بتاريخ2007.2.11 هرعت عناصر الضابطة القضائية إلى الطريق الرئيسية رقم 9 بمديونة، بعد تبليغها بوجود جثة سيدة، وحين وصولها إلى عين المكان عثرت على جثة امرأة تبلغ من العمر28سنة، مرمية وسط حقل زراعي، وقد عوينت آثار حروق على ظهرها وآثار جروح في رأسها، وتحيط بها ثلاث حجرات متوسطة الأحجام بها آثار دماء وشعر رأس، مما يدل على كونها استعملت في الاعتداء على الضحية. وقد قضت غرفة الجنايات باستئنافية سطات بمؤاخذة أحد المتهمين من أجل القتل العمد مع سبق الإصرار ومحاولة إضرام النار في ناقلة، والنصب والسرقة والحكم عليه بالسجن المؤبد وأدائه لفائدة المطالبين بالحق المدني تعويضا إجماليا قدره 100.000 درهم لكل واحد منهم في مدينة البيضاء، كان المتهم يعيش مع زوجته في جو حميمي. كان الشاب يتدبر مصروفه اليومي، ويحلم بآفاق جديدة بعد أن انسدت أمامه سبل العمل في أوروبا. عاش الشاب حياة مضطربة سلك على إثرها طريق النصب والاحتيال، التي قادته في مرات عديدة إلى قضاء مدد حبسية متفاوتة، وقرر الشاب يوما الإقلاع عن النصب، إلا أنه كان يجد نفسه دائما في ضائقة مالية، خاصة أنه لايملك عملا قارا، الشيء الذي فرض عليه من جديد سلك نفس الطريق لكسب المال السريع، خاصة أمام رغبة غالبية الناس في البحث عن آفاق جديدة في أوروبا عن طريق الهجرة السرية، وما يبذلونه من مال وفير في سبيلذلك. الرغبة في الهجرة إلى الخارج و مرة حدث تغيير كبير في مسار حياة الشاب بعد أن زارته في بيته واحدة من صديقات زوجته، التي كانت تعلم بوجوده قبل ذلك في أوروبا قبل أن يعود إلى المغرب، فتوسلت إليه بأن يسهل لها عملية الهجرة إلى الخارج، وأخبرته بأنها مستعدة لدفع أي مبلغ مالي في سبيل ذلك، وقدمت له مبلغا ماليا من أجل ربط اتصالاته مع بعض ممن يسهلون عملية العبور إلى الضفة الأخرى، فوعدها خيرا. وتكررت زيارات الشابة إلى بيته من أجل معرفة الجديد في قضية التهجير، وكانت في كل مرة تقدم له مبلغا ماليا إضافيا حتى وصل المبلغ إلى 50 ألف درهم. إلحاح شديد لم تكن الشابة هي الوحيدة التي تحذوها رغبة الهجرة إلى الخارج، إذ كانت معها صديقة أخرى قدمت للمتهم مبلغ 10 آلاف درهم من أجل نفس الغاية، وحين تأخر الرجل في الوفاء بوعده، كان يجد نفسه دائما محاصرا بأسئلة الشابة عن مجرى الأمور وأين وصلت التأشيرة /الحلم، الذي ضحت من أجله بمبلغ مالي هام، وفي كل مرة كان الشاب يقدم عذرا عن التأخير، وحين كثرت مطالب السيدة وإلحاحها الشديد في الحصول على التأشيرة التي وعدها بها، وما سببه له ذلك من إحراج كبير، فكر في إيجاد حل ينهي به المشاكل كلها. الوداع الأخير فكر الرجل في إيجاد مخرج للمأزق الذي وضع نفسه فيه، وقاده تفكيره إلى التخلص من صاحبة المال التي شكلت هاجسه اليومي المزعج، فرتب خطة محكمة لفعل ذلك، فاستدعى الشابة إلى بيته وجعلها ترى تأشيرة منتهية الصلاحية، ليطمئنها على الوفاء بوعده، وإكمال مهمته بنجاح، وأخبرها بأنه حان موعد الرحيل. فرحت الشابة بذلك وأخبرت عائلتها، التي أسعدها الخبر بدورها، فتقاسموا جميعا وجبة العشاء، وودعوا ابنتهم وهم لا يدركون أنهم يودعونها الوداع الأخير. خطة للتخلص من الشابة كان لابد للجاني أن يفكر في خطة للتخلص من الشابة، وأن يدبر طريقة ما ليخرج من دائرة الصراع النفسي الذي أصبح يعيشه يوما بعد آخر، فجهز قنينة من البنزين، وقنينتي ماء