هذه مجموعة من بعض النصوص التي ترجمتها في السنوات القليلة الماضية من اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى مقالات كتبتها لترافقها. وهذه النصوص عبارة عن مواد ثقافية متنوعة في السياسة، التاريخ، الاجتماع، الأدب العلم، الفن، والطب النفسي. ودافعي لترجمة هذه النصوص- في المقام الأول- هو تأثري بشخصيات قائليها ونبل المبادئ التي يدعون إليها في معظم النصوص، أو أهمية الموضوعات وكونها قد تكون غير معروفة تماما بالنسبة إلى القارئ العربي كما في بعضها الآخر. عُرف آنشتين بكونه داعية لاعنف في حل النزاعات الدولية. وفي 30 يوليوز 1932 كتب الرسالة التالية إلى سيغموند فرويد حول السلم وأسباب الحروب: «... إن الطريق إلى السلم العالمي يتطلب تخليّاً غير مشروط من كل الأمم عن جزء من حريّاتها وسيادتها. أنا أشك في أن هناك وسيلة أخرى للسلم العالمي. طغيان السلطة يجعل الحزب الحاكم في أي أمة يقاوم أي حدٍّ من حقه في السيادة. كيف يمكن لهذه المجموعة الحاكمة الصغيرة أن تجعل الجماهير تتبع أهواءها، على الرغم مما ينتج عن هذه التبعية من خسائر ومعاناة؟! (وعندما أتكلم عن الجماهير، لا أستثني الجنود من كل رتبة، الذين اختاروا الحرب مهنةً لهم، اعتقادا منهم أنهم يدافعون عن أغلى الأفكار لشعبهم، وأن الهجوم هو الأفضل وسيلة للدفاع). الجواب المباشر هو أن الأقلية- أي الحزب الحاكم – تمتلك المدرسة والكنيسة والإعلام. بواسطة هذه الطرق يمكنها الحكم وتوجيه مشاعر أغلبية السكان وتطويعها لتوافق أهواءها...». كما أجاب آينشتين بالرسالة التالية عن أسئلة طرحها عليه جيمس برنز من جامعة برنستون حول الخطر النووي ومتطلبات السلم العالمي: «عزيزي السيد برنز: التصريح الذي سمعته مبالغ فيه نوعاً ما- في رأيي- لأن نصف قُطر دائرة الدمار لقنبلة نووية واحدة لن يكون أكثر من عشرة أميال. ولذلك يبدو- بدون شك- أن واحدة من هذه القنابل الكبيرة قد تكون قادرة على تدمير الحياة في مدينة كاملة بضربة واحدة، ولكن ليس الحياة في دولة كاملة. هذا التقييد- مع ذلك- لا يغير من حقيقة أن أمن بلادنا ممكن فقط على أساس حكومة عالمية قوية تتخطى السلطات القومية، بدلا من قوات عسكرية وطنية مستقلة. من الصعب إدراك أن هناك ناسا عقلاء يستطيعون تجاهل هذه المناقشة المقنعة، التي ليست قابلة للجدل والمتاحة لكل شخص. المخلص: ألبرت آينتين». وفي 18 ماي 1954 أرسل آنشتين الرسالة التالية إلى إتش هربرت فوكس عالم الرياضيات الأمريكي بخصوص مبدأ اللاعنف: شكرا على رسالتك المؤرخة في 10 ماي. كنت – ولا أزال- داعية لا عنف، وأرفض أن أعترف باستخدام القوة الوحشية طريقة لحل النزاعات الدولية. ورغم ذلك.. أعتقد أنه من غير المعقول التمسك بهذا المبدأ دون تحفظ. لا بد من عمل استثناء إذا ما هددت قوة عدوانية بتدمير دولة أخرى. وهذا ما كان عليه الوضع في ألمانيا تحت حكم هتلر. في ذلك الوقت، كان هناك خطر أن يقوم الألمان تحت حكم هتلر بتطوير أسلحة نووية تعطيهم التفوق العسكري المطلق. لهذا السبب وجدت أن من الضروري أن أنذر الحكومة الأمريكية بهذا الخطر. لو علمت في ذلك الوقت أن الخطر لم يكن موجودا في الحقيقة لما فعلت أي شيء بهذا الخصوص. الخطر اليوم مختلف جدا. لا توجد نية من مجموعة لمهاجمة مجموعة أخرى. الخطر الآن هو نشوب حرب عالمية تؤدي- على الأرجح- إلى الدمار الشامل في الكرة الأرضية. إن ضمان التعايش السلمي لكل الأمم– في هذه الظروف- ليس واجبا أخلاقيا وحسب، بل ضرورة مطلقة. ونظرا للوسائل الفنية الحالية للدمار لا يستطيع شخص عاقل أن يشك في أن هناك طريقا آخر غير طريق اللاعنف. المخلص: ألبرت آينشتين». * كاتب ومترجم سعودي مقيم بالمغرب