فر المرضى والأطر الطبية من داخل المستشفى الإقليمي بابن سليمان بعد أن هاجمتهم ليلا أسراب من البراغيث والبق والبعوض والصراصير، وبعد أن غمرت تلك الحشرات الأغطية والأفرشة والتجهيزات الطبية، وتمكنت من لسع المرضى منهوكي القوى والمسنين، وأجبرتهم على التخلي عن العلاج. كما زادت الحرارة وغياب المكيفات الهوائية والرطوبة والروائح الكريهة من تعفن الغرف وتردي الأوضاع الصحية للمرضى الذين لا حول لهم، والذين غامروا، بسبب فقرهم، بقبول الخضوع للعلاج داخل مستشفى تشهد الوزارة الوصية وعمالة وبلدية ابن سليمان على أنه آيل للسقوط، ويشهد الطاقم الطبي والمرضى أنه لم يعد يصلح حتى كإسطبل للدواب. مندوبية الصحة بالإقليم وإدارة المستشفى، وبعد الهجوم الكاسح للحشرات، قررتا طلب دعم مكتب حفظ الصحة بالمدينة، حيث تم إغلاق قاعتي الجراحة وغرفة الإنعاش، وإخضاعهما للتنظيف عن طريق رش الغرف بمبيدات الحشرات التي تم اكتشافها داخل عدة أجهزة وعلى طول الأسلاك الكهربائية. وينتظر أن يظل مرضى الإقليم محرومين من خدمات قاعتي الجراحة (جراحة العيون، جراحات باطنية، الولادات العسيرة...) إلى ما بعد عيد الفطر. فيما ينتظر أن تخضع قاعة الولادة بدورها لنفس العملية على أمل أن يتم القضاء على الحشرات. ويتخوف بعض الأطباء من أن يكون لمبيدات الحشرات أثر سلبي على الغرف والأجهزة الطبية المتقادمة، وأن تلحق بها بعض الأعطاب أو تترك سموما تنتقل إلى المرضى عند إجراء العمليات. ولم يعد المستشفى الذي يدخل ضمن خانة المستشفيات التي تسير نفسها بنفسها، ويقدم خدمات مؤدى عنها من طرف الساكنة، في مستوى الصحة بالإقليم، فمعظم الأطباء عاطلون عن العمل، يقضون النهار والليل داخل مستشفى متعفن ومهدد بالانهيار. باستثناء قاعة المستعجلات التي تتوفر على وسائل جد متواضعة، وقاعة الولادة التي تستقبل فوق طاقتها، إلى درجة أن الغرف المتعفنة والضيقة، تستقبل حوامل لا يجدن أَسرَّة، فتضطر إدارة المؤسسة إلى السماح لهن بالمكوث على الأرض أو استعمال سرير لكل امرأتين. وفي الوقت الذي يئن مرضى ومستخدمو المستشفى، تكتفي الجهات المعنية بإعطاء وعود كاذبة عن قرب افتتاح المستشفى الجديد. حيث سبق وصرح مندوب الصحة في إحدى دورات المجلس عن قرب افتتاحه، كما أكد رئيس البلدية خلال الدورة الأخيرة أن المستشفى سيفتتح يوم 20 غشت الأخير. وقد علمت «المساء» من مصادرها أن كل الجهات المعنية مخلة بواجبها تجاه ساكنة المدينة، فالوزارة الوصية التي أرسلت العشرات من لجنها لتفقد المستشفيين القديم والجديد، لم تسارع إلى إصلاح كل ما خلفه الصينيون، أصحاب المشروع، من غش وعشوائية في البناء، حيث تسير الإصلاحات ببطء شديد، كما أن سقف المستشفى جد قصير، والغرف لا توافق الأجهزة الطبية، والسكن الوظيفي جد ضيق. وعمالة وبلدية ابن سليمان وعدتا بإحداث بمساحات خضراء داخل وبجوانب المستشفى وإحداث مدار وممرات الولوج إلى المستشفى وإحداث سور واق للمستشفى، لكن المستشفى لازال ملجأ للعقارب والأفاعي والكلاب والقطط الضالة، ولازالت البرك المتعفنة بجواره. وطالب المرضى بتدخل السلطات الوصية من أجل تمكين الإقليم من مستشفى يضمن لهم صحتهم، بعد أن أصبح المركز الاستشفائي الإقليمي مهددا بالانهيار بعد أن تم إخلاؤه من المرضى، وتأخر فتح المستشفى الجديد الذي سيعمل بنفس الموارد البشرية العاملة بالمركز الاستشفائي، ويتوفر على تجهيزات طبية مهمة كلفت وزارة الصحة ملايير السنتيمات، تتعرض منذ ثلاث سنوات للتلف، ويعيش سكان إقليم ابن سليمان وضعا صحيا استثنائيا بعد أن أصبحوا مضطرين إلى التنقل إلى المدن المجاورة من أجل العلاج من أمراض عادية، تفاديا لولوج المستشفى الإقليمي المهدد بالانهيار.