أحيانا يبدو على وجهك ما يفضحك مهما حاولت أن تكتم انفعالك وتخفي توترك ومهما اخترت كلماتك بحرص كبير.. لأن جسدك يرتج وقلبك يرتجف ودموعك تنهار وإن بكيت دون صوت.. مهما أخفيت خيبتك وانهزام روحك، تفضحك ضحكتك المجامِلة وبسمتك الكئيبة وانكسار أحلامك على أولى عتبات الفجر.. حينما تكون في منتصف إحساس ما، يضيع الأمان بداخلك فتتوه بحثا عن السكينة حولك، تنهمك أياما ولياليَ ترمم الشرخ الكبير الذي ارتسم على جسدك وجدار قلبك.. كل الطرق محفوفة بالمخاطر، طريق النجاح وطريق الحب.. والطريق مِن وإلى النفس.. حينما يكون الإحساس في المنتصف، تضيع المعاني ويخرس اللسان وتتملكك نوبة ألم تختصر لحظات الخيبة التي تعتصر فؤادك، فلا الصوت صوتك ولا الكلمات كلماتك، ولا أنت نفسك.. أحيانا يكون الحب حماقة، ليس أحيانا بل هو دائما كذلك، خصوصا حينما تقف في منتصف إحساس ما وتجد نفسك بين الوعي والجنون، فلا أنت أنت ولا هو.. هو. كأن شيئا فسد بينك وبين روحك فتعذر عليك إصلاحه، أو أن جرحا استيقظ فجأة فقض مضجعك وبعثر ليلك وأدمى كبرياءك.. كأنك على مشارف الهاوية مدفوعا بالهوى، تحاول أن تنقذ ما تبقى من أحاسيسك المشردة، دون جدوى لتعبر نحو السكينة، علّ هذا الإحساس المدمر يخبو ويصبح ذكرى باهتة تركنها بانتقام في دهاليز قلبك المظلمة، أو تتناساها ما استطعت.. لتتذكرها كل لحظة.. في منتصف إحساس ما تشعر بالضجر وأنت تائه بين العودة إلى البداية أو المضي نحو النهاية، وفي كلتا الحالتين تشعر بأن بداية النهاية أقرب إلى قلبك من أن تلتفت إلى ماض لم يعد سوى دمع غزير تحاول أن تطفئه داخل مقلتيك المحترقتين. هناك دموع باردة وأخرى ساخنة تحرق جفونك ووجنتيك وتحرق قلبك، وإن لم تتخلص منها أحرقت أوصالك إلى الأبد. أحيانا يستدرجك قلبك رغما عنك، لتقف في منتصف إحساس ما، فتشعر كأنك معلق في الفراغ.. حينها تشعر بالدوار وتكتفي بالصمت، في انتظار أن تهدأ عاصفة روحك وتستفيق من إغمائك وتسأل نفسك من أخذك دون أن تدري كالنائم ليلا إلى منتصف إحساس كله شك وريبة وترقب وتساؤل وتخوف وانبهار.. فيجيبك قلبك بأن الحب ليس سوى شك لا يقين له، وسؤال لا جواب عنه وسفر طويل لا يكاد ينتهي.. إلا ويبدأ من جديد.