وقع الدكتور حسن المنيعي الإصدار الأخير للمركز الدولي لدراسات الفرجة، أول أمس، في إطار الأنشطة الموازية للمهرجان. والكتاب في أصله أعمال ندوة تكريمية لرائد دراسات الفرجة بالمغرب. فحسن المنيعي أعطى الشيء الكثير للمسرح والاهتمام بالفرجة وللثقافة عامة. المنيعي باحث في المسرح ومؤسس الدرس المسرحي بالجامعة المغربية، ومؤصل للاهتمام العميق للمسرح على مستوى النقد والتأريخ للبحث الأكاديمي. فقد عد إنتاجه المصدر الذي نهلت منه أغلب الأسماء التي ارتبطت بالبحث في المسرح والكتابة عنه، لأن ما راكمه المنيعي كان دوما جديدا، وعلميا، وعميقا يسمح باكتشاف المرجعيات الأخرى التي نظرت للمسرح بالفعل وقعدت له وأصلته من قبيل المسرح الملحمي والمسرح السياسي والمسرح الفقير ومسرح القسوة ومسرح الطليعة، كما يسمح باكتشاف الجوهر الفرجوي في التراث المغربي سواء تعلق الأمر بالبساط أو سيد الكتفي أو الحلقة او إنديازن أو طقوس الحضرة، أو باقي التعبيرات الثقافية للمغرب العميق بانتماءاته المتعددة. حسن المنيعي أحد العشاق الكبار للفن وأحد مناصري الحرية والاختلاف والصدق الثقافي والمسؤولية، وهذا بالضبط ما جعل من الانفتاح على إبداعه، وشخصه وفكره، لبناء قناعة مبدئية لكل ما هو جميل في الثقافة والحياة. ما يميز المنيعي عن الغالبية هو التواضع والبذخ الإنساني والصرامة العلمية والوفاء للأشياء التي أحبها وارتبط بها في الحياة والثقافة، لهذا تعتبر إحالاته على الوجودية والماركسية والبريشتية من صميم التشبث بما هو بديل ومتنور وعميق، كما يعتبر ارتباطه بأمه وذكراها وعائلته وعلاقاته بالبسطاء ترجمة لأصالة إنسانيته. المنيعي «ينتصر دوما لمباهج الحياة» كما يقول الباحث نور الدين الهاشمي، يخاصم ثقافة الإعلان التي تلزم الخاضعين لها بالملوسة والادعاء والمحاباة والقبول بالصمت وتغيير المواقف حسب ما تستدعيه حاجة المؤسسة. أوجه كثيرة في شخصية حسن المنيعي تعلنها كتبه في النقد والتشكيل والترجمة، أما باقي الأوجه الأخرى فتعلنها الجزئيات من حياته اليومية، ومن علاقاته مع البسطاء، وأهل مكناس وصديقه «فؤاد» وكل دراويش الثقافة الذين يفدون عليه للبحث عن أشياء أخرى تفجر يقينياتهم ويقينيات ثقافة الإعلان السائدة.