الملك محمد السادس يهنئ أحمد الشرع بمناسبة توليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية    قطاع التعليم العالي لل"PPS" يدعو للانخراط في الإضراب الوطني العام    الناشرون ينتقدون الدعم الحكومي للصحافة ويطالبون بتغيير المعايير    جائزة الحسن الثاني وكأس للا مريم ما فتئتا تستقطبان أبرز لاعبي الغولف العالميين (مسؤول)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    هذا المساء في برنامج "مدارات" : جلسة فكرية وأدبية مع الدكتور أحمد بوحسن    الإصابة تحرم ريال مدريد من خدمات مدافعه النمساوي ألابا    المَطْرْقة.. أمطار الخير تعري واقع البنيات التحتية/وضعية الفلاحين والكسابة/النقل بالمغرب (فيديو)    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    جلالة الملك يهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا    بعد غياب لسنوات.. "الشرقي والغربي" يعيد حنان الابراهيمي إلى التلفزيون    محامي بلجيكي: إصلاح مدونة الأسرة متوازن يثبت قدرة المغرب على التحديث دون التنازل عن قيمه    المغرب العميق يعاني من تدني فرص الشغل    مجلس النواب يصادق بالإجماع على 27 اتفاقية دولية    توقيف عصابة اعتدت على مواطنين بالسلاح الأبيض في أولاد تايمة    أسعار النفط تتراجع بعد موافقة ترامب على تعليق الرسوم الجمركية    لسعد جردة : سألتقي مسؤولي الرجاء الرياضي لكرة القدم    العصبة تؤكد إجراء مباراة الوداد البيضاوي وحسنية أكادير في موعدها    خبير في النظم الصحية : الاجراءات ضد مرض الحصبة ضرورية لكنها غير كافية    الصحة العالمية : إطلاق أول تجربة لقاح ضد إيبولا في أوغندا    الصناعة السينمائية المغربية تحقق أرقامًا قياسية في 2024    بنسعيد يعلن عن تقييد مآثر جديدة    آدم أزنو ينضم إلى بلد الوليد الإسباني    كاميرا مراقبة تكشف تفاصيل اعتداء بدر هاري على زوجته السابقة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    استدعاء وزير الفلاحة للبرلمان لمناقشة أثر الامتيازات الضريبية لاستيراد اللحوم على المواطنين وأسعار الأضاحي    عبد المجيد تبون.. من رفض التطبيع إلى تبريره؟    ألباريس: العلاقات الإسبانية المغربية تعيش "أفضل لحظة في التاريخ"    جولة في شوارع الحسيمة بعد أمطار الخير.. وهذه مقاييس التساقطات    أمني يطلق رصاصتين في خنيفرة    العرائش تبرز دور "الأستاذ المبدع"    فرنسا.. بايرو ينجح في إقرار الميزانية ويفلت من حجب الثقة    آيت بودلال يلتحق بفريق "أميان"    العملاق ‬البريطاني ‬‮"‬ساوند ‬إنرجي"‬ ‬يعد ‬ببداية ‬الإنتاج ‬التجاري ‬للغاز ‬بالمغرب ‬في ‬الخريف ‬المقبل    أكادير تحتضن النسخة السابعة من معرض "أليوتيس" للصيد البحري    متى ‬ستسحب ‬سوريا ‬الجديدة ‬اعترافها ‬بالجمهورية ‬الوهمية ‬؟    جولييت بينوش تترأس لجنة التحكيم في "مهرجان كان"    ترامب يجدد دعوته لضم كندا ويعلق الرسوم الجمركية مؤقتًا    هاكرز يخترقون أنظمة مرتزقة البوليساريو ويخطون عبارة "الصحراء مغربية"    التقلبات الجوية الحادة تؤثر على الصحة العقلية للمراهقين    تنظيف الأسنان بالخيط الطبي يقلل خطر السكتات الدماغية    عقاقير تخفيض الوزن .. منافع مرغوبة ومخاطر مرصودة    انتشال جزء من جسم الطائرة بعد الكارثة الجوية في واشنطن    دول عربية تجدد رفضها تهجير سكان غزة في "رسالة مشتركة" لوزير الخارجية الأمريكي    المدير