في سنة 2008، نشر فليب غوردن، الذي لم يكن عُين بعد مساعدا لوزيرة الخارجية الأمريكية في أوربا ومنطقة أوربا الأسيوية، كتابا بعنوان «Winning Turkey» بتعاون مع الباحث عمر تاسبينار. الكتاب يتحدث عن تدهور العلاقات بين الغرب وتركيا بشكل عام، وأمريكا بشكل خاص ويعود إلى العلاقات المتينة التي كانت تجمع بين واشنطنوأنقرة خلال 50 سنة قبل أن ينتهي إلى وضع سؤال: «من ضيع تركيا؟» ومنذ أن دخل حكومة باراك أوباما، استطاع غوردن أن يطبق بعضا من الإجراءات الخمسة التي يتحدث عنها في كتابه من أجل إقامة شراكة مع تركيا في ظل الأزمة، خاصة التشجيع على عقد اتفاق مع الأرمن. لكن، بعد الرفض التركي للعوقبات الأممية ضد إيران، يوم 9 يونيو، عاد السؤال ليطرح من جديد: «من ضيع تركيا؟». مباشرة بعد وصوله إلى البيت الأبيض، اشتغل أوباما كثيرا على تطوير العلاقات مع تركيا. فقد انتقل إلى أنقرة في أول زيارة له إلى أوربا وأعلن أمام البرلمان التركي عن «الشراكة النموذجية» وتراجع عن وعده (خلال حملته الانتخابية) بالاعتراف بإبادة الأرمن، وأبقى على التعاون العسكري في شمال العراق ضد الانفصاليين الأكراد. كما أن وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، عملت على أن يتوصل الأتراك والأرمن إلى بروتوكول تطبيع العلاقات بينهما. وحتى آخر لحظة، اعتقد الأمريكيون في نيويورك بأنهم يستطيعون أن يقنعوا الأتراك بالامتناع، بدل التصويت ب «لا» ضد قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بفرض عقوبات ضد إيران. تاسبينار، الذي يُدرس في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن، يقول إن «خيبة الأمل كانت كبيرة». من المخطئ، إذن، إذا «لم تعد تركيا تسمع من الأمريكيين كما في السابق؟»، يتساءل مسؤول أمريكي. الخبراء يردون السبب في ذلك إلى نوع من «فرض السيادة الوطنية» أو «الدوغولية التركية» أكثر منها ميل إلى الأفكار الإسلاموية أو قرار بالابتعاد عن الغرب. مطلع يونيو الجاري، عاتب وزير الدفاع الأمريكي الأوربيين في لندن عن كونهم «دفعوا» تركيا للسقوط في حضن «الشرق» من خلال رفضهم «الرابط العضوي» الذي تطمح إليه أنقرة مع الغرب. وكان تصريح روبرت غايتس أثار غضب الدبلوماسيين الغربيين. ربما ستعاقب تركيا على سلوكها خاصة في الكونغرس الأمريكي حيث يتمتع اللوبي الإسرائيلي بنفوذ قوي. وقد ينتهي اتفاق بين تركيا وأمريكا على صفقة بيع أسلحة متطورة لأنقرة تجري دراسته الآن إلى الجمود. وفي 15 يونيو، أحيا النائب الديمقراطي عن كاليفورنيا، أدام شيف، الجهود من أجل التصويت على الاعتراف بإبادة تركيا لشعب الأرمن، معتبرا أنه لم يعد من المعقول «إرضاء صديق مزور». كما أن زميله غاري أكيرمان كان طالب مركز وودروو ويلسون بالامتناع عن منح ميدالية شرفية لوزير الخارجية التركي أحمد دافوتوغلو، علما بأن مركز الدراسات هذا يمول في جزء منه من أموال الشعب الأمريكي. في السياق نفسه، يرى الدبلوماسي هنري باركي، الباحث في مؤسسة «Carnegie Endowment for International Peace»، أن إدارة أوباما ستكون عاجزة عن حماية الأتراك من الأصوات التي تقلقها، كما أنها سوف لن تستطيع الدفاع بقوة عن الأتراك بتسخير «رصيدها السياسي» لأجل العمل على إدماج تركيا في الاتحاد الأوربي. ويضيف الدبلوماسي قائلا: «إن الأتراك سيشعرون بتغير الأجواء (السياسية) في واشنطن». كورين لينيس