خضع «جسد» السيتكومات التي عُرضت على شاشتي القناتين الوطنيتيْن، خلال رمضان ، لمبضع تشريح كل من محمد الكَلاوي، الناقد والرئيس السابق للجنة دعم الإنتاج السينمائي وتوفيق ناديري، من هيأة تحرير «المساء»، في «عيادة» برنامج «كول لي علاشْ» على أمواج «شدى إف. إم.»، بمساعدة مُنشِّطتي حلقة مساء الأربعاء، 29 شتنبر الأخير، أمينة وهنية... بداية، أشار محمد الكَلاوي إلى أنه «يجب أن نتفادى التقييم الذاتي، لأن المغرب، في العديد من الأنواع الفنية، ما يزال يخطو خطواته الأولى.. وأصعب ما يمكن أن نشاهده هو «السيتكوم»، لأننا ما زلنا لم نتأقلم بعدُ مع إنتاج «الحالة الكوميدية».. وبشأن غياب التوازن بين الأعمال، يشرح الكَلاوي، بالقول إن «جيل الشباب، الذي ولج تجربة «السيتكومات» لديه رصيد معرفي، نظرا إلى تكوينه، فإذا ما قارنّا، مثلا، بين سلسلات تحاول توظيفَ الأسلوب السينمائي في الكتابة وتغليبَه على اللغة وسيتكومات أخرى ترتكز على الحوار، فسيتجلى لنا صراع بين «مدرستين: الشباب و«القدماء»، رهينِي الإعادة و«التكرار».. «وتصبُّ انتقاداتنا، بالأساس، على ما نشاهده وهو الممثل، الذي يتحمل، أحيانا، كل «سيئات» العمل، بما في ذلك سوء الإخراج أو ضعف الحوار... هناك في بعض السيتكومات عدم التناسق في الأدوار: ممثل يُقْنعك وآخر «يتعسَّف».. لستُ أعني أن الممثل هو المخطئ، بل المنتج والمخرج، إذ إن بعض المخرجين لا «يتجرؤون» على توجيه بعض الممثلين، فقط لأن لديهم «رصيدا» وراكموا بعض التجارب.. لقد شاهدتُ عملا لم يحقق ما كان منتظَرا منه، رغم أن الشخصية الرئيسية فيه أداها ممثل «قديم» اشتغل في أفلام سينمائية وفي المسرح.. توفيق ناديري، من هيأة تحرير جريدة «المساء»، قال، جوابا عن سؤال مُقدِّمة البرنامج حول سرّ «الإقلال» من انتقاد الأعمال الرمضانية، خلال السنة الجارية، مقارنة بالسنوات الماضية، «إن النقد لا بد له من معاييرَ وعناصرَ أساسية لازمةٍ له حتى يُمارَس بشكل فعّال ويعطي ما هو مطلوب منه، عدا أن الأخذَ بهذا المعطى اتخذ «مسارا» غير عادي في بعض الجرائد ، فدخل في منحى «غيرِ صحّي» وبدأت عملية انتقائية في «النقد»: بالتعاطي مع أعمال دون أخرى، مع منتجين دون «آخرين»!... ودخلت الكتابات الصحافية -للأسف- في «مستنقع»، فكان اختيارُنا في «المساء»، والحال هذه، يتابع ناديري، أن ننأى بأنفسنا عن كل هذا وأن نفتح صفحات الجريدة للنقاد، للرأي العام ولأرقام «ماروك ميتري»، التي أثبتت إحصائياتُها جودةَ أعمال معيَّنة وضُعفَ أخرى واختلافَ نسب متابعة هذا العمل أو ذاك... وأعتقد أن الصحافي ما هو إلا وسيط بين هذه الأعمال ومنتجيها والمتلقي المغربي، وبحكم أن النقد الصحافي، في الظرف الراهن، غير صحي، فلا يمكن أن تخوض فيه الجريدة»... وبخصوص سؤال حول ما إذا كانت «المساء» في كتاباتها النقدية للأعمال التلفزيونية تستعين بنقاد مختصين، أجاب ناديري بالقول «إن الصحافي، بغض النظر عن مجال اشتغاله ومستوى تكوينه، هو مُتَلقٍّ، بالدرجة الأولى، وله الحق في إبداء رأيه، الذي قد يكون انطباعيا وقد يكون أكاديميا. ثم إن «المساء»، هذه السنة، فتحت المجال للرأي العام ولعموم المغاربة، من خلال الميكروطوارات أو عبر آراء النقاد والتركيز على أرقام «ماروك ميتري»، التي تظل معيارا، بالنسبة إلى المستشهرين والرأي العام.. أما بالنسبة إلى الصحافي فمن «غير الصحي» أن يخوض في النقد، على الأقل، في الظرف الراهن، على اعتبار أن العديد من «الصحافيين» دخلوا في «اللعبة» الإنتاجية وصار «بعضهم» كتابَ سيناريوهات أو يؤلفون أعمالا أو «يراجعون» أخرى... وأظن أنه لا يمكن أن تكون «متّهَما وحَكماً» في نفس الوقت... وعموما، وفي الظرفية الراهنة، على الصحافي أن ينأى بنفسه ويُفسح المجال للنقاد والمهتمين، بغرض منح شفافية لما يُكتَب»!... وبخصوص سؤال حول ما إذا كان معدُّ مُلحَق التلفزيون في «المساء» وهو يستأنس بآراء النقاد، يتلقى استجابة عند استقائه آراء «الطرف الآخر»، أجاب بقوله إنه «في إطار رهان «المساء» على الدفاع عن الحق في «الرأي والرأي الآخر»، فإننا نستقي آراء النقاد، آراء الشارع المغربي، وندرج أرقام «ماروك ميتري»، إلى جانب آراء مسؤولي القناتين العموميتين. وتجب الإشارة إلى أن بعض المسؤولين لديهم «جرأة» للدفاع عن إنتاجاتهم وقناعة كافية بأن العملية الإنتاجية تمر في ظروف سليمة، فيُبدون آراءَهم بدون تحفُّظ.. لكنّ هذا لا ينفي كونَ البعض الآخر من المسؤولين «يتحصّنون» بصمت «يُريحهم»، أحيانا... إن عملية الإنتاج تمر، حسب اعتقادي، عبر الإنصات إلى الرأي العام، إنصات يتأتى إما من خلال النقاد أو من خلال دراسات هي التي تسمح باختيار المنتوج الذي «يصلح» للجمهور المفترَض. كما اعتبر ناديري أن «الرهان على «الكوميديا» قد أثبت فشلَه، فمن خلال تجارب عربية، يتضح أنه يستحسن التحول نحو الدراما أو اختيار إنتاجات تتناغم مع أجواء شهر رمضان الروحية.. فبعيدا عن الرغبة في ممارسة «رقابة» على ما يُعرض في القناتين، أو التشديد على أن تكون الإنتاجات ذات نزعة دينية أو عقائدية، فإنه لا بد من مراعاة طبيعة الشهر، من خلال الاستئناس بدراسة واضحة ودقيقة»...