العام للمنظمة اليابانية للتجارة الخارجية: المغرب يوفر بيئة أعمال ذات جاذبية استثنائية    الرباط: تنصيب الأعضاء السبعة الجدد بأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات    التونسي الشابي مدربا جديدا للرجاء البيضاوي خلفا لحفيظ عبد الصادق    كيوسك الثلاثاء | تكلفة الإيجار بالمغرب أرخص من 118 دولة في العالم    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة الأدوية والصيدلة    رسوم صينية تطال واردات أمريكية    نظام جنوب أفريقيا يتقرب من الحكومة السورية الجديدة بعد سنوات من دعمه لبشار الأسد    مطارات المغرب استقبلت نحو 32 مليون مسافر خلال سنة 2024    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    النجمة بيونسيه تفوز للمرة الأولى بلقب ألبوم العام من جوائز غرامي    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستوى تقويم التحصيل في مادة الفلسفة لا يرقى إلى مستوى جودة التعليم
نشر في المساء يوم 26 - 10 - 2010

مع الشروع في تعميم الاشتغال ببيداغوجيا الإدماج في التعليم الابتدائي، وبعد خضوع المُدرِّسين والمدرسات في هذا السلك لدورات تكوينية في الموضوع على مستوى النيابات التعليمية،
قبل الانتقال إلى التعليم الثانوي الإعدادي ثم التأهيلي، أمسى عمل التقويم، استنادا إلى مدخل الكفايات الأساسية، ضرورة تربوية من أجل تحقيق الانسجام والتلاؤم بين مكونات المنهاج للمواد الدراسية وللأسلاك التعليمية، أيضا. لكنْ، يبدو أن الممارسة الفعلية على الأرض لا تخلو من مفارقات.
ولعل الصورة الأولى لمفارقات التقويم، عندنا، هي تلك التي تقع على مستوى التكوين الأساس للمُدرِّس. فمن المعلوم أن المدرس يقوم داخل القسم الدراسي بعمليتين متعالقتين ومتلازمتين، هما التعليم والتقويم. لكن الظاهر أن التكوين الذي يتلقاه المدرس في موضوع التقويم ليست له، داخل مراكز التكوين نفس الحمولة التي تُعطَى للتكوين على ممارسة التعليم والتعلم، فكأن المدرس المتدرب متوجه للتعليم دون التقويم أو كأنه، وهذا في أحسن الحالات، معني بالتقويم، على نحو هامشي. ولقد وقفنا على هذا الواقع من خلال تعاملنا مع مدرسين متخرجين مباشرة من مراكز للتكوين، وأيضا، من خلال الإشراف على عملية إعداد اقتراحات مواضيع بعض الامتحانات الإشهادية.
وإلى جانب هذه الصورة الأولى، ثمة صورة ثانية، تعكس مفارقة التقويم، تقع على مستوى سير عمليتَيْ التعليم والتقويم داخل منظومتنا التربوية، حيث يلاحَظ، بجلاء، أن وتيرة تطور بيداغوجيا التعليم والتعلم عندنا، ممثَّلة في المقاربات والطرائق والوسائل والاستراتيجيات التلقينية، تسبق وتتقدم على وتيرة تطور بيداغوجيا التقويم، إنْ على مستوى التصور والتنظير، أو على مستوى الممارسة والتطبيق. يكفي أن نشير، هنا، على سبيل المثال، إلى مقاربات وطرائق مثل: بيداغوجيا المشروع، الأهداف، الكفايات، الإدماج والملاءمة، التي يتم الاشتغال بها، منذ مدة، في بعض المواد الدراسية، بما فيها مادة الفلسفة، في حين ظل عمل التقويم بعيدا عن مواكبة عمل التلقين.
ربما، ترتَّب عن هذا الوضع، إذن، أن جودة التقويم لا ترقى إلى مستوى جودة التعليم والتعلم، ليس فقط لأن التقويم يُشكِّل الحلقةَ الأضعفَ ضمن الحلقات المكونة للمناهج الدراسية وإنما، أيضا، لعدم التلاؤم والانسجام بين طرائق التحصيل، المتنوعة والمتجددة، بعمق، أو بشكل سطحي، وأساليب التقويم غير المتزحزحة.
