فيما يبدو أنها بداية تفعيل توصيات الندوة التنظيمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التي عقدت يومي 3و4 يوليوز الماضي، وانتهت بوضع خريطة طريق للخروج من حالة الاحتباس التنظيمي التي يعيشها الحزب، تشرع اللجنة المكلفة بصياغة التعديلات المزمع إدخالها على القانون الداخلي والأساسي للحزب، في عملها ابتداء من هذا الأسبوع. واستنادا إلى قيادي اتحادي، فإن اللجنة المشكلة من كل من محمد محب، ومصطفى عجاب، وجواد شفيق، وعبد الرحمان العمراني، ستستدعى لتفعيل المقررات والتوصيات الصادرة عن الندوة، وإنهاء عملها قبل 15 أكتوبر المقبل، التاريخ المحدد من قبل قيادة حزب المهدي بنبركة لعقد المجلس الوطني (برلمان الحزب)، مشيرا إلى أن لجنة الصياغة ستجد نفسها أمام تحديات أثناء عملية صياغة التعديلات، من أبرزها توصية اعتماد نظام اللائحة في انتخاب المكتب السياسي للاتحاد والمكاتب الجهوية والإقليمية والمحلية، كخطوة لتمكين مختلف التعبيرات والحساسيات من التمثيل داخل تلك الأجهزة، وكإجابة عن أحد مظاهر المأزق التنظيمي الذي يعيشه الحزب، والذي دفع بالعديد من الاتحاديين في صفوفه إلى مغادرته أو إلى تجميد عضويتهم في أحسن الأحوال. وتأتي على رأس تلك التحديات كيفية إنزال مبدأ الاقتراع باللائحة، خاصة أن الندوة التنظيمية لم تحدد نوع الاقتراع الذي سيتم تبنيه ولم تقف توصياتها الختامية عند تفاصيل هذا النمط من الاقتراع، الأمر الذي يفتح باب الجدل داخل البيت الاتحادي. إلى ذلك، لم يستبعد جواد شفيق، عضو اللجنة المكلفة بالصياغة، أن تلجأ اللجنة خلال عملها إلى «التخفيف والتلطيف من حدة» بعض التوصيات والمساطر حتى تحظى بالإجماع، وإلى مراعاة طبيعة المرحلة الانتقالية، مشيرا في هذا السياق إلى أنه من الممكن على مستوى نمط اللائحة الاستعاضة عن اشتراط حصول اللائحة على 51 في المائة من الأصوات، والاكتفاء بحصولها على 40 في المائة مثلا حتى يكون لباقي اللوائح تمثيل. وقال شفيق في اتصال مع «المساء»، تعليقا على الجدل الدائر داخل حزب المهدي بنبركة بخصوص اعتماد نمط اللائحة في انتخاب أجهزته: «صحيح هناك تخوفات مشروعة بخصوص اللائحة باعتبار أن كل جديد يثير التخوف في النفوس، إلا أن هناك أيضا تخوفات غير مشروعة، مشيرا إلى أن «كل تراجع عن اعتماد نمط اللائحة الذي اعتمد بالإجماع سيكون كارثيا على مستقبل الاتحاد، وسيفقد مناضليه وقيادته الصدقية». وكانت الندوة التنظيمية قد صادقت بالإجماع على اعتماد نظام اللائحة في انتخاب أجهزة الحزب، مما اعتبر «ثورة»، حسب قياديين اتحاديين، في تاريخ القرارات التنظيمية، فيما انبرت لمعاكسته أسماء قيادية، مثل عبد الهادي خيرات الذي يتمسك بنمط الاقتراع السري على قاعدة الترشيح الفردي المعمول به منذ المؤتمر الوطني السادس. وعلى عكس المعارضة القوية التي أبداها خيرات، دافع إدريس لشكر، عضو المكتب السياسي، خلال مناقشات الندوة التنظيمية، بقوة عن نظام اللائحة فيما وصف بالتحول الكبير والإيجابي جدا في موقفه، معتبرا أنه لا يمكن للمكتب السياسي، المتهم غالبية أعضائه بوضع «بلوكاج» أمام اعتماد نمط اللائحة، الالتفاف على إرادة الاتحاديين بهذا الخصوص. إلى ذلك، اتهم شفيق قياديين في الشبيبة الاتحادية بخدمة أجندة أعضاء في المكتب السياسي، وقال تعليقا على ما عاشه الحزب بعد اتهام أعضاء في التنظيم الشبابي لقياديين في المكتب السياسي بأنهم تعودوا على التسابق على المناصب أمام أعين المناضلين: «إذا علمنا أن 90 في المائة من قيادة الشبيبة سيغادرونها قريبا، فإن السؤال الذي يثار هو : علام يتصارعون؟ أعتقد أن صراعهم على لا شيء، إن لم يكن خدمة لأجندة غيرهم، أجندة أعضاء في المكتب السياسي». ووصف المصدر ذاته الصراع داخل الشبيبة كما صراعات سابقة ب«المفتعلة والمخدومة»، مبديا استغرابه من حدوث مثل تلك الصراعات بالقول: «ما يثير الاستغراب هو أنه كلما تزودت شرايين الاتحاد بكمية من الأوكسجين، يتم اختلاق وقائع تلهي الحزب في نقاش غير ذي موضوع».