دخلت سليمة معافاة، سوى من إصابة بسيطة، إلى مصلحة جراحة الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى 20 غشت بالدارالبيضاء في الثامن من يوليوز الماضي من أجل إجراء عملية جراحية لإزالة «حْبوبة» عادية من عنقها، لكنها انتهت طريحة بأحد أسرة القسم نفسه بسبب خطأ طبي دخلت إثره في غيبوبة دامت شهرين قبل أن تستعيد وعيها وتفاجأ بأنها أصيبت بشلل نصفي. وانتقلت عناصر من الأمن الأربعاء الماضي إلى المسشتفى، وأجرت تحقيقا مع الطبيب الذي أجرى العملية الجراحية، بناء على شكاية تقدمت بها أسرة الضحية التي لم تعد قادرة حتى على قضاء أهم ضرورة في الحياة، وهي الأكل والشرب. الأسرة تقول إن الإدارة أعلنت «حربا» ضدها وضد ابنتها بعد أن رفضت الإذعان لقرارها بخصوص مغادرة الشعيبية الفلحي سرير المستشفى على أساس أنها لم تتعاف بعد، وأن وضعها الصحي يفرض المتابعة، خاصة أنها دخلت سليمة معافاة، وأن الطبيب المعني هو الذي أعطى للأسرة تطمينات تفيد بأن العملية جد بسيطة ولن تتجاوز نصف ساعة على أبعد تقدير، وأن نسبة نجاحها مائة في المائة قبل أن تنقلب كل تلك التطمينات رأسا على عقب، وتصير النصف ساعة ست ساعات بغرفة الإنعاش، وتنقلب حياة الضحية، التي هي المعيلة الوحيدة لوالدتها الضريرة، من إنسانة عادية إلى إنسانة في وضعية إعاقة حيث تعجز اليوم عن القيام بما تتوقف عليه حياتها وهو الأكل والشرب، إذ إنها لا تستطيع حتى مضغ طعامها ولا بلعه، ويتوقف طعامها وشرابها على شرب قطرات من عصير الفواكه دون سواه بعد أن امتد الشلل إلى فمها أيضا، بل تعجز حتى عن شرب الماء، فيما ذكر مصدر آخر مقرب من المريضة أنها تهدد بالانتحار إذا تم إخراجها من المستشفى. وأكدت أسرة الضحية أن عناصر من الشرطة انتقلت، الأربعاء الماضي، إلى غرفة الضحية وحاولت إخراجها، غير أنها رفضت، وتم تهديدها بإخراجها إلى الشارع أو نقلها إلى إحدى الدور الخيرية في حال عدم مغادرة المستشفى، غير أن الأسرة تأكدت فيما بعد أن الشرطة لم تكن على علم بالدعوى القضائية الموجهة ضد طبيب الضحية المعالج، وهو ما جعلها تتراجع عن إخراج الضحية في اليوم الموالي، يؤكد شقيقها سعيد الفلحي. وأضاف المصدر نفسه أن قرارات عليا تم إصدارها فرضت على الأسرة زيارة ابنتها في الساعة الخامسة بعد العصر من كل يوم، رغم أن الإدارة تخلت عن واجبها فيما يخص تقديم العلاج والدواء للمريضة، مما قد ينعكس سلبا عليها. وتساءل عن السبب الذي جعل الإدارة تنحو هذا الاتجاه، مضيفا أن المركز الاستشفائي يجب أن يتحمل مسؤوليته في الخطأ الطبي الذي تسبب فيه، و الذي أدى إلى إصابتها بشلل سيلازمها طيلة حياتها. وعن السبب الذي أدى إلى إصابة الضحية بهذا الشلل، رغم ما قيل بداية عن أن العملية ستكون ناجحة، توضح شكاية الأسرة، التي رفعتها إلى وكيل ابتدائية الدارالبيضاء، والتي تتوفر «المساء» على نسخة منها، أن «إصابة الضحية في عرق بعنقها دفع الطبيب إلى نزع عرق من الرجل وزرعه في العنق». وأضافت الشكاية أن الأسرة سلكت كل الطرق الحبية لمعرفة تفاصيل هذا الخطأ ومحاولة إيجاد حلول أخرى حتى تستعيد ابنتها عافيتها أو بعضا منها، وأن تتحمل المستشفى ومعها الطبيب الذي أجرى العملية مسؤوليتهما فيما حصل، غير أنهما يحاولان معا التملص من مسؤولية ما حدث، ودليل ذلك أن الأسرة تسلمت التزاما للتوقيع عليه به تفاصيل من شأنها أن تبرئ مسؤولية الطبيب، وبسبب رفض الأسرة التوقيع على هذا الالتزام بدأت فصول الإهمال وسياسة شد الحبل. وطالبت الأسرة بتدخل الوزارة الوصية وجميع الجهات المسؤولة لإنصاف الضحية وأسرتها، التي تحملت معاناة مادية ومعنوية كثيرة، خاصة أنها تتحدر من وسط قروي فقير بأولاد سعيد بضواحي سطات. واتصلت «المساء» عدة مرات بالمركز الاستشفائي ابن رشد ومستشفى 20 غشت، غير أن الهاتف كان يرن دون مجيب.