يمارس المواطن طاء علي الفلاحة، منذ أزيد من نصف قرن، في ضيعة فلاحية كان يكتريها والده من معمر فرنسي بجماعة الهراويين عمالة إقليم مديونة بالدار البيضاء. بعد قانون المغربة تم تحويل إدارة وتسيير تلك البقعة الأرضية الفلاحية إلى شركة صوجيطا العمومية سنة 1957، ثم إلى إدارة الأملاك المخزنية، حيث استمرت العلاقة الكرائية بين الطرفين إلى أن فوجئ علي في يناير 2008 بدخول مجموعة العمران على الخط، بتقدمها بمسطرة قضائية في مواجهته، بدعوى استغلال عقار بدون أي حق أو سند قانوني وبعد ذلك طالبت قضائيا بطرده. وإذا كان يبدو لأول وهلة أن القضية تتعلق بنزاع عقاري عادي فإن الأمور تغيرت عندما تم الزج بمشروع اجتماعي هام، وهو إعادة إسكان سكان كاريان سنطرال في هذا النزاع، بل أكثر من ذلك أقحم اسم الملك في الموضوع، عندما بنى دفاع العمران مقاله على «إعطاء جلالته تعليماته لتنفيذ المشروع في أسرع الآجال»، بينما يقول المواطن علي: «أنه لم يتم إخبار جلالة الملك بحيثيات النزاع وأنه تم إقحام اسم جلالته للتأثير على القضاء». فهل قيل للملك إن هناك مواطنا مغربيا يستغل هذه الأرض منذ خمسين سنة ويشغل عشرات العمال ويزرع 90 هكتارا من القمح والشعير والخرطال والبرسيم، وأن الأرض التي سيقام عليها المشروع محط نزاع لم يقل فيه القضاء كلمته الأخيرة بعد؟ مجموعة «العمران» على لسان مديرها نجيب لعرايشي، تبرر موقفها بأن «المكتري تلقى إنذارا سنة 2006 من طرف مديرية الأملاك المخزنية يشعره بتفويت الأرض لمجموعة العمران ويطالبه بإفراغ الملك المخزني، مما يعتبر إنهاء للعلاقة الكرائية، خاصة وأن إدارة الأملاك المخزنية بإمكانها ألا تجدد عقد الكراء، وفي هذه الحالة أصبح علي طاء محتلا للأرض بدون سند» لكن المواطن طاء يرد على ذلك قائلا: «لقد بعثت جوابا عن الإنذار واستمرت العلاقة الكرائية لأني استمررت في تأدية سومة الكراء بواسطة عون ولدي كل الإثباتات على ذلك». ويزداد الالتباس عندما يؤكد طاء علي أن جلالة الملك دشن مركزا للتكوين المهني ومقر القيادة على جزء من الأرض التي يكتريها وأن دفاع العمران ركز في مقاله المرسل إلى رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء على «تنفيذ تعليمات صاحب الجلالة في إطار المرامي والأهداف السامية لجلالته من أجل القضاء على مدن الصفيح». وبهذا الخصوص يقول توفيق حجيرة، وزير السكنى والتعمير: «إن تدشين جلالة الملك لمركز للتكوين المهني لا علاقة له بمشروع إعادة إسكان سكان كاريان سنطرال، وجميع المشاريع التي يدشنها صاحب الجلالة تكون صافية من المنازعات كما أن القضاء قال كلمته في هذا الملف وانتهى الأمر». إلى ذلك اعتبر المواطن علي أن السلطات المحلية متواطئة مع مجموعة العمران «لأنها لم تجب عن طلب التملك الذي بعث به إليها في يناير 2008 وفق مقتضيات قانون 05.01 الذي دخل مرسومه حيز التطبيق في غشت 2006»، ويبرر تأخره في التقدم بهذا الطلب رغم علمه بإجراءات العمران بأن «القانون يمنح كل طالب أجل سنتين الذي لن ينتهي إلا شهر غشت 2008». وفي هذا السياق حكمت المحكمة بإفراغ المواطن طاء للملك المذكور بعد نصف قرن من الاستغلال وينتظر أن ينفذ الحكم بالقوة يوم 10 يوليوز 2008. هذا، وراسل طاء، في آخر محاولة له، الوزير الأول من أجل إنصافه لكن يبدو أن الأمور قد حسمت على أعلى المستويات.