دعا رئيس المركز المغربي لدراسة الظرفية الاقتصادية حبيب المالكي إلى تفادي كل سياسة ميزانياتية ذات انعكاس اجتماعي سلبي، وحذر من أن تكون ميزانية 2011، التي هي في طور الإعداد، متضمنة لإجراءات تعمق الفوارق الاجتماعية، وبعد لاحظ أن مستوى استهلاك الأسر سيكون سنة 2010 أقل مما كان عليه في السنة السابقة توقع، في حالة استقرار المؤشرات الحالية، ارتفاع معدل البطالة من 9,1% إلى أزيد من 11% في النصف الثاني من السنة الجارية، أما بالنسبة لمعدل النمو فقد توقع تراجعه من 3,2% المعلن عنها سابقاً إلى 2,8% خلال سنة 2010 على أن يرتفع سنة 2011 إلى 4,5% من خلال الندوة الصحافية التي عقدها المركز مساء أول أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، لتقديم مضامين العدد 35 من نشرته الخاصة، اتضح أن اختيار عنوان «التصويب على النمو» يستمد مبرراته من عدة عوامل منها ما هو مرتبط بالظرفية الاقتصادية الدولية ومنها ما هو مرتبط بالوضعية الخاصة بالمغرب. فعلى المستوى الدولي استند المركز إلى عدة مؤشرات ليعلن أن مختلف المقترحات تعطي الأولوية للبعد الوطني على البعد الدولي، وهذا ما يعكس غياب الرغبة في التوجه إلى أبعد حد في مجال إصلاح النظام المالي، وليخلص إلى أن وكالات التنقيط التي كانت السبب في اندلاع الأزمة المالية وتعميقها ونشرها لاتزال تتصرف باستقلالية عن سيادة الدول، أما العامل الحامل للأمل فلخصه في كون النمو سوف لن يبنى في دول الشمال، وإنما في الدول المنبثقة والنامية المصنفة في خانة دول الجنوب. وبخصوص الوضع المرتقب في المغرب، تبين من تحاليل أطر المركز أن تأثر الاقتصاد الوطني بمعيقات الأزمة المالية العالمية لم يظهر إلا بعد فارق زمني حدد في حوالي 18 شهراً، علماً بأن هذا الفارق يختلف من قطاع إلى آخر، أما عن دوافع تحديد معدل النمو خلال سنة 2010 في 2,8% فحصر أهمها في: - الأزمة التي مست الاتحاد الأوروبي وخاصة منه إسبانيا وفرنسا والتي ستكون لها انعكاسات على المغرب إلى حدود سنة 2012 . - الخسائر المترتبة عن التقلبات الجوية بما فيها تلك التي مست البنيات التحتية والمواشي والزراعات، وقد حددت قيمة هذا الضياع في 0,7% من الناتج الداخلي الخام . - موسم فلاحي بمحصول حوالي 80 مليون مليون قنطار، وهو معدل جيد بالنسبة لمعدل النمو المرتقب سنة 2011 والذي حدد في 4,5% ، أعلن المالكي عن اعتقاده بأن لجنة اليقظة المحدثة سنة 2009 ستتخذ الإجراءات التي يتطلبها الوضع الراهن، ودعا إلى تصويب الجهود نحو خيار «النمو» وإلى عدم الوقوف، عند وضع القانون المالي 2011، عند توجهات السنوات السابقة، وإلى تفادي كل سياسة ميزانياتية ذات انعكاس اجتماعي سلبي. وبعد أن تساءل عما إذا كان من الممكن تحقيق معدل نمو مرتفع بدون تضخم، أوضح أنه من الممكن للنمو القوي أن يمتص ارتفاع الأسعار غير التحكم فيه. أما كيفية التصويب على النمو فحصر أهم جوانبها في: - مواصلة الأشغال الكبرى رغم أن المردودية سوف لن تظهر إلا بعد مرور عدة سنين - تقوية الإجراءات المحفزة على الاستثمار من خلال مواصلة تقليص العبء الضريبي وخاصة منه الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضاف - مواصلة السياسة النقدية المنتهجة من طرف بنك المغرب مع ملاحظة أن نسبة المعامل المرجعي للقروض المحددة في حوالي 3% هي نسبة مرتفعة مقارنة مع حاجيات الاقتصاد الوطني ومع توحهات المؤسسات المالية العالمية، ولذلك وجب مراجعتها مع مراعاة الأهداف الماكرواقتصادية. على ضوء هذه المعطيات خلص حبيب المالكي وفريقه العلمي إلى أن عدم ظهور نتائج الأشغال الكبرى التي انطلقت مند عدة سنين يعود إلى نقصان شيء ما، ومن باب تشخيص ما ينقص لاحظ أن المغرب لا يتوفر على نظام وجهاز صناعي ملائم ومتناسق ومنتج للقيمة المضافة، فحتى بالنسبة لقطاع السيارات والآليات الفلاحية والنسيج، فإن حصة الواردات في الإنتاج الوطني لا تزال مرتفعة، وما لم يتوفر المغرب على القاعدة الصناعية فإن تحقيق النمو المرتقب من الأشغال الكبرى سيواجه عدة عراقيل، وما لم يتغلب على ضعف العرض التصنيعي، الذي وصفه بإحدى النقط السوداء، فإنه من الصعب مواجهة تحديات الظرفية الراهنة التي يكتنفها الكثير من الغموض، لأن العالم لم يخرج بعد من حالة الأزمة. وبخصوص صندوق المقاصة ذكر المالكي بالخلل المتمثل في أن الفئات الميسورة تستفيد منه أكثر من الفقراء ولاحظ أن الخلل كان موضوع انتقاد من طرف عدة حكومات، واعتبر أن المشكل لم يعالج لأسباب وصفها بالمتجاوزة، وفي ظل ضعف موارد الخزينة، أكد على ضرورة استمرارية العمل بالصندوق، واعتبر أنه آن الأوان لقبض الثور من قرنيه وتعويض الميكانيزمات الحالية المتهالكة بميكانيزمات جديدة تؤمن توجيه الدعم لمن يستحقه.