تقدمت أربع فرق بالغرفة الثانية بالبرلمان، تنتمي إلى الأغلبية الحكومية، بمقترح لتعديل فصول من المسطرة الجنائية، يضع قيودا على سلطة قاضي التحقيق في التوسع في استعمال التنصت على المكالمات الهاتفية واعتمادها كأدلة إثبات. ويأتي هذا التعديل بعد صدور أحكام ضد عدد من مستشاري الغرفة الثانية أثناء انتخابات تجديد ثلث مجلس المستشارين سنة 2006، اعتمادا على التنصت على هواتفهم من قبل المخابرات. وقال محمد الأنصاري، رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس المستشارين، ل«المساء» إن المقترح يهدف إلى وضع حد للغموض القانوني الذي اجتهدت بمقتضاه المحاكم المغربية وأيدها المجلس الأعلى، في ما يتعلق بسلطة قاضي التحقيق في استعمال التنصت على الهاتف، وقال الأنصاري: «لقد تبين هذا الغموض الذي تم تأويله لفائدة منح سلطة مطلقة لقاضي التحقيق في هذا المجال، عندما طرحت قضية التنصت على المكالمات الهاتفية للمستشارين أثناء انتخابات تجديد الثلث». وحسب المسطرة الجنائية الحالية التي تم تعديلها قبل ثلاث سنوات فإنه «يمكن لقاضي التحقيق، إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد، وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها»، لكن فرق الأغلبية اقترحت في تعديلها تقييد سلطة قاضي التحقيق في ما يخص المواضيع التي يجوز له فيها التنصت على الهاتف، حيث جاء التعديل كالتالي: «يمكن لقاضي التحقيق إذا كانت الجريمة موضوع البحث تمس بأمن الدولة أو تتعلق بالعصابات الإجرامية أو القتل أو التسميم أو الاختطاف وأخذ الرهائن أو تزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو المخدرات والمؤثرات العقلية أو الأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو حماية الصحة، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها»، ويتبين من هذا النص أن قاضي التحقيق لا يمكنه أن يأمر بالتنصت في قضايا أخرى خارج هذه اللائحة، مثل قضية الفساد الانتخابي. أما التعديل الثاني الذي يقترحه المستشارون، فينص على أن «المحاضر التي تحرر عن كل عملية من عمليات التقاط الاتصالات والمراسلات المرسلة بواسطة الاتصال عن بعد لا تشكل لوحدها وسيلة للإثبات، إذا لم تكن المكالمة مقرونة أو متبوعة أو مصحوبة بأفعال ثبت ارتكابها من طرف المتهم تشكل جريمة من الجرائم المحددة في المادة 108». ويبذل المستشارون من أحزاب الأغلبية، باستثناء الفريق الاشتراكي، جهدا لاستدعاء وزير العدل لحضور اللجنة البرلمانية المختصة لمناقشة التعديل في أقرب وقت والتصويت عليه. وانتقد المستشار جامع المعتصم، من حزب العدالة والتنمية، توجه فرق الأغلبية إلى تعديل المسطرة الجنائية بهدف ما وصفه ب«حماية الفساد الانتخابي»، وقال ل«المساء» إن اللائحة التي يجب أن تتيح لقاضي التحقيق التنصت على المكالمات يجب أن تكون على رأسها محاربة الفساد الانتخابي ومختلف أشكال الفساد الأخرى»، وأضاف: «الأصل هو الحفاظ على سرية المراسلات، وإذا كان هناك استثناء فيجب ألا يشمل المفسدين».