أجلت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، الأسبوع الماضي، النظر في جلسات محاكمة رجال الأمن المتابعين في قضية ما يعرف بملف "هناء التسولي"، الخادمة، التي تعرضت للاغتصاب والتعذيب في مخفر الشرطة، إلى مارس المقبل.واتخذت الغرفة قرار التأجيل استجابة لملتمس هيئة الدفاع، التي طالبت بمهلة لإعداد الدفاع. ويتابع في الملف أربعة رجال أمن، من بينهم ضابط سام برتبة عميد شرطة، بتهمة اغتصاب الخادمة، وتعذيبها داخل مخفر الشرطة. وكانت محكمة الاستئناف، برأت يوم الخميس 2 أبريل الماضي، الضحية هناء التسولي، من تهمة سرقة مشغلها، التي قضت بسببها في سجن عين قادوس، في إطار الاعتقال الاحتياطي، ما يقرب من سنة وخمسة أيام، وبسببها كذلك، تؤكد بأنها اغتصبت من قبل بعض رجال أمن، حين كانت رهن الاعتقال في مخفر الشرطة بولاية أمن فاس. ويعتبر ملف هناء التسولي، من الملفات القضائية التي شغلت الرأي العام المحلي والوطني، منذ تفجرها سنة 2006، حين تحدث هذه الخادمة نفسها، وجهرت بما تعرضت له من اغتصاب على أيدي رجال الأمن المتورطين حاليا في الملف، إبان فترة اعتقالها في مخفر الشرطة. وتتهم الضحية هناء التسولي، 29 سنة، الأظناء باغتصابها بطريقة شاذة، وتعنيفها، وممارسة التعذيب عليها داخل مخفر الشرطة بولاية الأمن، في نهاية شهر شتنبر من سنة 2006. جاء اعتقال هناء، بعد اتهامها من قبل مشغلها بسرقة حلي ومجوهرات بقيمة 30 مليون سنتيم، وكانت المحكمة الابتدائية قضت ببراءتها، إلا أن مشغلها استأنف الحكم لتقرر محكمة الاستئناف تأييد حكم البراءة. وكانت السلطات القضائية لجأت إلى خبرات متخصصين للتأكد من تهمة اغتصاب رجال الأمن للضحية، وأثبت تقرير طبي لسجن عين قادوس حادث الاغتصاب، والحادث ذاته أثبتته خبرة طبية أنجزت لها بإيعاز من المحكمة. وإلى جانب هذه التقارير، أشار تقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، الجهة التي أشرفت على التحقيق معها، بعدما رفضت مواصلة "استقبال" رجال الشرطة القضائية، إلى تعرض الفتاة للتعذيب والعنف، والممارسة التحكمية، والاغتصاب من الخلف والسب والشتم. وكذبت ولاية الأمن خبر الاغتصاب مباشرة بعد صدور مقالات صحفية حول الموضوع، موضحة أن هذا الادعاء هو محاولة من المتهمة للتأثير على مجريات التحقيق، لكن الخبرات الطبية المنجزة، أثبتت عكس ذلك. وسجلت مديرة المركز الاستشفائي بفاس خلال الفحص، الذي قامت به على الضحية، بناء على أمر قضائي، وجود كدمات متعددة ومتسعة في الفخذ الأيمن والأيسر، واشتباه صداع ودوخة نتيجة رضوض بالجمجمة، وشد الشعر، وجروح في طور الاندمال بكل من منطقة الشرج مع جرح شرجي، واشتباه اغتصاب. وكان الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بفاس، اصدر قرارا بتحريك المتابعة القضائية ضد عميد شرطة وضابط شرطة تابعين لولاية الأمن الإقليمي بفاس، لاشتباه في تورطهما في قضية "تعذيب فتاة لانتزاع أقوالها"، أثناء الاستماع إليها في شأن اتهامها وخطيبها بالسرقة والفساد من قبل مشغلها. جاء قرار تحريك ملف المتابعة تحت رقم 210/07، مباشرة بعد توصل الوكيل العام بتقرير الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، المنجز في الموضوع، عميد وضابط بتهمة التعذيب والسب والشتم والعنف، وهتك العرض بالعنف، والممارسة التحكمية، إذ مثل المسؤولان الأمنيان أمام قاضي التحقيق، أخيرا. يذكر أن دفاع الضحية، تقدم بشكاية لدى الوكيل العام في موضوع الاغتصاب، الذي تعرضت له موكلته على أيدي رجال أمن بمخفر الشرطة، وبموجبها جرى تعيين قاضيا للتحقيق بمحكمة الاستئناف من أجل مباشرة البحث في التهم الموجهة لمتهمين اثنين، في حين، رفض تحريك المتابعة القضائية ضد ضابطين تابعين لولاية الأمن نفسها، واللذين يتهمهما دفاع الضحية بتورطهما أيضا في القضية. وكانت هناء التسولي، أكدت في شكاية وجهتها إلى وزير العدل، أنها تعرضت إلى "العنف داخل مخفر الشرطة من أجل انتزاع أقوالها"، وهو ما كشفت عنه نتائج تقرير الخبرة الطبية، التي أجريت عليها أيام قليلة بعد استنطاقها.