إحداث مراكز الدراسات في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة بسلك الدكتوراه    محاولة اختطاف معارض جزائري على الأراضي الفرنسية.. الجزائر تتورط في إرهاب دولة    "إير أوسيون ماروك" تكشف تفاصيل انحراف طائرة خاصة عن المدرج بمطار فاس    المنتخب المغربي يفوز بالدوري الدولي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم    الجزائر تطرد 12 موظفا في سفارة فرنسا    جايسون إف. إسحاقسون: إدارة ترامب حريصة على حسم ملف الصحراء لصالح المغرب تخليدًا لعلاقات تاريخية متجذرة    الجزائر تطلب من 12 مسؤولا فرنسيا مغادرة أراضيها خلال 48 ساعة    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    بالصور.. مؤسسة جورج أكاديمي بسيدي بوزيد تنظم سباقا على الطريق بمشاركة التلاميذ والآباء والأمهات والأساتذة..    أمن طنجة يوقف شخصًا اعتدى على متشرد.. والمواطنون يطالبون بعدم الإفراج عنه رغم شهادة اضطراب عقلي    الكعبي وأوناحي يتألقان في اليونان    طنجة.. الأمن يوقف لصين ظهرا في فيديو يوثق محاولة سرقة وسط المدينة    "أسود القاعة" يتوجون بلقب الدوري الدولي بعد فوز مثير على البرتغال    حملات شرسة بطنجة .. الجريمة تحت الحصار    المنتخب الوطني المغربي في المجموعة الثانية برسم منافسات كأس الإمم الإفريقية لأقل من 20 سنة لكرة القدم    الجيش ينفرد بوصافة البطولة المغربية    طنجة تستعد ل"كان 2025″.. انطلاق أشغال توسعة الطرق المؤدية إلى الملعب الكبير    مقاييس التساقطات المطرية خلال ال24 الساعة الماضية.. وهذه توقعات الإثنين    مهرجان فاس في قلب برشلونة    تأنيث ضمير اللغة    القفز على الحواجز.. الغالي بوقاع يفوز بجائزة ولي العهد الأمير مولاي الحسن    اختراق رقمي يهز المواقع الرسمية .. والمغرب 24 في قلب العاصفة السيبرانية    الاعتداء الخطير على بعثة "المينورسو" في تيفاريتي يدفع للتعجيل بتصنيف بوليساريو على قائمة الارهاب الدولي    إحداث مراكز الدراسات بسلك الدكتوراه في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة ابتداء من الموسم الجامعي المقبل    رغم الأمطار.. آلاف المغاربة في مسيرة من أجل فلسطين والتأكيد على وحدة التراب الوطني    اسبانيا .. تفكيك شبكة تهرب المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا عبر رومانيا    مندوبية السجون تنفي صحة مزاعم وردت على لسان السجين السابق (ع. ر)    الجزائر تدافع عن مشتبه به في جريمة محاولة اغتيال... وتتهم الآخرين بالتآمر    علماء ودعاة مغاربة يُدينون رسوّ سفن أمريكية تحمل عتادًا موجّهًا للاحتلال الإسرائيلي    إدريس لشكر بدون لغة خشب : «وطنيتنا هي التي تملي علينا مواقفنا»    اللجنة المشتركة المغربية العمانية: شراكة متجددة تعكس عمق العلاقات الثنائية    تافراوت : مجهودات جبارة لرجال الوقاية المدنية ساهمت في إنجاح النسخة ال 12 لمهرجان اللوز    وفاة أستاذة أرفود متأثرة بإصابتها بعد الاعتداء الشنيع من طرف أحد طلابها    مؤشر الحرية الاقتصادية 2025.. غياب النزاهة الحكومية وتصلب سوق الشغل يُفرملان نمو الاقتصاد المغربي    في ورقة لمركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي .. مرسوم دعم المقاولات الصغيرة خطوة تعيقها معضلات التوزيع والبيروقراطية وهذه توصياته    في قبضة القصيدة الأولى: ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    بينبين مستاء من تغييب وزارة الثقافة له خلال معرض الكتاب