واقع حالهم يفيد بأنهم متزوجون سنوات ولهم أبناء. «ح.ب» سيدة أخرى متزوجة برجل أمن برتبة ضابط ممتاز، يعمل حاليا في الرباط، تعيش واقعا شبيها بواقع الزوجة السابقة، غير أن قصة هذه الزوجة تختلف عن سابقاتها، ذلك أنها طلقت من زوجها خلال السنة الماضية، فيما الزوجة السابقة لم تستفد بعد من الطلاق الذي مازالت تسعى إلى حصولها عليه. قصة هذه السيدة المطلقة بدأت عندما أصيب ابنها بمرض استوجب خضوعه لعملية جراحية، لكنها عندما ذهبت إلى إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل معرفة إمكانية استفادة ولدها من خدمات هذا المكتب، فوجئت بكون مطلقها (خ.أ)، الذي يعمل ضابطا بالأمن الوطني، والمتحدر من مدينة الرباط، لم يصرح أصلا لدى إدارته بأنه متزوج. كما لم يصرح بأبنائه الأربعة، غير أن المفاجأة الكبرى هي عندما اكتشفت أن ملفه الإداري يشير إلى أنه مازال أعزب. وتقول هذه الزوجة المطلقة، في رسالة وجهتها إلى المدير العام للأمن الوطني، إنها أصيبت بالدهشة والصدمة بعدما أخبرها موظف بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بأن زوجها مازال أعزب، في حين أن عقد زواجها منه يشير إلى أن زواجهما تم سنة 1999، كما أن له أربعة أولاد منها كلهم ذكور، وهو ما تؤكده عدد من الوثائق التي أدلت بها لدى المصالح المختصة. وتساءلت هذه السيدة حول ما إذا كانت الإدارة العامة للأمن الوطني تراقب وتتابع رخص الزواج التي تمنحها لموظفيها، وعبرت في نفس الوقت عن استغرابها أن تمنح هذه الإدارة مطلقها رخصة الزواج دون أن تطالبه فيما بعد بوثيقة عقد القران، وهو شيء على قدر كبير من الغرابة، بل هو خرق قانوني فاضح يتحمل مسؤوليته الجميع، وتضيف المرأة. وحمّلت هذه السيدة مديرية الموارد البشرية بإدارة الأمن الوطني مسؤولية تهاونها وتقصيرها في مسؤوليتها، والذي نتج عنه حرمانها وأطفالها من حقوقهم الشرعية. وتقول الأم إن هذا المسؤول الأمني له سوابق خطيرة، أبرزها قيامه باختطاف ابنها القاصر منها، وهي القضية التي مازالت معروضة أمام أنظار المجلس الأعلى، وهي الآن مازالت تعاني نتيجة حرمانها من ابنها لمدة تزيد عن 10 سنوات، إذ هي لا تعلم مكانه حتى الآن. كما أن هناك شكايات أخرى أمام أنظار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط ضد نفس المسؤول الأمني، تتعلق بإهمال الأسرة والطعن بالزور في مستندات قانونية، وأخرى تتعلق بنزع قاصر وحرمانه من أمه، إضافة إلى عدم التصريح بزوجته وأولاده لدى الإدارة العامة للأمن الوطني.