بيد أن مادة الفلسفة، إلى جانب هذه الصورة وتلك، المنسحبتين على التقويم، بشكل عام، في علاقة الأخير بالتكوين والتحصيل، ما زالت تعيش وضعية ومشكلات من الدرجة الأولى، بالرغم من بعض الاعتبار المسترجَع في السنين الأخيرة. فما تزال بعض عوائق تدريس الفلسفة في الماضي تفعل فعلها في حاضر تدريسها، اليوم. إن السؤال الأول الخالد المطروح، الذي تواجهه كمادة دراسية، ليس عندنا هنا فحسب، بل في كل مكان، يتعلق بمشروعية الوجود. وقد انضاف إلى سؤال مشروعية الوجود هذا، في زماننا، زمن العولمة، سؤال آخر هو سؤال الجدوى. ولعل هذا ما يدفع إلى التركيز على تطارح مسألتَيْ المضامين وطرائق التدريس، كأولوية، على حساب موضوع التقويم. لقد أصبح السؤال المتصدر، في زمن العولمة وطغيان التقنية المتطورة، هو: ماذا ندرس؟ وكيف ندرسه؟ لضمان تسويق الفلسفة، كمادة دراسية، والرفع من نسبة الطلب على الدرس الفلسفي داخل المؤسسة المدرسية وخارجها، أيضا.
ولعل هذا ما يفسر الاتجاه، في فرنسا حاليا وفي بلدان أوربية أخرى، نحو إرساء وترسيخ «تقاليد» و«ممارسات جديدة» للفلسفة، مثل «التفلسف في الهواء الطلق» و«مقاهي الفلسفة»، إلى جانب ما يسمى «مراكز الاستشارة الفلسفية»، بل وأكثر من هذا كله، تم الدخول في تجارب للتفكير ذي التوجه الفلسفي مع أطفال المدارس حول قضايا تستأثر باهتمام الأطفال والكبار، على السواء، تتعلق بالحياة والموت.
يبدو أن الدافع إلى هذه الممارسات الفلسفية الجديدة في فرنسا، على الأقل، هو الرغبة الجامحة في تخليص الدرس الفلسفي من القوقعة التي تم حبسه فيها، لأمد طويل، والمتمثلة في القسم النهائي للتعليم الثانوي، قسم الباكلوريا. كما يجد هذا التوجه تفسيره، أيضا، في عمل البحث عن المكانة المستحقة للخطاب الفلسفي والمعرفة الفلسفية داخل «السوق الثقافية» المعولَمة.
احتلت أسئلة مشروعية الوجود والمضامين المدرسة وطرائق التدريس، إذن، صدارة الاهتمام، ليتراجع سؤال التقويم إلى الخلف، ليصبح آخرَ ما يُفكَّر فيه ضمن قضايا تدريس الفلسفة. فلو بحث المرء، مثلا، عن «التقويم استنادا إلى المقاربة بمدخل الكفايات في مادة الفلسفة»، لن يجد ما يشفي الغليل. لكنْ، هل يمكن ترسيخ وتوسيع تدريس الفلسفة وتطوير مضامين وطرائق تدريسها، بما يلائم المرحلة، بمعزل عن تطوير عمل التقويم؟
لقد أصبحنا نشهد، في السنين الأخيرة، موجة من الاحتجاجات والمطالب والتساؤلات حول الجدوى من دراسة الفلسفة في بعض البلدان القريبة منا، ثقافيا وجغرافيا، بسبب النتائج المتدنية للتلاميذ في هذه المادة، وربما كان السبب في ذلك تخلف أساليب التقويم المتّبَعة. ولأن مادة الفلسفة اتُّهمت بالتسبب في الفشل الدراسي، غير المستحق، و«هدر» بعض المتعلمين، نتيجة خلل في التقويم والتصحيح، فقد تم، في فرنسا، إنجاز بحث مشهور حول هذا الموضوع نُشِر في مجلة «دفاتر البحث والتنمية»- 1998. وفي تونس، استُثمر هذا البحث في صياغة شبكة لتقويم مواضيع امتحانات الباكلوريا، خاصة بالوضعيتين الاختباريتين: تحليل النص والإنشاء الفلسفي.
إذا كانت التجربتان السابقتان تدُلاّن على التلازم الضروري القائم بين عمل التقويم، من جهة، وترسيخ المادة الدراسية داخل المنظومة التربوية وتطوير تدريسها، من جهة ثانية، فهل يجوز اعتبار صدور مذكرة خاصة بالأطر المرجعية للامتحانات الإشهادية في مادة الفلسفة خطوة على طريق تطوير التقويم في هذه المادة؟ ما هي عناصر التصور وعمليات تطبيقه، من أجل التطوير في هذه المذكرة؟ وما هي درجة الجمود والتجديد في هذا التصور؟...
تقتضي الإجابة عن هذه التساؤلات وقفة خاصة أخرى.
علي بلجراف - مفتش مادة الفلسفة في الناظور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.