بباريس    عبد الوهاب الدكالى يعود بجمهور الرباط إلى الزمن الجميل    مكتب الصرف يحقق في تهريب العملة من طرف منعشين عقاريين    طبيب: السل يقتل 9 أشخاص يوميا بالمغرب والحسيمة من المناطق الأكثر تضررا    درهم واحد قد يغير السوق : المغرب يشدد القيود على واردات الألواح الخشبية    محاميد الغزلان ترقص على إيقاعات الصحراء في اليوم الثالث من مهرجان الرحل    من خيوط الذاكرة إلى دفاتر اليونسكو .. القفطان المغربي يعيد نسج هويته العالمية    'واشنطن بوست': إيران دربت مسلحين من البوليساريو وسوريا تعتقل المئات منهم    الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية–العمانية تُتوّج بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات متعددة    دراسة: الجينات تلعب دورا مهما في استمتاع الإنسان بالموسيقى        المغرب يستقبل 4 ملايين سائح في الربع الأول من 2025    تحسن ملحوظ في نسب امتلاء سدود المغرب مقارنة بالعام الماضي    مستقبل الصحافة في ظل التحول الرقمي ضمن فعاليات معرض GITEX Africa Morocco 2025    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى التنمية السياسية بالمغرب
نشر في المساء يوم 03 - 07 - 2010

يرتبط مفهوم التنمية السياسية بانتقال النظم السياسية من نظام يقال عنه إنه تقليدي إلى نظام سياسي حديث، أي أنه إذا كانت هناك، من الناحية الاقتصادية، أنظمة في طريق النمو فإن هناك أنظمة سياسية في طريق التحديث. ومؤشراتها -حسب صمويل هنتنغتون- هي «الزيادة في التوجه نحو المساواة من خلال المشاركة السياسية والانتقال من ثقافة الخضوع إلى ثقافة المشاركة». فعندما يغيب الإشراك ويحضر الإقصاء والتجاذب السياسي.. فنحن بصدد نظام سياسي تقليدي.
ما يلاحظ في المغرب اليوم هو أن التغيير نحو الديمقراطية، والذي يمكن أن نقيم على ضوئه مسار التنمية السياسية، لا زال موضع شك ونقد، فرغم نقلة «النوايا الحسنة» التي شهدتها نهاية التسعينيات، فإن مشهدنا السياسي يكرس وضعية ملتبسة، تحول دون تحقيق التراكم في ثقافة الإشراك والمشاركة، لكون الأعراف والعادات أضحت أهم من القوانين بل وحتى من بعض بنود الدستور أحيانا. فرغم أن الفصل الثالث يمنع الحزب الواحد فإنه ليست هنالك، عمليا، تعددية سياسية في القضايا الكبرى، بل هناك تعددية حزبية، أي تأويلات متعددة للرأي الواحد. فأن يكون العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة حزبين معارضين وتجمعهما أرضية العمل داخل الشرعية والاحترام الكامل للمقدسات، ومع ذلك غير قادرين على توحيد مواقفهما وعملهما، فهذا معناه أننا بصدد اختلاف حزبي أو فئوي إن شئنا، وليس بصدد اختلاف سياسي. ولمعرفة الفرق بين الاختلافين، نقارن الاختلاف الموجود بين الحزبين الإسبانيين الكبيرين في الموقف من النظام الجهوي والحوار مع الباسك والعلاقة مع المغرب والموقف من المهاجرين.. فسيظهر لنا الاختلاف بين ال30 حزبا التي تشكل مشهدنا الحزبي مجرد اختلاف شخصي وأحيانا مزاجي، فلو أن سعد الدين العثماني، مثلا، ظل على رأس «البيجيدي» لكانت مواقف كثيرة اتسمت بالعنف من طرف الأصالة والمعاصرة ما كانت لتصدر ضد هذا الحزب، ولو لم يكن اليازغي على رأس الاتحاد الاشتراكي لما انشق الحزب العمالي والمؤتمر، ولو لم يكن الهمة وراء الأصالة والمعاصرة لكان الحزب مغمورا كأحزاب عرشان أو الكوهن أو الزروالي.. ولأن «لو» تفيد عند المناطقة العرب الاستحالة، فإن هناك حتمية جبارة تدفع مشهدنا السياسي إلى المزيد من الغرائب..
