حضرت فتيحة إلى مخفر الشرطة لتقديم شكوى ضد زوجها الذي عنفها، وترك في وجهها جروحا. في ذلك اليوم كان الضابط عبد العزيز في المداومة، يتحرك من قسم لآخر، من أجل تفقد سير العمل. دخل الضابط، الذي يعمل بأحد المخافر التابعة لجهة مراكش، إلى مكتبه، وبينما كان يتصفح بعض الملفات الموضوعة على مكتبه إذا برجل الأمن يدخل عليه، مبلغا إياه بأن سيدة تريد مقابلته في موضوع جد مهم. اعتقد الضابط أن السيدة التي توجد أمام الباب تعرفه جديا، وقد تريد الحديث معه في موضوع شخصي، لكونه كان يعيش مشاكل عديدة مع زوجته، وقد وصل الخلاف بينهما إلى القضاء، ولا زال ينتظر قرار طلاقه منها. وافق عبد العزيز على رؤية السيدة التي تريد مقابلته، فباغتته فتيحة بالدخول بشكل أفزع الضابط، الذي اعتقد أنها هاربة من عصابة تريد إلحاق السوء بها، خصوصا أن الدماء كانت تلطخ وجهها والدموع تنهمر من عينيها، وملابسها ممزقة وشعرها متناثر. كانت فتيحة، البالغة من العمر 26 سنة، تبكي بطريقة هستيرية، جعلت الضابط يجد صعوبة في معرفة تفاصيل الموضوع بشكل دقيق، فحاول أن يهدئ من روعها من أجل معرفة الموضوع بشكل دقيق، لكن ذلك لم يتأت إلا بعد حوالي ربع ساعة من دخول السيدة إلى المكتب. أمر الضابط عبد العزيز رجل الأمن بإحضار كوب ماء لفتيحة، الأم لطفلة لم تمر على ولادتها سوى ستة أشهر. هدأت فتيحة قليلا بعدما شربت كوب الماء، لتستهل حكايتها بإعطاء معلومات خاصة عنها. روت فتيحة، التي تنحدر من مدينة تحناوت، تفاصيل معرفتها بزوجها وزواجها منه، قبل أن تصور للضابط مشاهد العنف الذي تعرضت له على يد زوجها البالغ من العمر 30 سنة، والذي يعمل بالديار الإيطالية. بعد أن دخلت فتيحة في نوبة بكاء جديدة، قالت للضابط إن زوجها يعذبها كلما حضر إلى المغرب قادما من الديار الإيطالية. السبب في ذلك أن أخواته يحرضنه على ضربها بدعوى أنها تخونه مع أحد أبناء الجيران، وهو ما نفته بشكل مطلق ، قبل أن تطلب من الضابط القيام ببحث دقيق بالمنطقة لمعرفة مدى صحة دعوى زوجها. لم يأبه الضابط عبد العزيزلموضوع الخيانة الزوجية، وبقي مهتما بما حدث للزوجة الصغيرة، التي سردت عليه كيف كانت تعيش في منزل حماتها رفقة أخواته الثلاث، اللواتي كن يحملن كرها شديدا لها، مما جعلهن ينصبن لها فخا لشرخ علاقتها مع زوجها، الذي بمجرد ما حضر من إيطاليا حتى قمن بإخباره بأن زوجته تخونه مع أحد أفراد الجيران، الأمر الذي جعل عبد الهادي، الذي ينحدر من مدينة قلعة السراغنة، يفقد صوابه ويهشم وجه زوجته، وينزل بها عقابا شديدا. بعد ما انتهت فتيحة من سرد تفاصيل حادث الاعتداء الذي تعرضت له، وهربها من بيت حماتها، أبدى الضابط اهتماما كبيرا بالموضوع، ووعدها بالتدخل بقوة وإنزال العقاب بزوجها، بعد أن نصحها بطلب الطلاق منه، وهو ما جعل الشك يتسرب إلى ذهن فتيحة. حرر الضابط رفقة مساعده محضرا يتضمن أقوال الزوجة المعتدى عليها، ومعلومات شخصية عنها، لكن معلومة واحدة كان يحتاج إليها، ويعتبرها عبد العزيز جد مهمة بالنسبة له، فسأل فتيحة عما إذا كانت تتوفر على هاتف محمول، فنفت أن يكون لديها هاتف أو رقم شخصي، مما جعل الضابط يخرج من مقر الشرطة صوب محل مقابل للمقر يبيع الهواتف المحمولة وبطائق الهاتف، واشترى لها هاتفا صغيرا وبطاقة الهاتف، بعد أن دون الرقم على ورقة. عاد الضابط إلى مكتبه حاملا الهاتف المحمول الذي اشتراه ل«المشتكية»، فجلس على كرسيه، وسلم الهاتف للسيدة التي كانت تقف أمامه مغلوبة على أمرها، بعد أن قام بتشغيله، وأخبرها بأنه سيتصل بها على هذا الرقم من أجل إخبارها بالعودة مرة أخرى من أجل متابعة الموضوع. خرجت فتيحة والقلق يخالجها بخصوص الهاتف الذي سلمه لها الضابط. لم تعد في ذلك اليوم إلى منزل حماتها حيث تقيم، بل فضلت التوجه صوب منزل شقيقها الذي يقيم بالمدينة نفسها. هناك سيفتضح أمر الضابط، بعدما فطن شقيق فتيحة إلى المصيدة التي نصبها الضابط عبد العزيز لأخته. في صباح اليوم الموالي توجه عبد العالي، شقيق فتيحة، صوب مقر ولاية الأمن، حيث طلب لقاء والي الأمن أو نائبه، فتأتى له ذلك. طرح شقيق فتيحة تساؤلات مباشرة ومحرجة على نائب والي الأمن، مما جعل الأخير يفتح تحقيقا مع المسؤول الأمني، بعد ما واجهه بالحجة. بعد مرور أيام قليلة، جاء قرار من العاصمة الرباط يقضي بتوقيف الضابط عبد العزيز لمدة ثلاثة أشهر، ونقله بعد ذلك إلى مدينة بعيدة حيث يوجد حاليا.