معدني مزجه بمشروب ال«سيرو» الأخضر، وأضاف إليه نصف قنينة من «سيرو» منوم، واشترى قنينة مشروب غازي لمناولته للضحية، كما اشترى حقيبة وملابس جديدة، لإيهام زوجته بأنه مسافر، وحمل معه أيضا سكينا أوتوماتيكيا وولاعة سجائر، ورافق الضحية إلى محطة أولاد زيان، وكان الجاني قد بحث قبل ذلك عن سائق ضعيف البنية ليوصله إلى مدينة برشيد، وتم التخطيط لعمله الإجرامي بكل إتقان. فشل في تنفيذ الجريمة في الطريق ناول الجاني القنينة الممزوجة بالمشروب المنوم للضحية فشربت منها قليلا، إذ لم تستسغ طعمها، فيما رفض السائق المشروب. وطلب منها الرجل الجلوس بجانب السائق ليسترخي قليلا، لكنها رفضت الطلب مفضلة الجلوس بجانبه، وأمام هذه المعطيات الجديدة أحس الجاني بفشل محاولته في تنويم الضحية والسائق، فلم يجد بدا من وضع خطة عاجلة، وأثناء الاقتراب من برشيد وبعدما دخلت الضحية في حالة استرخاء صب البنزين تحت المقعد الذي تجلس عليه الضحية، وحاول إضرام النار بالولاعة ثم بسيجارة مشتعلة ففطنت الضحية لذلك وطلبت من السائق التوقف وغادرت السيارة طلبا للإغاثة. قتل الضحية وإضرام النار فيها أدرك الجاني أن أمره قد افتضح، فتعقب الضحية إلى حقل مجاور، وكانت سيارة الأجرة قد غادرت المكان بعد أن شعر السائق بالخطر، فأمسك الجاني بالضحية وهوى عليها بقبضة السكين لإسكاتها فعضته في أصبعه وهي تردد «تريد قتلي.. تريد حرقي» وهوى عليها بحجر على رأسها حتى فقدت وعيها وأخذ يهوي عليها بشكل هيستيري بالحجر والسكين، وكان الدم يتطاير على جسمه منبعثا من رأسها إلى أن تأكد أنها فارقت الحياة فأخذ الولاعة وأشعل النار في بذلة الضحية وغادر المكان معتقدا أن النار ستمحو آثار الجريمة. عودة الجاني إلى منزله عاد الجاني إلى البيضاء وأخبر زوجته أن صديقتها سافرت وأنه تعرض لحادثة سير وتوجه بعد ذلك للجديدة واكترى منزلا مفروشا وقضى ليلتين تحت اسم مستعار بقي خلالهما على اتصال بزوجته من دون أن يثير انتباهها، ولما بدت الأمور عادية عاد إلى منزله وهو يعتقد أنه نجح في خطته الإجرامية وتخلص من الفتاة دون أن تحوم حوله أيشكوك. القبض على الجاني تبين للضابطة القضائية من خلال مقارنة بصمات الضحية بالبصمات المدونة بالمصنف الإعلامي لجواز السفر، الذي تقدم به أحد سائقي الأجرة وجده في إحدى الحقائب التي تركها رجل وامرأة كانا قد استقلا سيارته يوما قبل الحادث أن البصمات تعود للضحية، وأثناء البحث التمهيدي وصلت الضابطة إلى هوية الجاني وتم التعرف على مسكنه وتم توقيف زوجته وتفتيش منزلها حيث عثر بداخله على ثياب الجاني التي كان يرتديها وقت وقوع الجريمة وقد غسلت وتم تعليقها لتجف. كما عثر بداخله على بعض الوثائق التي تخص بعض المرشحين للهجرة. و بناء على ما توصل إليه أفراد الضابطة القضائية بعد تحريهم في الموضوع والوصول إلى بيت الضحية، و كذا ما أخبرتهم به عائلة الضحية بأن ابنتها كانت آخر مرة قبل وفاتها برفقة الجاني الذي دلتهم على هويته، ألقت الضابطة القضائية القبض على الجاني بعدما نصبت له كمينا محكما، ليعترف بعد ذلك بالمنسوب إليه. نهاية حزينة أدانت المحكمة المتهم وحكمت عليه بالمؤبد، ودفع غرامة مالية لفائدة المطالبين بالحق المدني على اقترفه جريمة قتل بدافع الهروب من مطالبة الضحية بمالها، وتحولت عملية النصب والاحتيال إلى جريمة قتل كلفته قضاء حياته وراء القضبان.