على هامش بث الحلقة الأخيرة من المسلسل الإيراني المُدبْلَج «يوسف الصديق» على إحدى القنوات الفضائية العربية، تناولت حلقة يوم الثلاثاء، 19 أكتوبر الجاري، من برنامج «بي بي سي إكسترا أرابيك»، التي قدّمتْها هند أكرم ورشا كَشّان، وأعيد بثُّها على أثير «كازا إف إم»، موضوعَ تجسيد الأنبياء في الأعمال الدرامية... وقد رافقت بثَّ المسلسل «الديني»، منذ بداية عرضه وحتى الحلقة الأخيرة منه، ضجة كبرى فجَّرها هذا «السبق» الذي حققه المسلسل، بتناول قصة نبي الله يوسف بهذه «الجرأة» الفنية، التي تمثّلت في تجسيد أحد الممثلين شخصيةَ النبي المذكور، بعد أن كان مخرجو مثل هذه الأعمال يستعينون بأدوات ووسائل فنية للإحالة على بعض الشخصيات الدينية، والتي كان «ممنوعا» تجسيدُها مباشرة أمام كاميرات التصوير... وقد استند منتجو المسلسل على «فتوى» شيعية تُبيح تجسيد الأنبياء، فكانت هناك مسلسلات «مريم العذراء» «المسيح»، «النبي أيوب»، قبل أن يُعرض «يوسف الصديق». وإذا كان هذا العمل لم يجد أي معارضة عليه من لدن أي «مرجعية» دينية في بلاد فارس، فإنه في مصر، على الخصوص، استُقبل بموجة واسعة من النقد والمعارضة، خصوصا من شيوخ «الأزهر»، وعلى رأسهم رفاعة الطهطاوي، الذي صرح لميكروفون البرنامج بأن «الأصل في هذه المسألة، حتى الآن هو التحريم»، مشيرا إلى أنه «ليس معقولاً أن يُعهَد لممثل يؤدي أدوارا مختلفة بQمهمة» تجسيد أحد الأنبياء»، مكتفيا بالإشارة إلى أن أقصى ما يمكن للأزهر فعله هو «الشجب والتحريم، ما دام أن المؤسسة الدينية ليست لها قدرة على منع بث مثل هذه الأعمال». وقد استمع البرنامج إلى شهادات بعض المستمعين، الذين أدْلوا بدلوهم في هذه القضية، ومنهم «مَها» من العراق، التي ذكرت أن «مسلسل «يوسف الصديق» يحتوي على الكثير من المغالطات والمخالفات ولا يختلف كثيرا عن غيره من المسلسلات التركية وغيرها من الأعمال». كما أن عددا من نواب جماعة الإخوان في مجلس الشعب كانوا قد تقدموا بطلب عاجل إلى وزير الإعلام هناك من أجل الوقف الفوري لبث المسلسل على قناة «ميلودي دراما» الفضائية... وفيما ذهب البعض إلى «تحريم» بث ومشاهدة مثل هذه الأعمال، مؤكدين أن من يتابعها «مخالف لشرع الله ويرتكب معصية»، كما كان قد صرح بذلك وكيل وزارة الأوقاف المصري، أشار آخرون إلى أن «على «الأزهر» أن «يعيد النظر» في لائحة «المحظورات» التي منع ظهورها على الشاشة وإلى أن قرار منع تجسيد الأنبياء على الشاشة مجرد اجتهاد شخصي، مما يتطلب إعادة النظر في الأمر، في ظل انتشار مواقع الأنترنت والمتغيرات التكولوجية»، كما ورد، سابقا، على لسان الناقد طارق الشناوي، الذي قال خلال البرنامج الإذاعي إن «عرض قنوات أخرى غيرِ الفارسية للمسلسل هو ما أدى إلى طرح القضية بهذه الحدة ودفع إلى طرح مشروعية بث هذه الأعمال ومشاهدتها من عدمها»... يشار، أيضا، إلى أن الكثيرين من الفعاليات الدينية المصرية، بالخصوص، أكدوا اعتراضهم على عرض هذه الأعمال، ومنهم محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، الذي كان قد أكد أن «الحكمة من منع تجسيد الأنبياء والصحابة والعشرة المُبشَّرين بالجنة وآل البيت هي أن الممثل، مهما كان العمل الفني يتميز بأعلى درجة من الجودة والإتقان، فلا يستطيع أن يظهر هذا الممثل بالصورة نفسها، التي كان عليها أحد الأنبياء أو العشرة المُبشَّرين بالجنة أو أي شخصية من آل البيت»... أما الداعية الإسلامي الشيخ رضا طعيمة، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فيرى أن «دائرة منع تجسيد الرسل والأنبياء يجب أن تضيق مساحتُها وتشمل فقط منعَ تجسيد أو ظهور «أولي العزم» من الرسل»... مؤكدا أن «منع تجسيد العشرة المُبشَّرين بالجنة فيه إجحافٌ ثقافيّ». وتساءل: «لماذا لم يتمَّ إنتاج مسلسل أو فيلم يظهر فيه واحد من الصحابة المبشَّرين بالجنة، لإظهار خصاله الكريمة، حتى يتعرف أبناء المسلمين على جوانب من حياة هؤلاء العظماء ويقتدوا بهم؟»... وقد سار محمد محمود حميدة، المفتش العامّ لعلوم القرآن في الأزهر، في نفس الاتجاه المكرِّس ل«تحريم» عرض هذه الأعمال، حيث كان قد أكد أن «الممثل، مهما أتقنَ الدور الذي يمثل فيه شخصية أحدَ الأنبياء، فلن يفيَّ هذا النبيَّ ولا مقامَ الرسالة التي جاء بها حقَّهما»... وتابع قائلا إن «عرض «يوسف الصديق» على إحدى القنوات الفضائية المصرية حرام، شرعاً، لما يتضمَّنه من النيل من قدسية الأنبياء التي وهبها الله لهم، ولأنه لا يوجد من الخلق من يماثلهم في الأخلاق والقدوة الحسنة ولم نعلم، على وجه الدقة، أوصافَ هؤلاء الأنبياء.. وما يحدث هو مجرد تخيُّل وليس حقيقة»...