بنك المغرب: الدرهم يرتفع مقابل اليورو    حسنية أكادير يتعادل مع المغرب التطواني (1-1)    حقيقة الأخبار الرائجة عن حملة للقضاء على الكلاب الضالة بالمغرب    محتجزون سابقون بسجون "البوليساريو" يقدمون شهادات مؤلمة عن الظروف القاسية واللا إنسانية التي تعرضوا لها    بنك المغرب.. ارتفاع الودائع البنكية بنسبة 9 في المائة نهاية سنة 2024    ارتفاع الإيرادات الضريبية للجماعات الترابية إلى 43,4 مليار درهم    "القسام" تفرج السبت عن ثلاث رهائن    الإدارات العمومية تعمل بالتوقيت المسترسل خلال شهر رمضان    المغرب يستعد لإقتناء 3500 حافلة كهربائية من الخارج لتعزيز النقل الحضري بهذه المدن    رواية متهم بتهريب المخدرات لبعيوي    بائعو السمك بسبتة المحتلة يدعمون استيراده من المغرب    السينما الصينية تنافس هوليود.. فيلم "نزهة 2" الصيني يحقق إيرادات تتجاوز 10 مليارات يوان ويصنع تاريخاً في عالم الرسوم المتحركة    المغرب يشارك اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي    نبذة عن الكاتب العام الجديد لعمالة الناظور ومساره المهني    بيت الصحافة بطنجة يحتفي باليوم العالمي للإذاعة بندوة حول الإعلام الرياضي    قتيلان و ثلاثة جرحى في حريق بقصر المؤتمرات بمراكش    الدوري الدولي التركي لكرة القدم.. المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة يفوز باللقب    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    جثة تستنفر أمن الحسيمة    بعد الهجوم عليها.. بوسيل ترد على سرحان: "تعيشين آخر 5 دقائق من الشهرة بطريقة رخيصة وعنصرية"    نجم "الكواسر والبواسل".. رحيل الكاتب السوري هاني السعدي    حقائق لفهم عقدة جيراندو من القضاء المغربي ونشره لفيديوهات تستهدف سمعته وتشهر برجالاته    مارلاسكا : التعاون الأمني المغربي الإسباني ضمانة للاستقرار في البحر الأبيض المتوسط    مواقيت العمل في الإدارات العمومية خلال رمضان    المعارض الجزائري أنور مالك يكشف تورط النظام الجزائري في نقل أموال إيرانية لحزب الله عبر الجزائر وتجنب لبنان لأزمة دبلوماسية    رصد جسيم "نيوترينو" في البحر الأبيض المتوسط.. علماء مغاربة يساهمون في اكتشاف تاريخي    طنجة احتضنت لقاءً حول الاستثمار الجهوي.. 23 منصة صناعية ولوجستية لتعزيز التنمية    حزب الحركة الشعبية يقيم الأداء الحكومي ويؤكد جاهزيته لقيادة المرحلة المقبلة    أرباح اتصالات المغرب تسجل انخفاضا    55 مليون درهم.. استثمار صيني في المغرب لدعم تحول صناعة السيارات نحو المستقبل    قمة لقادة عرب لبحث الرد على ترامب    مكرمو لمجرد يسحبون إعلانات الجائزة    الكونغرس الكولومبي يدعم المغرب    عدد زبناء مجموعة اتصالات المغرب يبلغ 79,3 مليونا في 2024    برشيد: تسرب المياه العادمة يهدد صحة سكان حي الراحة    الرجاء الرياضي يعلن تعيين خالد مولهي مساعدًا للمدرب الشابي    محكمة تدين رئيس أولمبيك مارسيليا الفرنسي بسبب تصريحات معادية للإسلام    الصحراء.. الكونغرس الكولومبي يجدد دعمه للمغرب    النصيري يسجل هدفا في فوز فنربخشة على أندرلخت بثلاثية نظيفة    إطلاق موقع أرشيف السينمائي المغربي الراحل بوعناني أكثر من 12 ألف وثيقة تؤرخ للسينما المغربية    زهير بهاوي وسعيدة شرف يلغيان حفل لفائدة الجالية في بروكسيل بسبب محاولات نصب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    تصنيف دولي: نهضة بركان في المركز ال98 عالميا والجيش في الرتبة ال136 والرجاء يحتل الصف 145    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    لبنان يحيي ذكرى اغتيال رفيق الحريري وسط زوبعة من التغييرات قد تمهد لعودة نجله للساحة السياسية    بطولة انجلترا: إيقاف مدرب ليفيربول سلوت لمباراتين بعد طرده أمام إيفرتون    كوريا: المحكمة الدستورية تحدد موعد جلسة استماع إضافية لمحاكمة عزل يون    "شكرًا على إنقاذي".. نجم ريال مدريد يبعث رسالة إلى براهيم دياز بعد موقعة مانشستر سيتي مانشستر سيتي – ريال مدريد    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    بنسعيد يبرز بجدة دور الملك محمد السادس في الدعم الدائم للقضية والشعب الفلسطينيين    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    بنيس: حركة المساندة الفلسطينية تقتصر على التعبئة ولا تملك بُعدا ثقافيا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبت جزُولة.. مدينة الحسن الوزان التي انتهى تاريخها وسط المياه العادمة
الفقراء والمعوزون يتصدرون آسفي ومسؤولها لا يجد حرجا في تنظيم المهرجانات

قبل 500 سنة من زماننا، وبالضبط في سنة 1510م، كانت جزولة، التي تقع جنوب شرق آسفي بحوالي 25 كلم فقط، تسمى مدينة أيام حكم السلاطين السعديين لما كانت آسفي تحت حكم الاحتلال العسكري والتجاري البرتغالي... وهي اليوم ليست سوى قرية كبيرة يسمونها «سبت كًزولة»، بها أكبر تجمع وطني للمياه العادمة السوداء
والنتنة هي الوحيدة التي ترحب بالزوار نيابة عن مجلسها المنتخب ومسؤوليها في السلطة المحلية.
