لم تستسغ «سكينة» رؤية المتهم باغتصابها منتشيا بقرار متابعته في حالة سراح وخروجه من باب محكمة الاستئناف في القنيطرة، عشية أول أمس، والفرحة تغمر محياه، يمشي مشية الخيلاء، متبخترا، مزهوا، ومتفاخرا بما جادت به عدالة الأرض عليه، قبل أن يتمادى في غيه، تقول الضحية، ويلوح إليها بيده، في حركة لاأخلاقية، تعبيرا منه عن «انتصاره»، لتنسل في هدوء من بين جموع أفراد عائلتها الذين حضروا لمؤازرتها، وتتجه صوب الظنين، في محاولة منها لإرجاعه إلى مؤسسة التقاضي، ملحة عليه بالاعتراف بما ارتكبه في حقها. كان السكون حينها يعم محيط المحكمة، قبل أن تجتاحه فجأة فوضى عارمة، لتتسارع الأرجل نحو مصدر الأصوات، التي اختلط فيها البكاء والصراخ والعويل بالتوسلات وطلب النجدة والاستغاثة، حينها تأكد لجميع من انتابهم حب الفضول لمعرفة تفاصيل ما يجري أن الضحية، التي لم يتجاوز عمرها ال16 بعد، قد دخلت في عراك بالأيدي مع من تتهمه باغتصابها وافتضاض بكارتها. لم يسعفها جسدها النحيل، الذي اختفى في جلباب أحمر، بدا أكبر منها بكثير، في مقاومة خصمها، الذي يفوقها بتسع سنوات تقريبا، لكنها بالمقابل ظلت ممسكة بتلابيبه، رغم سلسلة من الضربات الموجعة التي تتلقاها، رافضة إخلاء سبيله، إلى أن يعيد الوكيل العام للملك النظر في قضيتها، وما إن اقتربا معا من باب المحكمة، حتى تدخل حارس أمن لتحرير المتهم وتوفير الحماية له، عبر تمكينه من الخروج من الباب الخلفي، حيث استعانت أسرته بسيارة لتواريه عن الأنظار، حيث غادرت الناقلة المكان مسرعة في اتجاه المجهول، في حين سقطت «سكينة» على الأرض مغشيا عليها، وآثار جروح وندوب وكدمات بارزة في مختلف أنحاء جسمها، استدعت حضور سيارة إسعاف نقلتها على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات في المركب الاستشفائي الإدريسي في القنيطرة، وكذا تدخل عناصر الدائرة الأمنية الأولى، التي دونت أقوال الضحية، بعد استفاقتها من غيبوبتها، في انتظار أن تستدعي المشتكى به للاستماع لإفاداته وتصريحاته بخصوص هذه النازلة. «هذا الشخص دمر حياتي وأهدر كرامتي، حتى أصبحت أشعر بأنني بلا قيمة وسط أهل قريتي، بعدما قام باغتصابي بلا رحمة أو شفقة»، تقول «سكينة»، بوجه لم يفقد ملامح الطفولة بعد وعينين تفيضان براءة، تارة، وحزنا وغضبا، تارة أخرى.