ترتبط صورة الرياضيين في ذاكرة المتتبعين بما يقدمونه من آداء فوق أرضية الميدان، وما يحققونه من ألقاب، لكن خلف هذا الوجه الرياضي، هناك وجه آخر خفي. في هذه السلسلة من الحوارات تقدم «المساء» للقارئ ما لا يعرفه عن الرياضيين. - ما هي الأشياء أو الذكريات لتي مازالت راسخة في ذهنك منذ طفولتك؟ < ما أذكره عن طفولتي هو أنني كنت أميل للرياضة بشكل كبير، كما أنني لا يمكن أن أنسى أنني لم أجتز امتحان الشهادة الابتدائية، إذ انتقلت إلى مرحلة الإعدادي بإعدادية ليوطي مباشرة بعد نجاحي في امتحان مفاجئ برمجه مسؤولو مدارس البعثة الفرنسية بالمغرب. وقد تمكنت رفقة 3 تلاميذ من الرباط و3 آخرين من البيضاء من اجتيازه، وتحدثت عنا وقتها الصحافة المكتوبة، لذلك فإنني لم أعش رهبة امتحان الشهادة الابتدائية. أذكر أيضا في فترة طفولتي أن المساحات الشاسعة بالبيضاء كانت موجودة بكثرة ما كان يسمح لنا كأطفال بممارسة الرياضة. كما كانت المساحات الخضراء متوفرة والسيارات قليلة، وكنا كأطفال نتحرك بحرية وبدون خوف، كان وقتها بمقدورك أن ترى زرقة السماء وتستنشق الهواء النقي. - واليوم؟ < لقد أصبحت البيضاء بمثابة سجن كبير فالمساحات الخضراء تقلصت ودرجة التلوث مرتفعة، وزحفت البنايات في مختلف أرجاء المدينة، لذلك فالمرء لم يعد يحس بحريته في التحرك وفي الاستمتاع بوقته. باختصار البيضاء لم تعد تتنفس كما يجب. - متى شعرت بانجذابك نحو الكرة؟ < منذ نعومة أظافري، فقد كنت أمارس الكرة بنهم، في أحياء المدينة القديمة التي كبرت بها، وفي البحر حيث كنت أقضي وقتا طويلا، ثم في مرحلة لاحقة بالمعاريف ودرب السلطان. لكن ما كان لافتا للانتباه هو أنني لما كنت أبلغ من العمر عشر سنوات، كنت متواجدا بشاطئ عين الذياب أمضي العطلة في أحد المخيمات، فشاركت رفقة أحد الفرق لأنه كان ينقصه لاعب. كنت أصغر لاعب إذ كنت في العاشرة من عمري وبقية اللاعبين في عمر 16 سنة، تركت انطباعا جيدا، فإذا بي أجد أحد الأشخاص قد التحق بي، حيث كنت أقيم رفقة العائلة ليعرض علي إمكانية التوقيع لفريق الرجاء، لكنني لم أستوعب الفكرة جيدا. - من كان ذلك الشخص الذي عرض عليك فكرة التوقيع للرجاء؟ < للأسف لا أذكر اسم هذا الشخص لأنها كانت المرة الوحيدة التي ألتقيه فيها، لكنه سمح لي بأن أفكر في إمكانية التوقيع لأحد الفرق، وهو ما حصل بعد أن غيرت العائلة محل السكنى إلى المعاريف في حدود سنة 1965. كان لدينا فريق مكون من مجموعة من الأطفال واقترح علينا أحد المؤطرين إمكانية خوض مباراة أمام صغار الرجاء في سنة 1967، لعبنا المباراة وتم اختياري من طرف المرحوم عبد القادر جلال رفقة ثلاثة لاعبين آخرين للانضمام إلى الرجاء، فكانت تلك هي البداية، قبل أن أجد نفسي في الفريق الأول. وأذكر أن غلام الدكالي كان وقتها هو رئيس لجنة الشبان وكان أيضا درنان لحسن، دون أن أغفل أنني استفدت من باكو وصبري. - هل شجعتك العائلة على ممارسة الكرة؟ < العائلة كانت تفضل الدراسة بطبيعة الحال، لكنني في وقت من الأوقات وجدت نفسي ملزما بالاختيار. فقد شاركت رفقة المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة في دوري بفرنسا، وتم اختياري أفضل لاعب، قبل أن يعرض على مسؤولو فريق نيس الانضمام إليهم. قالوا لي بأنني سأزاوج في فرنسا بين الرياضة والدراسة، وأنهم سيتكلفون بمفاوضة مسؤولي الرجاء، أعطيتهم الموافقة، في الوقت الذي رأى فيه مسؤولو الرجاء وعلى رأسهم عبد الواحد معاش والسملالي وبوعبيد أنني يجب أن آخر فرصتي في الفريق الأول، لأكون ضمن الجيل الجديد للفريق. - وضحيت بالدراسة؟ < لم أضح بالدراسة في هذه الفترة وإنما بعد أن حصلت على شهادة البكالوريا، واذكر أنه في سنة 1973 كان فريق الرجاء مقبلا على خوض نهائي كأس العرش أمام المغرب الفاسي، وخاض معسكرا إعداديا بإيفران لم أشارك فيه بسبب التزاماتي بالامتحانات، لذلك لم ألتحق بالفريق إلا يومين قبل المباراة، ونجحت في الامتحان وفي الفوز بلقب كأس العرش الذي كان أول لقب يحرزه الفريق. - ألم تحس بأنك غامرت وأنت تضحي بالدراسة؟ < لم أضح بالدراسة كليا، وإنما تابعتها في مجال المعلوميات، وكنت من بين الأوائل في المغرب الذين حصلوا على دبلوم في هذا المجال، واشتغلت بواسطته في البنك التجاري المغربي وفي البنك المغربي للتجارة الخارجية كما عرضت علي الإدارة العامة للأمن الوطني العمل معها بعد أن اختارت إدخال المعلوميات في نظام عملها، لكنني رفضت وقتها لأنني لم أكن مستعدا للعمل في الرباط. لا تنس أيضا أنني وجدت نفسي ألعب إلى جوار لاعبين تابعتهم في مونديال المكسيك سنة 1970، وكنت أحلم باللقاء بهم وليس فقط اللعب معهم. - وما هي الرياضات الأخرى التي كنت تمارسها؟ < كنت أمارس السباحة سيما أنني ابن المدينة القديمة، كما كنت أخوض سباقات السرعة وبخاصة 100 و200 متر،إضافة إلى القفز العلوي.