المغاربة لم يسمعوا من قبل قط بهذه المدينة التي تهاوت في سلالم التاريخ والحضارة ولمست بأيديها قعر الهامش وعودة قيم البدو وتنامي معدلات الفقر والبؤس والتخلف والأمية... لكن هناك من قد يتذكر اسمها وهو في طريقه إلى الصويرة قادما من مدينتي البيضاء والرباط، فجزولة هي الممر الطرقي الوحيد الذي يربط شمال المغرب بموكادور جنوبا، هنا يوجد أيضا أكبر تجمع وطني للمتسولين، وهنا أيضا يوجد أكبر احتياطي وطني من خادمات البيوت يمد آسفي بما يكفيها من فتيات في عمر الزهور يقضين طفولتهن في خدمة وتنظيف مراحيض ومطابخ البورجوازية عوض الذهاب إلى المدرسة.
جزولة، التي كانت توصف بالمدينة، جرى ذكرها في أهم وأشهر كتب التاريخ على الإطلاق لصاحبها الحسن الوزان الشهير ب«ليون الإفريقي». ففي كتابه «وصف إفريقيا»، الذي ترجم إلى كل لغات العالم، قال عن سكانها إنهم «خشنون لا مال لهم، يملكون ماشية كثيرة وكمية كبيرة من الشعير، وتكثر معادن النحاس والحديد في هذا الإقليم»، قبل أن يضيف: «وسكان هذا الإقليم لا سلطان لهم، فيحكمون أنفسهم بأنفسهم وتقام في بلادهم سوق تستمر شهرين، يقدم فيها الطعام إلى الغرباء ولو بلغ عددهم 10 آلاف، وعندما يقترب يوم السوق تعقد هدنة ويختار رئيس كل جماعة قائدا ومائة من الرجال للقيام بالحراسة والمحافظة على الأمن، ويقوم هذا الجيش بالحراسة ويعاقب الجناة بحسب أهمية جرائمهم، يقتل السارقون على الفور فيطعنون برمح قصير وتترك أشلاؤهم للكلاب».
سبت كزولة، التي لديها مجلس منتخب في القرن ال21، هي نفسها التي ينقطع فيها الكهرباء في اليوم أزيد من 5 مرات، وهي نفسها التي تؤوي عصابات قطاع الطرق ومافيات تجار المخدرات وتهريب الخمور، وبها إحدى كبريات شبكات النقل السري في المغرب التي تنشط بالليل والنهار في الطريق الرابطة بينها وبين آسفي،... إلا أن أكبر وصمة عار تلتصق بجبين هذه المنطقة هي البركة الضخمة لتجمع المياه العادمة التي تُصدر في الصيف الناموس وأبناء عمومته من باقي الحشرات إلى كافة بيوت القرى المجاورة، وهناك حشرات تقتل بلسعاتها القطط والكلاب وتصيب الماشية بأمراض مميتة.
شباب سبت كزولة، الذي وجد لنفسه مكانا تحت ظل الأنترنيت وسط المياه العادمة، خلق لنفسه متنفسا للتعبير عن همومه ومشاكله،... وهو يرفع تساؤلا بدلالات عميقة حول معنى هجرة فقراء وبؤساء المنطقة إلى آسفي للتسول والتسكع وطلب الشغل، وتشابه هذه الصورة مع صورة أطر وأثرياء جزولة الذين يرشحون أنفسهم في الانتخابات بها ويفضلون في المقابل السكن في فيلات آسفي،... ولا يأتون إلى منطقتهم إلا للتسول.. لكن ليس تسول المال وإنما أصوات الناخبين.
سبت كزولة -التي لم تظهر عليها أيضا آثار ال27 مليار سنتيم التي صرفت على مشاريع التنمية البشرية بإقليم آسفي، وبقيت مياهها العادمة أكبر شاهد على ذلك- هي المنطقة التي يتسول فيها البؤساء والأغنياء على حد سواء... منهم من يفعل ذلك لسد جوع البطن، ومنهم من يفعل ذلك لسد جوع الجلوس على كراسي الهيئات المنتخبة... ومع ذلك، هناك اليوم من يؤسس هو أيضا جمعية ويسكب في حسابها البنكي أموال الشعب لينظم مهرجانا بها احتفاء ربما بمرور مائة سنة على عيش ناخبيه وسط «الواد الحار»... فيما هو ينعم بالعيش وسط فيلات آسفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.