كل من سافر من أو إلى مدينة أكادير، عبر مراكش، لا شك أنه يمر عبر قرية صغيرة يُعرَف أهلها بأنهم باعة للموز بامتياز، هذه القرية تدعى «أمسكروض».. وقليل هم من يعرفون أن هذا الاسم «تدحرج» عبر الزمن من العبارة التي أطلقها المولى إسماعيل على المنطقة «مسك الأوطان» أو «مسك الأرض»، حسب العديد من عقود الملكية التي مازال يحتفظ بها بعض سكان هذه القرية، التي لا تهدأ، بسبب حركة السير على الطريق الوطنية رقم 8. قرية «أمسكروض» -أو «مسك الأرض»- اختارها السعديون كمركز لمراقبة القوافل التجارية بين الحوز وسوس وصد الهجمات البرتغالية، في سنة 1541 م. اختارها المنصور الذهبي لقضاء فترة طويلة من صباه. وما تزال أطلال القلعة التي كان يحرسها جيش البخاري والمحكمة التي كان يقضي فيها المولى إسماعيل بين المتقاضين من التجار العابرين والسكان المقيمين، شاهدة على تلك الحقب التي مرت بها هذه القرية الصغيرة، التي تتعرض اليوم لإهمال استفزَّ بعض الفعاليات الجمعوية في المنطقة، بعد أن أصبحت محاصَرة بين طريق سيار يفصلها عن محيطها الفلاحي وسياسة «عقابية» للرئيس تحرمها مما تستفيد منه بقية الجماعات. لخّص أحد الشيوخ يرتاد السوق الأسبوعي، منذ أزيد من 48 سنة، حالة القرية بكونها تدل على أن القائمين عليها أموات وليسوا أحياء.. وأضاف أن هذا السوق كان مَحجا للعديد من القبائل وكان يعرف رواجا كبيرا ويقصده التجار من كل أنحاء سوس والمناطق الجبلية المطلة على السهل، أما اليوم فقد أصبحت القرية مهجورة تماما... حالة الإهمال تبدو ظاهرة لعيان كل من يزور القرية، فجدرانها متهالكة أو سقطت فسدَّت الممرات، والسوق الأسبوعي أصبحت جدرانه آيلة للسقوط. لم تعد القرية تصلح للسكن، حسب تعبير بعض الظرفاء ممن رافقناهم في زيارتنا، بل تصلح لتصوير بعض الأفلام عن حقب غابرة. تحويل السوق وسياسة العقاب الجماعي من الأمور التي يعتبرها سكان المداشر التابعة لجماعة «أمسكروض» عقابا جماعيا لهم محاولة تحويل السوق إلى منطقة نائية، رغم اعتراض الدواوير المجاورة، عبر عرائض موجهة إلى السلطات توصلت «المساء» بنسخ منها يعلن فيها سكان الدواوير رفضهم التام قرارَ التحويل، لأن ذلك يعني بالنسبة إليهم زيادة في تكاليف التسوق ويجعلهم، بدل استعمال دوابهم يضطرون إلى استعمال النقل العمومي، الأمر الذي لا تطيقه الأسر الفقيرة المُشكِّلة لهذه الدواوير، كما أن مشروع السوق الجديد المُزمَعِ إنشاؤه في دوار «تورار أمسكروض» وفي الملك المسمى «بوتزكارين» قام مجموعة من السكان بالتعرض عليه، على اعتبار أن هذه الأرض تدخل ضمن أملاكهم الخاصة، التي يملكون حق استغلالها, فلاحيا، وهم الذين توارثوها، أباً عن جد. كما أن الرئيس عمد إلى تعطيل مصالح الجماعة خلال يوم الأحد، الذي يتزامن والسوق الأسبوعي، حيث يضطر السكان إلى استغلال يوم التسوق لقضاء الأغراض الإدارية، خلافا لما كان عليه الأمر في السنوات السالفة، إذ كانت الجماعة وبقية المصالح الإدارية تشتغل يوم الأحد، حتى تكون في خدمة السكان وتتعطل في يوم من أيام الأسبوع الأخرى، هذا الأمر يرى فيه سكان الجماعة نوعاً من التعسف الذي يمارسه الرئيس ضد مصالح السكان، وإمعانا في الانتقام من الدوائر الانتخابية التي لم تصوت لصالحه. ويحاول بعض السكان إثبات «نظرية الانتقام»، بحجة أن الرئيس قام بتأسيس ناديين نسويين داخل الدوار الذي ينتمي إليه وقام بتبليط أزقته وعبَّد الطريق إليه، في حين حرم المركز من النادي النسوي الوحيد الذي كان من المقرَّر أن يتم تشيده وحوله إلى الميزانية المخصصة للفيضانات وقام ببناء قنطرة إلى دواره، بميزانية النادي النسوي.