والدليل هو ردود الأفعال التي صدرت عقب تصريحات عبد الإله بنكيران في مؤتمر الحركة الشعبية، فلو أن هذا الموقف صدر من شخص آخر في الحزب لمر كوقع الزر على الرمل، لن يترك صدى، فما كان يقوله لشكر قبل استوزاره واسماعيل العلوي والخياري وغيرهم أفدح مما قاله بنكيران، ولكن لأن الاختلاف السياسي في المغرب غير مفهوم، فهو انتقائي وانقسامي أيضا، أنا وأخي ضد ابن عمي، وأنا وابن عمي ضد الأجنبي.. فإن الأحزاب المغربية تصبح عائقا للتنمية السياسية..
لقد أعطى النظام إشارات قوية للأحزاب، تفيد بعزمه الثابت على إشراكها في مشاريع التنمية وفي القضايا الوطنية المصيرية، وخاصة في قضية الجهوية الموسعة، لكن بنية الأحزاب السياسية المغربية لم تتلق الرسالة كما ينبغي، والدليل أن حزب الحركة الشعبية أعاد انتخاب امحند العنصر زعيما له، لأنه كان مرشحا وحيدا، وهذا من نوادر السياسة في العالم، بالإضافة إلى أن الرجل يتربع على رأس الحزب منذ سنة 1986، بعد حروب خاضها هو أيضا مع أحرضان الذي يبلغ من العمر قرنا من الزمن..
فالعديد من المتخصصين في الأحزاب السياسية يتحدثون عن انحطاط الأحزاب السياسية في المغرب، وامتداد هذا الانحطاط إلى المجتمع ككل، لتتحول الأحزاب السياسية إلى أحزاب الكارتيل، أو أحزاب بيروقراطية هي امتداد لجهاز الدولة في النظم البيروقراطية-التسلطية.. فما الفرق بين العنصر، الذي يقضي مدة أربع وعشرين سنة زعيما لحزب يقال إنه سياسي، ورؤساء الأنظمة الشمولية العربية الأخرى، بن علي «25 عاما»وحسني مبارك «29 عاما».. وعليه، فلنتصور لو أن زعيما حزبيا مغربيا من طينة زعمائنا مُنح سلطة موسعة على جهة، ألن يعيدنا هذا إلى زمن الإقطاع و»تقيادت» وغيرهما من كوارث الزمن البائد..
إن الأحزاب السياسية في المغرب لا تعرف دورانا سلسا ومرنا للنخب، فبقاء القيادات واستمرارها وغياب التناوب على السلطة هما الخاصيتان الغالبتان في معظم الأحزاب السياسية المهمة، وتتوجه بنية الأحزاب السياسية نحو اتخاذها طابع الاحتكار العائلي، فالأحزاب السياسية تفتقر إلى المرونة والتغيير والمراجعة في خطاباتها السياسية وفي تحليلها للوضع العام للبلاد.
نتيجة لما سبق عرضه، فإن الواقع التنظيمي والسلطوي داخل الأحزاب السياسية سينعكس بدوره على العلاقة بين الأحزاب والمجتمع، والتي هي علاقة محدودة وأصبحت تبنى على أسس مصلحية وانتخابية، من خلال ممارسات القبلية والجهوية والزبونية في الانتخابات، ونتيجة لذلك فقد المجتمع عموما الأمل في الأحزاب السياسية والتغيير عبر صناديق الاقتراع من خلال الارتفاع المتواصل في نسب المقاطعة الانتخابية، وخاصة في أوساط المدن، والإقبال على النشاطات السياسية. وقد تبلورت توجهات بديلة في المجتمع تنفر من العمل الحزبي والسياسي باللجوء إلى العمل في جمعيات المجتمع المدني، حيث ظهرت جمعيات وهيئات كثيرة تتخصص في قضايا كان يفترض في الأحزاب أن تتبناها، كمحاربة الرشوة وحماية المال العام وحماية حقوق الناخب وحماية المستهلك.. وغيرها.
نخلص إلى أن الأحزاب السياسية في المغرب أصبحت جزءا من مشهد الوضع الراهن وتثبيته. وللتخلص من هذه الوضعية، لا بد من التأكيد على أن التغيير يأتي عبر المزيد من الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية، وإفساح المجال لمختلف الفئات للمشاركة في العملية السياسية، مما سيشجع على عودة الحيوية إلى الأحزاب السياسية، لتصبح عمادا للتنمية السياسية. ففي ظل الأحزاب الحالية، لن يكون النظام مضطرا إلى تبني أي شكل من أشكال الإصلاح السياسي، لأنه فعليا متقدم عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.