حذر الحبيب المالكي، رئيس المركز المغربي للظرفية من الثمن الاجتماعي للسياسة التقشفية التي تلوح في الأفق في ظل إعداد مشروع قانون مالية السنة القادمة بعد الصعوبات المالية التي تواجهها السلطات العمومية. وشدد المالكي، الذي كان يتحدث أول أمس الاثنين خلال الندوة الصحفية السنوية التي ينظمها المركز من أجل توضيح توقعاته حول أداء الاقتصاد الوطني، على أنه لا يفترض أن تتضمن سياسة الميزانية في السنة القادمة إجراءات من شأنها أن تكون لها كلفة اجتماعية تعاني منها الشرائح الفقيرة والمتوسطة. في مقابل ذلك، يقترح المركز أن تقوم السياسة الاقتصادية على استهداف النمو، وهو الأمر الذي يتحقق في نظره عبر مواصلة سياسة المشاريع الكبرى التي يتم تمويلها من خلال الاستثمار العمومي، تلك رافعة لا سبيل للتخلي عنها، لكنها ليست الوحيدة، إذ يعتبر المركز أن استهداف النمو يستدعي دعم المقتضيات التحفيزية من أجل استقطاب الاستثمار، وهو الأمر الذي يرتهن بخفض الضغط الضريبي. لا يتوقف الأمر عند هذين الرافعين، بل يقتضي استهداف النمو في نظر المركز تعبئة رافعة ثالثة متمثلة في مساهمة السياسة النقدية، مما يعني بذل مجهود من قبل البنك المركزي على مستوى خفض معدل الفائدة الرئيسي، بهدف توفير حاجيات تمويل الاقتصاد الوطني. غير أن المالكي يلح على أن ما يفتقر إليه المغرب هو سياسة صناعية متناغمة، مشددا على أنه لا يجب أن يتوفر المغرب على اقتصاد يقوم على التجارة فقط. وراجع المركز المغربي للظرفية توقعات النمو الاقتصادي على ضوء المعطيات التي توفرت لديه في النصف الأول من السنة الجارية، فهو يترقب أن يبلغ معدل النمو 2.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بعدما سبق للمركز أن توقع في السنة الفارطة أن يصل ذلك المعدل إلى 3.2 في المائة، مبررا هذه المراجعة بالعوامل الاقتصادية الجديدة و آثارها على النمو الاقتصادي في المغرب، التي تجعل في نظره ذلك المعدل واقعيا. ويعزو المركز المغربي للظرفية حصر معدل النمو المتوقع في 2.8 في المائة ، إلى كون آثار الأزمة المالية و الاقتصادية، بدأت تضغط بشكل مباشر على المغرب اعتبارا من السنة الجارية، ينضاف إلى ذلك الأزمة النقدية و الموازنية التي ثارت في أوروبا و التي دفعت الشركاء الرئيسيين للمغرب إلى تبني سياسة تقشفية، ينتظر أن تنعكس عليه. في ذات الوقت يجد خفض معدل النمو مسوغه في تداعيات الخسائر التي نجمت عن الفيضانات التي عرفتها بعض مناطق المغرب في بداية السنة و تراجع محصول الحبوب المتوقع إلى 80 مليون قنطار، بعدما تعدى 100 مليون قنطار في السنة الماضية. ولاحظ المركز أن السنة الجارية تميزت بانخفاض ب 30 في المائة للاستثمار العمومي خلال النصف الأول من السنة الجارية، وهم المنحى الانخفاضي العائدات الجبائية واستهلاك الأسر، بحيث إنه إذا لم تظهر بعض العناصر التي يمكن أن تغير هاته الصورة في النصف الثاني من السنة الجارية، فإن معدل البطالة سوف يقفز من 9.1 في المائة إلى 11 في المائة.