الرئيس موضوع شكايات شكل موضوع «انتقام» الرئيس من سكان الدواوير، التي لم تمنحه أصواتها في الانتخابات، موضوع العديد من الشكايات التي رفعها السكان إلى الجهات المعنية. وتُجمِع هذه المراسلات على أن الرئيس ينتقم منهم، بطرق لا قانونية، من قبيل استغلال شاحنة الجهة المخصَّصة لتزويد سكان الجماعة بأكملها بالماء الصالح للشرب، فيقتصر على تزويد المقرَّبين منه، دون غيرهم من أهالي الدوار. كما أنه يعمد إلى منح تراخيص البناء والترميم لمناصريه، دون غيرهم من السكان، الذين يعتبرهم مناوئين له ووجب الانتقام منهم. ويبدو أن الرئيس لا يلقي بالاً لشكايات المواطنين، وهو غير عابئ بمعاناة الموطنين ولا بأي محاسبة محتمَلة لتصرفاته قول السكان. الرئيس يستبق الأمور بلغ إلى علمنا، في ما بعد، أن الرئيس، بعد علمه بالزيارة التي قامت بها جريدة «المساء» إلى مركز الجماعة، قام بإحضار شاحنة الضخ التي قامت بإفراغ «المطمورات» التي امتلأت عن آخرها بالمياه العادمة التي تخلفها المجزرة نفذ العديد من الترميمات وقاد حملة نظافة داخل السوق.. وعلمت «المساء»، لاحقاً، أن لجنة قد تكون على استعداد لزيارة الجماعة للنظر في بعض الاختلالات التي تعرفها...
استخلاصات خارج القانون من الملفات التي ما تزال تثير العديد من الاستفهامات في صفوف السكان كون الرئيس قام باستخلاص مبلغ 500 درهم عن كل بيت يرغب صاحبه في ربط مسكنه بشبكة الماء الصالح للشرب، حيث بلغ عدد الأسر التي استُخلِص منها هذا المبلغ 400 أسرة.. وقد تم استخلاص هذه المبالغ دون تمكين السكان المستفيدين من وصولات عنها، وبعدها تم تفويت صفقة الربط بالماء للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب. وذكرت بعض المصادر أن هذه المبالغ المالية لم يتمَّ إدراجها ضمن خانة مداخل الجماعة، لأنه تم استخلاصها خارج القانون، ويجهل السكان مصير هذه المبالغ التي تُقدَّر بمئات الملايين من السنتيمات، ويفكر بعض السكان في رفع دعوى قضائية ضد المجلس، من أجل استرجاع هذه المبالغ. دار الطالبة ساحة أخرىللصراع ذكر تقرير، حصلت «المساء» على نسخة منه، أن رئيس الجماعة الحالي، عندما كان يشغل منصب أمين مال الجمعية المشرفة على دار الطالبة، تصرف في مبلغ 27.180.00 درهما من ميزانية الجمعية، خارج الإطار القانوني، ولم يتم إيداعها في الحساب الخاص بالجمعية خلال الموسم الدراسي 2005 /2006. كما رفض الرد على مراسلة رئيسة الجمعية ساعتها، والتي توصلت بدورها باستفسار من طرف المندوب الإقليمي للتعاون الوطني، بخصوص عدم إيداع مداخيل اشتراك النزيلات في الحساب البنكي للجمعية، برسم الموسم الدراسي 2006 /2007. كما سبق لرئيسة الجمعية أن اعترضت على صرف مبلغ 12.266.00 درهما من طرف أمين المال، بدون محاضر المكتب. وأمام تفاقم هذا الوضع، قدم أعضاء الجمعية استقالة جماعية، بتاريخ 22 فبراير 2007، ل«تنفجر» الجمعية بسبب رئيس الجماعة، حسب ما ورد في التقرير المشار إليه. ذكر تقرير رئيسة الجمعية أنه، بتاريخ 21 ماي 2008، أقدم مجموعة من أعضاء الجمعية، وكلهم مستشارون جماعيون، على تقديم استقالة جماعية من الجمعية. وعلى إثر هذه الاستقالة، طالبت رئيسة الجمعية السلطاتِ الإقليميةَ بإيفاد لجنة لتقصي الحقائق إلى مؤسسة «دار الطالبة»، من أجل الوقوف على واقع الأمر في المؤسسة، وتقرر، بتاريخ 16 نونبر 2008، عقد الجمع العام، بحضور 192 عضوا، من أصل 280 منخرطاً ومنخرطة. وغاب عن هذا الجمع العام ممثل السلطة، حسب التقرير ذاته. وفي السادس من شهر دجنبر 2008، رفض قائد قيادة «أمسكروض» تقديم وصل الإيداع وقام بإرجاع الملف، عبر البريد، مع رفض التسلم، وتمت إحالة الملف على والي جهة سوس -ماسة، وبعد رفض هذه السلطات البت في الملف، تم رفعه إلى المحكمة الإدارية.
