وضع رفاق فؤاد عالي الهمة، كاتب الدولة السابق في الداخلية، خلال خلوتهم السياسية التي امتدت يومين بمدينة طنجة، خريطة طريق لتجاوز المشاكل التنظيمية التي طفت على السطح في الآونة الأخيرة، خاصة في ظل الحديث عن «صراع» بين برلمانيي الحزب وأعضاء في حركة لكل الديمقراطيين. وحسب مصدر من الحزب، فقد انتهت الخلوة السياسية والتنظيمية للحزب إلى اتخاذ قرارات تهم ترتيب البيت الداخلي وخيارات الحزب السياسية في المرحلة المقبلة، ووضع أجندة محددة التاريخ من أجل معالجة تلك القرارات، وقال المصدر إن «الحزب سوف يتجه بعد الخلوة نحو الوفاء بالتزاماته ضمن أجندة ستعلن عنها في حينها، وسيكون موحدا أكثر من أي وقت مضى لمواجهة كل التحديات». وشهدت الخلوة، التي غاب عنها الهمة، تحديد منهجية الاشتغال في المرحلة القادمة بخصوص الإعداد للمؤتمر الوطني الثاني، ومحطة الانتخابات التشريعية لسنة 2012، والتعاطي مع السياسات العمومية، وكذا تموقعه وتفاعله مع باقي الفاعلين السياسيين على أساس الوضوح في الرؤية والبرامج، حسب ما أفاد به سامر أبو القاسم، عضو المكتب الوطني، معتبرا في اتصال مع «المساء» أن الخلوة السياسية هي بمثابة «استراحة محارب»، وتهيئ أولي لمحطة المؤتمر الثاني. من جهته، اعتبر صلاح الوديع، الناطق الرسمي باسم الحزب، أن الخلوة السياسية كانت وقفة ضرورية خاصة بعد فترة مليئة بالمحطات الانتخابية والتطورات السياسية اللافتة، بالنظر إلى الدور المتنامي للحزب بعد أن تصدر المشهد الحزبي، بناء على نتائج الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، وكذا نوعية التطورات التي مست تنسيقه وعلاقته بالمشهد الحزبي، مشيرا إلى أنه «من الطبيعي أن يدفع مثل هذا الزخم من التطورات حزبا تأسس منذ فترة قصيرة إلى الانكباب في لقاء خاص على مجمل هذه الأشياء، وتدارس انعكاساتها على عمله التنظيمي والسياسي، وكذا متطلبات قيامه بمختلف المهام من إدارة وغيرها». وقال الوديع في اتصال مع «المساء» إن الخلوة السياسية لحزبه عرفت نقاشا عميقا وصريحا بين مختلف أعضاء المكتب الوطني، وأفضى إلى التأكيد على التشبث بالمشروع الحداثي الديمقراطي، الذي يتطلب من الحزب على ضوء التطورات التي جعلت منه القوة الأولى، أن يتخذ التدابير والقرارات والإجراءات التي تجعله يفي بالوعود التي قطعها على نفسه، والمتعلقة بالمساهمة في تأهيل المشهد الحزبي وتوضيحه وإعطاء دفعة قوية للنسق السياسي. إلى ذلك، شرح محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام ل»البام»، في كلمة له خلال الخلوة التي نظمت يوم السبت والأحد الماضيين بطنجة، الوضع التنظيمي لحزبه، مشيرا إلى أن طبيعة الولادة التنظيمية لحزبه، والصيغة التوافقية لأجهزته، سواء على مستوى الأجهزة الوطنية أو الجهوية، وكذا القوة الجاذبية التي ميزته، حيث تضخم عدد المنتسبين إليه بشكل قياسي، مما «فرضت علينا تحديات تنظيمية جديدة، لم تكن مستشرفة من قبلنا، وغير مواتية كذلك مع إمكانياتنا الإدارية والبشرية»، مضيفا أن: «وضعنا كحزب كبير يفرض علينا إدارة حزبية، عصرية ومحترفة، قادرة على تحقيق الربط اليومي بمشاكل الجهات، تنظيمات جهوية حقيقية، معبرة عن الدينامية الحزبية القاعدية، بمكاتب منتخبة تترجم الطبيعة السوسيولوجية والمهنية للمنخرطين، وروابط تنظيمية واضحة مع المناضلين، لا تختزل فقط في التوفر على البطاقة، وتدبير الصراعات التنظيمية، سواء الطبيعية منها أو المفتعلة، ومحاولة تقريب وجهات نظر المختلفة، وفرز آليات لذلك». وبرأي بيد الله، فإن هذه التحديات تنضاف إليها طبيعة الصراعات بين النخب والتيارات، ودنو موعد الانتخابات التشريعية التي تسرع من «حرب المواقع» المشروعة، والاعتماد في عديد من المناسبات على عوامل ذاتية عوض محددات موضوعية في الاختيارات، وضريبة التسيير أو المشاركة في التسيير الجماعي، كلها تعقد من طبيعة مشكل التنظيم، الذي يجب ألا ننظر إليه نظرة تقنية مختزلة في أرقام أو معطيات تعبر عن تواجدنا الجغرافي، أو عدد منتخبينا، أو رقم المنخرطين بحزبنا»، مشيرا إلى أن «التنظيم ودرجة قوته مرتبطان أيضا بالزمن وبالتراكم والنضج، لذا، فإن المقارنة لا تجوز، فنحن حزب لم يتجاوز بعد سنته الأولى، ومؤسساته لم تتخط بعد مرحلة التجريب، وأداؤه في مرحلة البدايات، لكن الرغبة في التطوير والتحسين والمضي نحو الأفضل... تبقى مشروعة ومطلوبة، لكنها يجب أن تكون محكومة أيضا بحقائق الواقع ومعطياته».