هذه مجموعة من بعض النصوص التي ترجمتها في السنوات القليلة الماضية من اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مقالات كتبتها لترافقها. وهذه النصوص عبارة عن مواد ثقافية متنوعة في السياسة، التاريخ، الاجتماع، الأدب العلم، الفن، والطب النفسي. ودافعي لترجمة هذه النصوص- في المقام الأول- هو تأثري بشخصيات قائليها ونبل المبادئ التي يدعون إليها في معظم النصوص، أو أهمية الموضوعات وكونها قد تكون غير معروفة تماما بالنسبة إلى القارئ العربي كما في بعضها الآخر. - مويرز: متى غادرت تشيلي؟ ألليندي: بعد سنة ونصف تقريبا. - مويرز: إذن. عشت أكثر من نصف عمرك خارج بلدك! ألليندي: تقريبا كل عمري. لقد كنت ابنة دبلوماسي، وكنت في الخارج دائما. ولكن جذوري في الشيلي قوية على الرغم من ذلك. - مويرز: لماذا سميت كتابك «بلدي المخترع»؟ ألليندي: لأنه سيرة ذاتية غير موضوعية. إنه ليس بحثا مفصلا ودقيقا عن الشيلي. إنه عن الأشياء التي أتذكرها وأحبها أو أكرهها في الشيلي. الذاكرة دائما غير موضوعية. - مويرز: هل تثقين بذاكرتك؟ أعني أنك شبهت الذاكرة (في الكتاب) بالدخان: مؤقتة وسريعة الزوال. هل تثقين بشيء مثل الدخان؟! ألليندي: ليس كثيرا- ولكن هذا ليس مهما- أنا أحب التاريخ.. أحب الأسطورة. - مويرز: هل صحيح أن الشيلي - عندما كنت صغيرة - كانت مجتمعا ذكوريا؟ أعني أن الآباء والأمهات يربون البنات على خدمة الأولاد. ألليندي: نعم. ولكن ربما ليس مثل البلاد الإسلامية في وقتنا الحاضر. هناك الكثير ممن يفكرون بطريقة ذكورية في أمريكا اللاتينية. - مويرز: حسنا.. ماذا كان لك ذلك يعني كبنت؟ ألليندي: لقد تمردت على كل أشكال السلطة.. على جدي.. على زوج أمي.. على الكنيسة.. على الشرطة.. على الحكومة.. على كل أنواع الرؤساء.. على كل شيء ذكوري كان يحد من حريتي! - مويرز: ومع هذا لا أحس أن لديك حقدا. ألليندي: تقصد على الرجال؟ كلا، أنا أحبهم.. أحبهم كثيرا! - مويرز: إذن.. كانت الثقافة. وأعتقد أن الرجال هم أيضا ضحايا لهذه الثقافة. - هل كان هناك ازدراء لعقل المرأة؟ ألليندي: نعم.. كان هناك احتقار للنساء. وكذلك بغض. وكان علينا تحمل الكثير من المعاناة. - مويرز: كيف استطعت التحرر من هذه الثقافة، التي كانت تحاصرك وتسجنك، في حين أن القبضة نفسها لا تزال تحاصر الكثير من النساء اللاتي لم يستطعن الهروب منها مثلك؟! ألليندي: لأن الوقت كان قد حان. كما تعرف. كل الأمور تصل إلى مرحلة تصبح عندها ناضجة ومستعدة للتغيير. ما شعرت به هو مثل الصدى للأحداث التي كانت تقع في مختلف أنحاء العالم. النساء في أوربا وبالولاياتالمتحدة كن يكتبن.. يحاربن.. ينظمن أنفسهن. نحن لم نعرف هذه الأشياء. ولكن، وكما يحدث للجماهير الناقدة، كان الوقت قد حان للتغيير، وأنا كنت من الجماهير الناقدة. لقد كنت محظوظة جدا لأني ولدت في جيلي وليس جيل والدتي! - مويرز: عواطفك (في كتابك الأخير) تبدو قوية جدا: الفكاهة حادة، والحزن عميق جدا. هل هي العواطف نفسها أثناء وقوع الأحداث التي تروينها؟ ألليندي: لا أزال أشعر بها! لا أزال أشعر بالغضب والضحك والرغبة في التغيير.. ليس التغيير في الشيلي- في نسائها ورجالها - وحسب، ولكن في العالم. أريد أن أغير العالم! - مويرز: هل هذا هو سبب تأليفك هذا الكتاب؟ ألليندي: كلا. لقد كتبته بسبب ملاحظة قالها حفيدي. شاهدني حفيدي وأنا أتفحص خارطة التجاعيد في وجهي أمام المرآة. ضربني على ظهري وقال: «لا تقلقي ياعجوزي. سوف تعيشين ثلاث سنوات على الأقل!». فكرت فيما قاله: أين أريد أن أعيش هذه السنوات الثلاث؟ وكيف؟ كان هذا التفكير نقطة البداية لهذا الكتاب. كان علي الاختيار في البداية: الشيلي -الشيلي المتخيلة- أو حياتي في الولاياتالمتحدة؟ وبعد نهاية الكتاب اكتشفت أنني لست بحاجة للاختيار. أستطيع أن أملك كليهما، وأستطيع أن أكون ذات ثقافة ثنائية، وأستطيع أن أحصل على أحسن ما في هاتين الثقافتين وأستعمله. - مويرز: هل صحيح أنك تبدئين تأليف كتبك الجديدة دائما بتاريخ 8 يناير؟ ألليندي: نعم - مويرز: دون استثناء؟! ألليندي: دون استثناء. - مويرز: كيف تكتبين؟ هل تواصلين حتى النهاية؟ ألليندي: أكتب بصورة متواصلة حتى أنتهي من المسودة الأولى. وبعد ذلك أشعر بالحاجة للخروج. ولكن طوال فترة كتابة المسودة الأولى لا أخرج. أبقى منعزلة. إنه وقت التأمل وحبك القصة. أشعر (في هذه الفترة) أن هناك حيزا مظلما، وأنني أدخل هذا الحيز حيث توجد القصة. ويجب علي أن أدخل الحيز كل يوم ومعي شمعة. وببطء سوف تبدأ القصة بالظهور والوضوح. - مويرز: شمعة؟! ألليندي: نعم.. شمعة. الفكرة هي أن هناك ضوءا قليلا سوف يضيء بعض أجزاء القصة فقط. تدريجيا حتى تكتمل. - مويرز: هل هي شمعة «ميتافيزيقية» أو أنت حقا... ألليندي (مقاطعة): الاثنتان. إنها شمعة حقيقية، وأيضا شمعة «ميتافيزيقية» في ذهني لكي أتخيل القصة. أنا أعرف أن شخصيات القصة موجودة في مكان ما من الغرفة. يجب فقط أن أساعدها على الظهور لكي تصبح أناسا. هذه هي مهنتي. - مويرز: ولكن هل تكتبين حقا في ضوء شمعة حقيقية تحترق؟! ألليندي: نعم.. نعم - مويرز: لماذا؟ ألليندي: لأني أكره ساعات الوقت. وإذا كانت لدي شمعة، فإنني أكتب طوال فترة اشتعالها. وعندما تنتهي الشمعة، يمكنني تناول طعام العشاء، ثم عمل أمور أخرى. - مويرز: إذن.. أنت تكتبين طوال اليوم! الليندي: أقصد أن لدي كهرباء في المنزل! ولكن الشمعة هي كساعتي. * كاتب ومترجم سعودي مقيم بالمغرب