رغم ما زعم في أحيان قريبة، فإن الوضع الدولي لإسرائيل ليس سيئا جدا. بالعكس، عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل يظهر تحسنا في مكانتها، ولاسيما منذ السبعينيات. في أعقاب أزمة الطاقة، كان العالم العربي في ذروة قوته وشهدت إسرائيل سلسلة من قطع العلاقات الدبلوماسية. هذا تغير، ولاسيما بعد 1991، عندما قرر عدد كبير من الدول إقامة علاقات أو تطوير العلاقات مع إسرائيل. دول الكتلة الشرقية، وكذا معظم الدول الإفريقية والآسيوية، اختارت إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. المعنى الأكبر كان لإقامة علاقات دبلوماسية مع دول هامة مثل الصين، الهند، روسيا، تركيا ونيجيريا. تجدر الإشارة إلى أن العلاقات مع العالم الإسلامي قد تحسنت بشكل واضح هي الأخرى. لدى إسرائيل اتفاقات سلام مع مصر والأردن. وهي تقيم علاقات غير رسمية مع دول في الخليج الفارسي وشمال إفريقيا. معظم العالم العربي يؤيد مبادرة السلام للجامعة العربية. ورغم الإشكالية التي في الخطة، فإن العرب يقترحون اعترافا بإسرائيل وسلاما.. تغيير في المواقف التاريخية. كما أن لإسرائيل علاقات سليمة مع دول إسلامية جديدة، والوجود الإسرائيلي ملموس في دول مثل أذربيجان، كازاخستان، تركمانستان وأوزباكستان. العلاقات مع الدولة الأهم في العالم، الولاياتالمتحدة، تحسنت جدا منذ 1973، والعلاقة الاستراتيجية لا تزال قوية جدا، رغم الموقف البارد لإدارة أوباما. على مدى أربعة عقود، بقي معدل التأييد من الجمهور الأمريكي لإسرائيل مستقرا على نحو مثير للانطباع (نحو 65 في المائة). الدول التي تواجه تحديات الإرهاب و/أو الإسلام المتطرف، وهي ظاهرة واسعة الانتشار منذ 1991، تسعى إلى التعاون مع إسرائيل. ولإسرائيل الكثير مما تعرضه في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب. «أوربا القديمة» وإن كانت توجد في مكان آخر تماما. ثقافتها الاستراتيجية، التي ينعدم فيها مفهوم التهديد وترى في استخدام القوة أمرا عدميا، تجعل إسرائيل عسيرة على الهضم. ويضاف إلى ذلك اللاسامية التقليدية، التي ترى في اليهود المسؤولين عن مشاكل العالم. هناك جامعات أوربية أصبحت أماكن غير لطيفة للإسرائيليين، وقسم كبير من المثقفين الأوربيين مناهض لإسرائيل على نحو حدسي. في نفس الوقت، في فرنسا وألمانيا وإيطاليا (مراكز القوى للاتحاد الأوربي) هناك زعماء وديون لإسرائيل، ولا يزال يمكن أن نجد في كل غرب أوربا جيوب تأييد لإسرائيل. المخاوف المتعاظمة من الهجرة الإسلامية إلى أوربا تعدل هي أيضا التشويه في الموقف من إسرائيل. كما أن توسيع الاتحاد الأوربي عمل في صالح إسرائيل. الثقافة الاستراتيجية لأوربا، ل«أوربا الجديدة» دول شرق أوربا، تختلف جدا عن ثقافة غرب أوربا، وذلك لأنه يسيطر عليها مفهوم التهديد التاريخي من جانب روسيا. وكنتيجة لذلك، فإن هذه الدول تبدي تفهما أكبر لاستخدام إسرائيل للقوة. كما يمكن أيضا أن نلاحظ بداية تعب عام من النزاع العربي الإسرائيلي المتواصل. في عدد من الدول، بدأ يتغلغل الفهم الذي قوامه أن للفلسطينيين مصلحة في استمرار النزاع وتثبيت صورة الضحية، بغرض مواصلة تلقي المساعدات المالية. معظم المحافل الدولية بقيت مناهضة لإسرائيل مثلما كانت في الماضي. فلم يطرأ هناك تغيير، ومن الصعب الاستنتاج من ذلك أن وضع إسرائيل ساء هناك. رغم ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأممالمتحدة ألغت قرار الجمعية العمومية من عام 1975، والذي شبه إسرائيل بالعنصرية. كما حظيت إسرائيل هذا العام بالانضمام إلى النادي الاعتباري لمنظمة الOECD، وهو إنجاز دبلوماسي ضخم. مشكلة حقيقية هي ظاهرة الكفاح القضائي، التي تستغل فيها محافل مناهضة لإسرائيل الجهاز القضائي للدول الغربية بغرض تقديم الممثلين الرسميين الإسرائيليين كمجرمين. تحد إضافي لشرعية إسرائيل ينبع من المنظمات غير الحكومية، التي تولي إسرائيل انتباها خاصا في كل ما يتعلق بالخرق المزعوم لحقوق الإنسان. التأثير الحقيقي لهاتين الظاهرتين على مكانة إسرائيل لا يزال غير واضح. العزلة في الأسرة الدولية ترتبط، بشكل عام، بميزان القوى الدولي. بالفعل، الضعف المتزايد للولايات المتحدة، ولاسيما منذ تسلم باراك أوباما الحكم، كشف حليفتها، إسرائيل، أمام أزمنة أقسى بقليل. رغم كل هذا، فإن إسرائيل تتدبر أمرها بالذات على نحو غير سيئ في الساحة الدولية. عمليا، معظم الدول توضح أن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لا يؤثر كثيرا على العلاقات الثنائية. عن ال«هآرتس» افرايم عنبار