سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مسرح البلدية البيضاوي يستقبل في سنة 1932 الفنانة المصرية فاطمة رشدي قدماء تلاميذ المدرسة الثانية الإسلامية الفاسية يقدمون مسرحيات على خشبة مسرح البيضاء
اهتمت الصحف القريبة من الحماية الفرنسية بواقع المدن الكبرى المغربية، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، خلال ثلاثينيات القرن الماضي. ومن بين هذه الصحف، نجد جريدة «السعادة» التي كانت تصدر من الرباط. كيف عالجت هذه الصحيفة قضايا الشأن المحلي لمدينة الدارالبيضاء، العاصمة التجارية للمغرب، في ثلاثينيات القرن الماضي؟ وكيف كانت تدار شؤون هذه المدينة قبل 80 سنة من الآن؟ كان للإقبال المكثف لأهالي الدارالبيضاء على الليالي التمثيلية الثلاث التي أحيتها الفنانة المصرية فاطمة رشدي في الأسبوع الأول من شهر يونيو من سنة 1932 بمسرح البلدية صدى إيجابي. ونظرا إلى الأصداء التي لقيتها المسرحيات التي أدتها فاطمة رشدي، فقد طلب أعضاء نادي التلاميذ البيضاويين من فاطمة رشدي، بكل إلحاح، أن تحيي لياليَ أخرى عند عودتها من مراكش الحمراء. وتعد فاطمة رشدي، حسب موقع «ويكبيديا»، من رائدات المسرح والسينما المصرية آنذاك، وكانت تقوم بالتأليف والإخراج والتمثيل، على المسرح والسينما، كما كانت صاحبة فرقة مسرحية وهي «فرقة فاطمة رشدي» التي تركت تراثا فنيا لا يمكن إنكاره. وعاصرت الفنانة رشدي، التي هي من مواليد 3 فبراير 1912، عمالقة المسرح والسينما المصريين من جيل الرواد من عشاق الفن. وقد لقبت فاطمة (سارة برنار مصر)، وكان لديها هوس وحب وولاء منقطع النظير لفن التمثيل في تلك الفترة المبكرة. ومن جهة أخرى، فإن نادي قدماء تلامذة مدرسة أبناء الأعيان البيضاوية أقام حفلة تكريمية كبرى بإحدى الدور العربية تشريفا لممثلة الشرق العربي فاطمة رشدي، حضرها صفوة من أدباء البيضاء وأعيانها وطائفة من الشباب المتنور. وأشاد رئيس النادي المختار بن عبد السلام بالأعمال التي كانت تقدمها الفنانة. وقد التزمت فاطمة، عند عودتها إلى المغرب في سنة 1933، بإنجاز مسرحيات تهتم بالأندلس إبان حكم ملوك العرب وعن المعتمد بن عباد ويوسف بن تاشفين، وذلك للتعريف بالأعمال الفنية والأدبية التي كانت منتشرة بالأندلس. مسرح الدارالبيضاء -الذي شيدته السلطات الفرنسية في المكان الذي يوجد به حاليا النصب التذكاري لضحايا 16 ماي، وتم هدمه في وقت لاحق من طرف سلطات المدينة- استضاف في فترة الثلاثينيات العديد من الأنشطة الثقافية. وكتب صالح أبورزق أن فن التمثيل العربي في المغرب أعيد إحياء نهضته، حيث أخذ يفيق من سباته الذي استولى عليه بضع سنين بعد نهضته الأولى. وقال أبورزق في مقال له بجريدة «السعادة»: «كنا نظن قبلا أن هذه النهضة المباركة سيكون رواجها في مدينة الدارالبيضاء أكثر من باقي المدن، وستبقى حركتها متواصلة على مدار السنين، لعلمنا بأن مدينة الدارالبيضاء أكثر من غيرها احتكاكا بالشعوب الراقية ومشاهدة لما يقومون به من أسباب التقدم والارتقاء، لأنها العاصمة التجارية المهمة لهذه البلاد التي فيها من الشعوب الأورباوية العدد الوافر من أعلى الطبقات». وذكر أبورزق أن «فتورا استولى على شبيبة الدارالبيضاء بعد نهضتها الأولى التي كانت تبشرنا بمستقبل مجيد لفن التمثيل العربي، هذا الفن الذي يعدونه في مقدمة الأسباب المساعدة على تقدم الشعوب وارتقائها»، لكنه أشاد، في المقابل، بما قامت به نخبة من شباب مدينة فاس الزاهرة، الذين أحرزوا على نصيب وافر من العلم والثقافة في المدارس الحديثة الراقية، وأعني بهم أعضاء جمعية قدماء تلاميذ المدرسة الثانية الإسلامية الفاسية. وأضاف أبورزق أن وفدا من أعضاء جمعية فاس حل بمدينة البيضاء وأخذ على عاتقه النهوض بفن التمثيل، ونزل أعضاؤه عند أصحابهم ومعارفهم الكثيرين، وأخذوا يستعدون لإحياء ليلة تمثيلية جميلة في هذه المدينة. وقد طلبوا من إدارة المجلس البلدي السماح لهم بإحيائها في مسرح هذا المجلس الكبير، فسمحت لهم بذلك. وقد طبعوا الإعلانات باللغة العربية والفرنساوية ووزعوها في المدينة، وكان يساعدهم في الاستعداد البعض من أعضاء نادي قدماء التلامذة البيضاوي، خصوصا المهدي الصقلي، الوكيل الشرعي بالمحكمة، الذي قدم مساعدة كبرى إلى الفرقة.