لقد قيل منذ سنوات عدة بأن المساعدات الدولية يتم تحويلها بشكل منهجي وعلى مستوى كبير من قبل جبهة البوليساريو، وتتعلق هذه الاتهامات بالأموال والإمكانات الممنوحة في إطار برامج المساعدات الدولية للمنظمات غير الحكومية المستقلة كما تتعلق بتحويل المؤونة والتجهيزات الممنوحة من قبل المنظمات الدولية لمساعدة اللاجئين. -1-5/5 تحويل مساعدات المنظمات غير الحكومية: طالما تحدتث الصحف المغربية وفي مرات عدة عن اتهامات خطيرة من طرف عدة منظمات غير حكومية، ومن بين المنظمات التي تكرر الحديث عنها وأحيانا مع بعض التفصيل هناك منظمة(رادا بارنن انقذوا الأطفال السويديين)السويدية، والمنظمة الفرنسية(أطفال العالم اللاجئون).وخلال تحقيقاتنا قمنا بالاتصال بهاتين المنظمتين، والإثنتان معا أنكرتا أن تكونا قد وجهتا شكاوى حول تحويل المساعدات من طرف البوليساريو وصرحتا بأنهماتم الحديث عنها عن عمد وبشكل كاذب(حديث هاتفي مع السيدة نيكول داغنينو مديرة أطفال العالم اللاجئونيوم 31 غشت ,2005 ومحادثة وتبادل رسائل إلكترونية مع السيدة أولريكا بيرسن منرادا بارننفي 1 سبتمبر 2005)، وقد أخذنا ذلك بعين الاعتبار. بالرغم من ذلك لا يمكن تجاوز شهادة غلام نجيم مويشان، الممثل السابق للبوليساريو في بريمن بألمانيا حيث كان يشرف على تلقي المساعدات الألمانية للائجين الصحراويين:خلال عملي في ألمانيا لاحظت أن كمية مهمة من المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان مخيمات تندوف من قبل المانحين الألمان قد تم تحويلها منهجيا من قبل أعضاء النومينكلاتورا(الطبقة المستفيدة)للبوليساريو التي تقوم بإعادة بيعها جنوبالجزائر أو شمال موريتانيا. البوليساريوتشتري من نفسها 430 ناقة في نفس الإطار ذكرت يوميةإيل باييسالإسبانية في 7 مارس 1999 أنمساعدات إنسانية بقيمة 64 مليون بيسيتة ممنوحة من طرف الصليب الأحمر الإسباني للبوليساريو لشراء 430 ناقة قد اختفت، واشترىقياديو البوليساريو نوقا هي في ملكيتهم أصلا. ولاحظتإيل باييسأن مسؤول التعاون الدوليللبوليساريو مبارك ملاينين لم يكذب الخبر.وقد جاءت تلك الأموال التي تعادل حوالي 385 ألف أورو من خلال جمع التبرعات من المواطنين وأيضا من الوزارات الإسبانية ذات الصلة، وكان هدف تلك العملية هو تحسين النظام الغذائي من الحليب واللحم للنساء والأطفال الصحراويين. وفي أكتوبر 2000 نشرتالجبهة الشعبية لاستقلال جزر الكناريبيانا تندد بالمجلس البلدي لجزر الكناري الكبرى الذي اقتنى فيلا (مسكن)فيأروكاسلفائدة محمد عبد العزيز رئيس الجهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بمبلغ 52 مليون بيسيتة(حوالي 312 ألف أورو)، وقد جاءت تلك الأموال حسب الجبهة الشعبية لاستقلال جزر الكناري من ميزانية المساعدات المخصصة للاجئين الصحراويين. -2- 5/5 تحويل مساعدات المنظمات الدولية: إن تحويل المساعدات الغذائية ومواد الاستهلاك المفترض يرتكز على الفرق الموجود بين العدد الحقيقي للاجئين المقيمين في مخيمات تندوف والعدد المعلن رسميا، والذي على أساسه يجري حساب الحجم الكامل للمساعدات الضرورية الموجهة إلى المخيمات.إن هذه القضية ليست جديدة بل هي تحرك أوساط المنظمات الإنسانية منذ أعوام عدة. المبالغة في عدد اللاجئين للحصول على المساعدات أعلنت البوليساريو منذ أعوام بأن العدد الحقيقي للاجئين في مخيمات تندوف يتراوح ما بين 155 و170 ألفا، ولكن منظمات مستقلة ومراقبين محايدين يقدرون العدد الحقيقي للاجئين ما بين 70 و90 ألف شخص. وبعض المؤشرات الموضوعية المستمدة من مصادر مستقلة تؤكد هذا العدد، وهكذا قدرت المنظمة النرويجية غير الحكومية(مساعدة الشعب النرويجي)التي قادت حملة للتحسيس بمخاطر الألغام المضادة للأشخاص وسط الشعب الصحراوي في أبريل 1998 وماي 2000 عدد اللاجئين بنحو 90 ألف شخص. وقبل سنوات عدة دأبتاللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرينعلى تقدير عدد اللاجئين الصحراويين بطريقة ثابتة في الفصول المتعلقة بالصحراوي الغربية في تقاريرها السنوية بحوالي 110 آلاف