دماء المجزرة.. من المناظر المقزِّزة التي تشهدها جماعة «أمسكروض» أن «مجرى» من الدماء والمياه العادمة القادمة من المجزرة يتذفق، صباح -مساء، أمام المؤسسة التعليمية الوحيدة المتواجدة في مركز الجماعة، فيصبح التلاميذ على هذا المنظر ويمسون عليه، الأمر الذي يشكل خطرا على صحتهم، خاصة وأن روائح كريهة تنبعث من هذه المياه والحشرات والبعوض تملأ المكان، بينما لم يكلف المجلس الجماعي نفسَه عناء تغيير اتجاه هذا المجرى وإعطاء التلاميذ ثقة، من خلال الخطابات التي يتلقونها حول البيئة في الأقسام الدراسية. مجزرة لم تُستصلحْ منذ الاستعمار ومداخيلها تثير الشكوك في الوقت الذي حصرت ميزانية الجماعية لسنة 2009 مداخيل المجزرة 21.925.00 درهما، ترى مصادر جد مطلعة على مجريات الأمور داخل المجزرة أن هذا المرفق، رغم الظروف المزرية التي يوجد عليها، إذ يفتقر إلى سقف يحمي الذبائح من الأمطار والشمس الحارقة، فإنه يستقبل -يوميا- بين 60 إلى 70 ذبيحة، مع أن الجماعة تستخلَص مقدار 5 دراهم عن كل رأس و90 سنتيماً عن كل كيلوغرام من اللحم، الأمر الذي سيرفع مداخيل المجزرة إلى أكثر من المبلغ المصرَّح به في ميزانية الجماعة، مما يثير العديد من الشكوك حول مداخيل هذا المرفق الذي يزود العديد من الدواوير المجاورة والمقاهي والمطاعم التي تنتشر على الطريق الوطنية رقم 8، الرابطة بين أكاديرومراكش. من القضايا التي يثيرها سكان قرية «مسك الأرض» أنهم يُرجعون حرمانَهم من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى رئيس الجماعة. كما أن ميزانية الجماعة، التي تبلغ حوالي 800 مليون سنتيم، لم يُصرَف منها أي مبلغ على مركز الجماعة، كما أنها لم تستفد من التعويضات على الفيضانات، والتي بلغت ما يقارب 130 مليون سنتيم.. وللاستفسار عن هذه التجاوزات وغيرها مما تعرفه الجماعة المذكورة، اتصلنا مرارا بالرئيس، من أجل الإجابة عنها وإعطاء رأيه في الموضوع، إلا أنه -في كل مرة- يقول إنه في اجتماع، ففي المرة الأولى، قال إنه سيُعيد الاتصال بنا.. مرت ثلاثة أيام وكررنا الاتصال به، ليخبرنا بأنه «في اجتماع حزبي».. وبعد أسبوع من هذا الاتصال الثاني، عاودنا به الاتصال به، ليخبرنا بأنه على وشك الانتهاء من.. «اجتماع في العمالة».. وهكذا، ظل الرئيس يتهرب من الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها سكان الجماعة.