قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد الطيب الفاسي الفهري, أمس الجمعة, إن تحالف الحضارات سيتعزز أكثر من خلال تجذره على المستوى الإقليمي. وأضاف الوزير, خلال الاجتماع السنوي لمجموعة أصدقاء تحالف الحضارات, عقد على هامش المناقشة العامة بالدورة ال65 للجمعية العامة للأمم المتحدة, "إلى جانب توجهه العالمي, فانه بإمكان تحالف الحضارات أن يتعزز أكثر من خلال ترسخه الإقليمي في مجال النهوض بالحوار بين الثقافات وتقوية أسس التفاهم والفهم المتبادل بين شعوب وأمم منطقة بعينها". وفي هذا الصدد, أبرز السيد الفاسي الفهري أن الفضاء الأورو- متوسطي, مهد الديانات التوحيدية الثلاثة , يمثل "ورشا واعدا من أجل تعزيز الحوار بين الإسلام والغرب, في وقت تزداد فيه حدة ظاهرة الخوف من الإسلام بوتيرة مقلقة". وأوضح أن التجذر الأممي لهذه المبادرة يضمن لها أيضا "إشعاعا وطابعا عالميا كفيلا بزيادة حظوظ نجاح عملها", معربا عن الأمل في توفير دعم مالي من الدول الأعضاء فيها. وقال إن تعزيز تحالف الحضارات أمر مرغوب وضروري لكونه أبان عن " أهميته " في إطار الجهود الأممية الرامية إلى التقريب بين الشعوب والحضارات. واعتبر أن تطور الأحداث التي عرفتها الساحة الدولية يبرز أهمية الأهداف المحددة لعمل تحالفنا الذي يبدو "ضروريا أكثر من أجل حماية السلم والأمن الدوليين". وأضاف أن تحالف الحضارات يمثل "شراكة شاملة وأفقية" توفر مجالا للعمل الجماعي من أجل خدمة أهداف نبيلة من قبيل السلام والحوار والتسامح والاحترام المتبادل والتنوع الثقافي والديني. وقال الوزير إنه مقتنع بأن "الانخراط التام والتزام الجميع بمبادء هذا التحالف وأهدافه له أهمية حاسمة" من أجل تحقيق الأهداف التي حددتها هذه المبادرة سنة 2005. وأكد أنه بالفعل, وبعد خمس سنوات على إطلاق تحالف الحضارات "استطاعت مبادرتنا أن تطبع دينامية طموحة وتضامنية من أجل عمل جماعي حقيقي يروم المساهمة في فهم أفضل وتعاون أوثق بين مختلف الثقافات والأمم والمجتمعات". وسجل أنه بفضل عمله المبتكر ومقاربته المندمجة وتوجهه العملي, استطاع التحالف " أن يضع تصورات وان يعبىء الجهود الدولية حول أعمال شاملة وتشاورية باتجاه تعزيز حكامة التنوع الثقافي وإرساء فهم أفضل للطابع المعقد لقضية الهجرة" وأضاف أن تقدما من هذا القبيل , لايمكنه مع ذلك , أن يخفي المشاكل التي تعرفها الرابطة والتحديات المستقبلية التي تواجهها. واعتبر أن المجال الواسع لعمل تحالف الحضارات والانتظارات المختلفة التي تظهر هنا وهناك, تتطلب" وضع نموذج شامل للحوار بين الحضارات". وتابع أن المملكة تبقى مقتنعة بأن خدمة قيم الرابطة يمر أيضا عبر "تحقيق عدالة اقتصادية واسعة بين الدول والأقاليم ", وعبر "التسوية السلمية للنزاعات وتعزيز السلم". ولاحظ وزير الشؤون الخارجية والتعاون في هذا الصدد, أن نزاع الشرق الأوسط والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني "تبقى مصدر انشغال بالنسبة للمملكة المغربية". وقال إن " صاحب الجلالة رئيس لجنة القدس وهو يجدد دعواته إلى بذل كافة الجهود من أجل إيجاد حل لهذا النزاع , ما فتئ يذكر بتمسك المغرب بالحفاظ على هوية مدينة القدس" . وبخصوص دعم المملكة لمختلف المبادرات الرامية إلى تعزيز تحالف الحضارات, أشار السيد الفاسي الفهري إلى مساندة جهود المملكة لمؤسسة أنا ليند الهادفة إلى إعطاء الحوار ما بين الثقافات مكانة متميزة ضمن عملها في منطقة البحر الابيض المتوسط. وعبر الوزير في الختام , عن رغبة المملكة في احتضان أشغال المنتدى السادس لرابطة تحالف الحضارات سنة 2013 الذي يعد الأول من نوعه بالنسبة لتحالف الحضارات بالقارة الإفريقية, مسجلا أنه بالإضافة إلى الجهود المبذولة على المستوى الإقليمي فإن"مشروع الاتحاد من أجل المتوسط سيساهم في الوقت المناسب في تفكيرنا المشترك بشأن السبل والوسائل الكفيلة ببناء عالم يسوده التسامح والسلم والأمن بالنسبة لأجيال الحاضر والمستقبل". وتجدر الإشارة إلى أن المغرب الذي يعمل لفائدة هذا التحالف كان قد احتضن يومي 10 و11 نونبر 2009 اجتماعا لهذا التحالف بالرباط. كما شاركت المملكة بشكل فعال في أشغال الندوة الدولية الثالثة لتحالف الحضارات بريو بالبرازيل في نهاية ماي 2010 حول موضوع " بناء جسور بين الثقافات وتعزيز السلم" , وقدمت استراتيجية وطنية لمعالجة متطورة للتنوع الثقافي. وتستلهم الاستراتجية مضمونها من قيم التسامح والانفتاح وتطوير حوار الحضارات التي هي في انسجام تام مع الثوابت التاريخية للمملكة ومرتكزاتها وخياراتها السياسية والثقافية , والتي تشكل عاملا مرجعيا معترفا به في مجال الحوار بين الحضارات في الفضاء الإفريقي والأورومتوسطي.