شخصبينهم 80 ألفا في الجزائر وحوالي 25 ألفا في موريتانيا ونحو 5000 شخصا في دول مختلفة. وفي تقريرها الصادر عام 2003 تسجل اللجنة المشار إليها أعلاه أنهمنذ عدة أعوام والعدد الحقيقي للاجئين الصحراويين يبقى مشكلة خاضعة للمناقشة، فالسلطات الجزائرية ومسؤولو المخيمات يعلنون باستمرار أن عددهم يصل حوالي 165 ألفا يعيشون في مخيمات منطقة تندوف، ولكنهم لأسباب سياسية يمنعون منظمة الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين من إجراء إحصاء من أجل التأكد من هذا الرقم. ويقود مسؤولو المخيمات المنضمون إلى حركة استقلال الصحراء الغربية اللاجئين بأساليب عسكرية منذ سنوات عدة. وقد قدرت اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين العدد الحقيقي للاجئين الصحراويين في الجزائر بما يناهز نصف العدد المعلن رسميا. وفي تقريرها الصادر عام 2004 تتبنى اللجنة المذكورة الرقم الرسمي 165 ألفا ولكنها تؤكد على أنهاتعيد هذا الرقم لمطابقته مع عدد المستفيدين الذين تؤمنهم الوكالات الإنسانية الدوليةمما يعني أن عدد هؤلاء لم يجر التحقق منه بشكل مستقل.ولكن اللجنة في آخر تقرير لها صادر في بداية العام 2005 تعود إلى رقم أقرب إلى تلك التي أشارت إليها سابقا:إن الحكومة(الجزائرية)قد سمحت لجبهة البوليساريو باحتجاز مئات الآلاف من اللاجئين الصحراويين في أربع مخيمات حول المنطقة العسكرية لتندوف قريبا من الحدود المغربية لأسباب سياسية وعسكرية أكثر منها إنسانية، حسب أحد المراقبين.وتتابع اللجنة قائلة:وفقا لمنظمة العفو الدولية فإن هذه المجموعة من اللاجئين الممنوع من حرية الحركة في الجزائر ...هؤلاء اللاجئون الذين يتدبرون أمرهم من أجل مغادرة المخيمات من دون أن يكون مسموحا لهم بذلك، يتم توقيفهم دائما من قبل الجيش الجزائري وتسليمهم إلى سلطات البوليساريو التي ينسق معها جيدا فيما يتعلق بالمسائل الأمنية. وقد أكد لنا مصطفى بوه هذا الفرق بين العدد الحقيقي للاجئين والعدد المصرح به من قبل البوليساريو:تتلقى المخيمات مساعدات يتم احتسابها على أساس 165 ألف لاجئ، ولكن المفارقة أن البوليساريو لا تعترف سوى بوجود 75 ألف شخص موجودين في المخيمات ولهم حق التصويت في حالة إجراء استفتاء، وحسبما أعلم اليوم فإن العدد الحقيقي يقدر ما بين 35 و50 ألف شخص. توجد كميات مهمة من المساعدات التي يتم تحويلها في الأسواق الجزائرية والموريتانية وأيضا في مالي والنيجر، وبعضها ما يزال معلبا كما جاء.وجزء من هذه التحويلات يتم بشكل فردي، كما تؤكد قيادة البوليساريو، ولكن إذا كان هناك تلاعب بالأرقام فلا يمكن أن يكون ذلك من دون أن يكون منظما ومدعوما من القمة.ويفترض أن تكون الأموال التي يجري تحويلها موجهة لتمويل الحركة ولكن أيضا للرفع من مستوى عيش قيادة البوليساريو. إن هذه التحويلات، كما هو مؤكد، لها مضاعفات كبيرة على صحة اللاجئين.وتشير اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين في تقريرها لعام 2000 إلى أنموظفين تابعين للمنظمات الإنسانية قد سجلوا بأن أزيد من 30 بالمائة من الأطفال البالغ سنهم ما بين 5 و12 سنة يعانون من التغذية السيئة، وأزيد من 70 بالمائة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات يعانون من مرض الأنيميا، كما تعاني نحو 11 ألف إمرأة من نفس المرض.وفي تقريرها الصادر عام 2001 تسجل نفس اللجنة أنأكثر من 15 ألف طفل هم في حاجة إلى أحذية، وأخيرا، في تقريرها الصادر عام 2003 تشير إلى أنبعض المانحين طلبوا، بشكل شخصي، مراقبة عملية توزيع المساعدات لضمان أن لا يتم تحويلها من قبل المسؤولين السياسيين والعسكريينللبوليساريو. وكخلاصة، تسمح لنا المعلومات والوثائق التي حصلنا عليها بالقول أن التحويل الجزئي للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى اللاجئين الصحراويين هو حقيقة قائمة.وفي هذا الإطار يبدو من المستحيل تقدير الحجم الحقيقي لهذا التحويل أو تقدير حجم مسؤولية قيادة البوليساريو والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في ذلك.