كشف تقرير للمجلة الألمانية «دير شبيجل»، صدر بداية الأسبوع الجاري وأعاد نشره موقع «العرب أونلاين» مساء أمس، أن الخبراء يقدرون عدد اللاجئين الذين يحاولون الوصول بطريقة غير مشروعة إلى أوروبا بنحو 120 ألف لاجئ سنويا، ويدفع الآلاف منهم حياتهم ثمنا لهذه المحاولة، وليست هناك أرقام أو إحصائيات عن عدد الضحايا. و«لأن الأفارقة لا يستطيعون الهجرة قانونيا إلى أوروبا فإن الوسيلة الوحيدة هي اللجوء بالزوارق إلى السواحل الأوروبية». كما كشف تقرير آخر للقناة الثانية للتلفزيون الألماني»زد دي إف» أن نحو 150 إلى 350 طفلا مغربيا، بعضهم يبلغ ثمانية أعوام من العمر، يتربصون بالشاحنات المغادرة عبر مضيق جبل طارق كل ليلة وغالبيتهم يجربون حظهم في ميناء طنجة الذي يصلون إليه بعد أشهر من التسكع في شوارع المدن التي عبروها. ليست لديهم أحلام كغيرهم من الأطفال سوى حلم واحد هو العبور إلى الجنة التي رسموها في مخيلتهم الضيقة ويسمونها أوروبا. وقال محمد سريفي فيلار، وهو معتقل سياسي سابق مدين بالإفراج عنه للفرع الألماني لمنظمة العفو الدولية «أمنيستي إنترناشيونال»، يعمل حاليا لدى منظمة رعاية الأطفال التابعة للأمم المتحدة «يونيسف» بالمغرب، في تصريحاته للصحفية الألمانية: «هؤلاء الأطفال لا يعرفون الخطر والخوف من الموت، خاصة متى سنحت لهم الفرصة للمجازفة بحياتهم من أجل عوائلهم الفقيرة التي تنتظر منهم إعانات بمجرد وصولهم إلى الجنة الأوروبية. كثير منهم ماتوا قبل الوصول إلى إسبانيا. واستنادا إلى نفس تصريحات سريفي ففي المدة الأخيرة زاد عدد الفتيات عن عدد الصبية، لكن المثير للقلق هنا أنه لم يتم العثور عليهن في إسبانيا ويخشى أن يكون هؤلاء قد سقطن ضحية عصابات الدعارة هناك. وأبلغ طفل اسمه إدريس مراسلة المجلة «سوزانا شبور» بأنه يحاول منذ عامين الوصول بأي طريقة إلى إسبانيا. «يبدو الفقر مرسوما على وجه هذا الغلام فثيابه ممزقة وتفوح منه رائحة السمك وعلى جسده أثر جرح عميق وقال إنه ينحدر من قرية سيدي سليمان التي تبعد بمسافة 200 كلم عن طنجة». قبل عامين عندما بلغ العاشرة من العمر ترك والديه وفقد رقم الهاتف ولم تهتم أسرته بالبحث عنه واستعاض عن أسرته الحقيقية برفاقه في ميناء طنجة الذين يتقاسم معهم الخبز والأمل في الوصول إلى أوروبا، وهكذا فإنه يعيش من أجل تحقيق حلم واحد وهو العبور إلى إسبانيا، كما أنه صرح للصحفية بأنه «تعرضت إلى اعتداء جنسي» رفض الكشف عن تفاصيله. وقال محمد بوخمير، الذي يتولى رعاية أطفال الميناء الذي يقع ببوابة مضيق جبل طارق: «كثير من الأطفال يعتقدون أن أوروبا هي الجنة». يعمل بوخمير، بتمويل من مؤسسة كنسية، على تقديم المساعدة لهؤلاء الأطفال وأقام مشروع «الخيمة» وبين الحين والآخر يقدم لهم بعض الخبز وخدمة الاستحمام وأحيانا بعض الأدوية وليس أكثر من ذلك. وحسب لقاءات أجرتها الصحفية الألمانية بمدينة طنجة فقد قالت إنه «حتى لو أعادت الشرطة الإسبانية الأولاد المغاربة إلى طنجة فإنهم يحاولون كل ليلة العبور إلى الجنة الأوروبية». أربعة عشر كيلو مترا تفصل بين حياة الشقاء وحياة رغيدة بالنسبة إلى هؤلاء الأطفال. «يعتقد أن هناك ألف طفل يحاولون الوصول بطريقة غير قانونية إلى إسبانيا وفي الغالب يختبئون تحت الشاحنات لكن الشرطة المغربية تكتشفهم وإن لم تفلح فإنهم يقعون في قبضة الشرطة الإسبانية». وهذا ما أكده بوخمير عندما قال: «يرى الأطفال أن جميع الشاحنات المغادرة وسيلة للهرب من الفقر المدقع وحياة البؤس والشقاء وهم لا يعبؤون بالمخاطر، إذ يتسلقون الشاحنات ويختبئون تحتها وكثير منهم قضوا نحبهم خلال ممارسة هذه الطرق للوصول إلى إسبانيا. لكن لا بوخمير ولا غيره يملك إحصائيات حول عدد الأطفال الذين قضوا نحبهم فهؤلاء يأتون بلا أسماء وعناوين إلى طنجة هاربين من عائلاتهم أو بتشجيع منها على الذهاب إلى أوروبا بأي ثمن. كما كشفت الصحفية أنه في الأيام الأخيرة عهد إلى شركات أمن خاصة بحماية الميناء وأصبح أطفال الميناء يخشون أعداء جددا هم كلاب الحراسة، علاوة على أن الحراس الأمنيين يحملون أسلحة متنوعة وكأنهم في الطريق إلى جبهة الحرب. لكن هذا أيضا لا يمنع الأطفال من مواصلة السعي إلى تحقيق حلمهم بالسفر إلى أوروبا ويرون أن الإجراءات الأمنية الجديدة تحدي جديد.