قال الباحث في الاقتصاد الفلاحي، نجيب أقصبي، إن من أكثر القطاعات حاجة إلى الشفافية تدبير أراضي الدولة الفلاحية، مشيرا إلى أنه يجهل لحد الساعة مصير 700 ألف هكتار من الأراضي المسترجعة، كما أن الوثائق الرسمية تتجاهل الحديث عن هذه المساحات، وتركز فقط على أراضي الإصلاح الزراعي وأراضي صوديا وصوجيطا. وتساءل أقصبي، مساء أول أمس الخميس في لقاء نظمته ترانسبرنسي المغرب حول حكامة العقار الفلاحي العمومي، عن كيفية التغلب على الإشكالية العقارية لتنفيذ مشاريع «المغرب الأخضر» في وقت لم يتم حل مشكل تدبير أراضي الدولة الفلاحية قبل عقود، مضيفا أن المغرب استرجع مليون هكتار من المعمرين، ذهب 180 ألف هكتار منها إلى شركتي صوديا وصوجيطا، ووزع نحو 300 ألف هكتار في إطار الإصلاح الزراعي. كما أشار الباحث نفسه إلى أن الغموض يكتنف أيضا تدبير الأراضي الفلاحية الوقفية، والتي لا يوجد أي رقم أو إحصاء معلن حولها، في وقت يعرف فيه هذا الرصيد العقاري زيادة عبر السنوات، لأن إدارة الأوقاف تكتشف كل مرة في وصايا الأموات تحبيس المغاربة لجزء من أراضيهم لأعمال البر. من جانب آخر، قدم مدير وكالة التنمية الفلاحية ورئيس مجلس إدارة «صوديا» أحمد حجاجي، خلال اللقاء نفسه، تصور وزارة الفلاحة لكيفية التغلب على الإشكالية العقارية لتنفيذ مخطط المغرب الأخضر، والذي سيحتاج لنحو 700 ألف هكتار توضع رهن إشارة المستثمرين. وفي هذا السياق، اعتبر حجاجي أن دخول المخطط الأخضر حيز التنفيذ يؤشر على بدء مرحلة جديدة في تدبير العقار الفلاحي العمومي بالمغرب، بعد مرور 3 مراحل منذ استقلال المغرب إلى غاية الآن، فمن توزيع أراضي الدولة على الفلاحين والعمال الفلاحيين إلى إحداث شركتين عموميتين لتسيير جزء من الأراضي المسترجعة إلى مرحلة ثالثة بدأت سنة 2003 بإطلاق شراكة بين القطاعين العام والخاص لوضع أراضي صوديا وصوجيطا تحت تصرف المستثمرين الخواص في إطار عقود كراء طويلة الأجل. ويتجلى العنوان البارز للمرحلة الرابعة في تدبير أراضي الدولة الفلاحية في اعتماد مقاربة التجميع في إطار مشاريع فلاحية كبرى كطريقة لتجاوز إشكالية صغر الضيعات الفلاحية بالمغرب، ف 70% من الأراضي المزروعة بالمغرب لا تتعدى مساحتها 5 هكتارات. وأشار المسؤول الفلاحي إلى أن عددا من المستثمرين في الصناعة الغذائية تخلوا عن الاستثمار في القطاع الفلاحي بسبب غياب الوعاء العقاري المطلوب، ومن شأن عمليات التجميع أن تساعد على التغلب على هذه الإشكالية. وبخصوص الكيفية التي ستعبئ بها وزارة الفلاحة العقار الذي يحتاجه تنفيذ المغرب الأخضر، قال حجاجي إنه بالإضافة إلى أراضي صوديا وصوجيطا، هناك الملك الخاص للدولة الذي يتم حاليا إعداد تصور جديد بشأنه ويقضي بتفويته للخواص في إطار عقود كراء لمدة طويلة الأمد عوض المدد القصيرة المسموح بها حاليا، وهي وضعية غير مريحة للمستثمرين الذين يريدون ضخ أموالهم على المدى الطويل. وأشار المتحدث نفسه إلى أنه سيلجأ أيضا إلى الأراضي الجماعية، التي تمثل 17 % من إجمالي الأراضي الفلاحية بالمغرب، وفق نظام استغلال جديد يعتمد مبدأ الكراء للمستثمرين، ولكن مع حفظ حقوق المستفيدين الحاليين من تلك الأراضي.