شهد صباح يوم الأحد 29 غشت الماضي، جريمة قتل بشعة، ذهب ضحيتَها مواطن قروي من ضواحي مدينة وجدة، بعد أن تلقى عدة طعنات بأسلحة بيضاء في مختلف أنحاء جسده كانت إحداها قاتلة، حيث أصابت جهازه التناسلي، على يد عصابة من ثلاثة مجرمين، قاموا بسرقته وسلبه أمواله وهاتفَه المحمول، الذي سيكون «نحسا» عليهم وسببا في وقوعهم في قبضة الأمن، فيما أصيب ابنه بجروح متفاوتة الخطورة وتمكن من النجاة، بأعجوبة، من موت محقَّق بعد أن نجح في الفرار، مستغلا الظلام لأجل ذلك، ليُنُقَل بعدَها إلى مستعجلات مستشفى الفارابي في وجدة، حيث تلقى الإسعافات الأولية الكفيلة بإنقاذ حياته. نشاط تجاري في الماشية في حدود الساعة الرابعة من صباح نفس اليوم، قرر «محمد امباركي بن ساحة»، البالغ من العمر حوالي 45 سنة، والأب لأربعة أطفال، رفقة ابنه ذي السادسة عشر ربيعا والقاطنيْن في دوار «الدّوبا» في جماعة أنجاد -ضواحي وجدة، على مقربة من مطار المدينة، (قرر) التوجه إلى مدينة وجدة، على متن دراجته النارية من دواره إلى الطريق الرئيسية الرابطة بين أحفير ووجدة، لممارسة أنشطته المعتادة المتعلقة بالمتاجرة في رؤوس الأغنام، حيث يصادف ذلك اليوم السوق الأسبوعية. عند وصوله إلى الطريق الرئيسية، ركن دراجته النارية في مكان اعتاد وضعها فيه وربطها إلى جذع شجرة وشرع هو وابنه في إيقاف السيارات المتوجهة إلى وجدة، عبر تقنية «الأوطو سطوب»، حيث توقفت لهما سيارة خفيفة كان على متنها ثلاثة أشخاص وامتطياها على أساس إيصالهما إلى السوق الأسبوعية للماشية في حي كولوش عند مدخل المدينة. ركوب سيارة الموت مباشرة بعد إقلاع السيارة، وضع الجناة سكاكينهم على رقبة الأب ضحيتهم وعلى بطنه، أمام أنظار ابنه المصدوم والمفزوع، وطلبوا منه أن يسلمّهم كل ما لديه من أموال. وبعد رفضه الامتثال لأوامرهم ولَيْته ما فعل، ومحاولة مقاومتهم والدفاع عن قُوت أبنائه ومصدر عيش أسرته، قرر جلادوه تنفيذ الحكم بالإعدام في حقه، بتوجيه عدة طعنات لمختلف أنحاء جسده. كانت إحدى الطعنات قاتلة، إذ أصابت جهازه التناسلي. أصيب ابن الضحية، بدوره، بأكثر من 4 طعنات على مستوى يديه ورجليه وهو يحاول الدفاع عن والده وحمايته من بطش تلك الوحوش الكاسرة. فقد الضحية وعيه وتحول إلى جثة هامدة مدرجة في دمائها، فيما انتصب الابن في ركن السيارة، بعد أن تجمد الدم في عروقه وشلّت حركاته، ينظر إلى ما يقع دون قدرة على التجاوب مع الوضع ولا على التفاعل معه... أثناء ذلك، قام أحد عناصر العصابة الإجرامية بتفتيش الضحية وسرقة كل ما لديه من أموال وهاتف نقال إلى درجة أنهم سرقوا حتى مبلغا بسيطا وقدره 20 درهما كان في جيب الابن، دون أن ينتبهوا إلى مبلغ يقدر بأربعة آلاف درهم كان الضحية يضعه، بإحكام، في جيب صغير في سرواله، مع العلم أنْ لا أحد يعلم مقدار المبلغ المالي الذي تم سلبه من الضحية، بحكم أنه لم يكن يتحدث بخصوص ما يملك مع أقاربه أو معارفه. تم كل هذا والسيارة تسير في الطريق، إلى أن تجاوزت مطار وجدة -أنجاد وواصلت اتجاهها على الطريق الرابطة بين المركز التجاري «مرجان» والمركز التجاري «ميترو» في اتجاه حي «سي لخضر الهامشي»، بعد أن تخلصت العصابة من الأب الضحية في ضيعة قرب المطار وهو جثة هامدة ومن ابنه، الذي توجه إلى أحد المنازل المجاورة لطلب المساعدة، حيث نُقِل إلى مستشفى الفارابي، بينما تم وضع جثة الأب في مستودع الأموات، قصد إخضاعها للتشريح، بهدف تحديد أسباب الوفاة، فيما لم يكن الابن على علم بوفاة والده. هاتف الضحية يوقع بعناصر العصابة مباشرة بعد إخبارها بالجريمة، انتقلت عناصر الدرك الملكي إلى عين المكان، حيث عانيت وقائع الجريمة وحررت محضرا في الموضوع وفتحت بحثا وتحقيقا في الواقعة، من أجل استجلاء ظروف الجريمة والإحاطة بجميع حيثياتها، للوصول إلى المجرمين، لكن كان كلّ شيء قد انتهى وغادر القتلة مسرح الجريمة في اتجاه آخر، للبحث عن الضحية الموالية... في طريقهم، التقى المجرمون بأحد تجار الماشية، في حوالي الساعة الرابعة و30 دقيقة من صباح نفس اليوم، على مشارف حي «سي لخضر» في وجدة، وسألوه عن الطريق المؤدية إلى مقاهي مركَّب ترفيهي على الطريق الحدودية، طالبين منه مرافقتهم، على متن السيارة لكنه رفض، بعد أن ساوره الشك في أمرهم، وبعد أن تمكن من «تسجيل» أوصافهم وملامحهم في ذاكرته، حيث صرح بعد ذلك بأن عددهم كان ثلاثة، من بينهم شخص يتميز بسواد البشرة، وهو ما ستؤكده الوقائع في ما بعد... لم يدم الأمر طويلا، حيث قام أحد القتلة باستعمال الهاتف لمخاطبة أحد معارفه «محمد ض.»، الذي له كذلك علاقة تجارية بالضحية، وكان يريد أن يشترك معه في نشاط تجاري، مما جعل الشخص المخاطَب يتعرف على رقم الضحية وعلى المجرم مُخاطِبه ويخبر بذلك رجال الدرك الملكي ومصالح الشرطة القضائية في أمن ولاية وجدة، مدليا لهم بأوصافه، ليقرروا نصب كمين له والإيقاع به. وبالفعل، ضرب «محمد ض.» موعدا مع المجرم، مالك هاتف الضحية في ساحة 9 يوليوز، بالقرب من الكنسية المسيحية ومقر ولاية الجهة الشرقية، حيث وجد في انتظاره الشخص الذي حدد معه موعدا، قبل أن تُطوّقهما عناصر الشرطة القضائية والدرك الملكي، بسرعة قياسية، وتصفّد يدي المجرم، قبل أن يستوعب ما يجري حوله... خلال البحث والتحقيق، كشف المجرم عن هويات شركائه واعترف بما اقترفت أيديهم من جريمة شنعاء ونكراء، كما تعرَّف الابن على قاتل والده من بين أشخاص عرضتهم أمامه مصالح الشرطة القضائية، رغم أنه قام بحلق لحيته، وتم تحرير محاضر في الجريمة، قبل إحالتهم على قاضي التحقيق من أجل القتل العمد، مع سبق الإصرار والترصد...