خلال أسبوع واحد، تضاربت تصريحات قياديي جبهة البوليساريو بشأن استمرار المفاوضات مع المغرب. ففي خروجه الإعلامي المفاجئ، صرح محمد خداد، رئيس وفد الجبهة الذي شارك في مفاوضات منهاست، بأنه لا جدوى من الاستمرار في المفاوضات مع المغرب، وهو ما أكده عبد القادر الطالب عمر، عضو الأمانة الوطنية للجبهة، في اليوم الموالي لهذا التصريح من داخل الجزائر، حيث قال: «عقد مفاوضات جديدة قد يكون صعبا مادام فان والسوم مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء لأنه انتهك مبدأ الحياد الذي يميز وظيفته»، قبل أن تتراجع الجبهة عن هذا القرار، من خلال وزيرها المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بإفريقيا، الذي نفى عزم الجبهة التغيب عن جلسات التفاوض مع المغرب بشأن القضية الصحراوية. وقال محمد بيسط، في تصريح صحفي أول أمس السبت على هامش أشغال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الإفريقي، إن جبهة البوليساريو ستعود إلى طاولة الحوار متى تقرر ذلك، مشيرا إلى شيوع أخبار عن قرار جبهة البوليساريو مقاطعة المفاوضات عبر وسائل إعلامية إسبانية عقب تقرير فان والسوم بعد الجولة الرابعة من مفاوضات منهاست. وأضاف أن هذا الخبر لا أساس له من الصحة، مؤكدا على تمسك البوليساريو بالمفاوضات رغم أن قرار وتاريخ انعقاد جولة جديدة من المفاوضات بخصوص حل النزاع في الصحراء لم يتحدد بعد. ارتباك المواقف لدى مسؤولي الجبهة ظهر مباشرة بعد الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي إلى العاهل المغربي محمد السادس، والتي أكد فيها دعم بلاده للمقترح المغربي القاضي بمنح الأقاليم الصحراوية حكما ذاتيا موسعا، وهو الموقف الذي أثار غضب الجبهة، مما جعل زعيمها محمد عبد العزيز يقول إنه من «العار أن تدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية موقفاً يخرق قرارات الشرعية الدولية، ويصادر إرادة الشعوب، ويقصي الحل الديمقراطي». مصدر مقرب من الجبهة كشف ل«المساء» أن دواعي الارتباك الحاصل في المواقف المعبر عنها من طرف مسؤولي الجبهة تعود بالأساس إلى خيبة هذه الأخيرة في التصريحات التي أدلى بها الوسيط الأممي فان والسوم، وأنها انتظرت بما فيه الكفاية أن يتم الرد عليه من قبل مسؤولي المنظمة الأممية أو إحدى الدول الراعية لهذه المفاوضات، لكن لم يقع أي شيء مما كان مرتقبا، إلى أن جاءت رسالة بوش التي كانت بمثابة خيبة أمل أخرى حدت بمسؤولي الجبهة إلى إعادة ترتيب أوراقهم من جديد، يضيف المصدر. وقد تحدثت الصحافة الجزائرية حول ضغوطات تمارسها الإدارة الأمريكية على قياديي الجبهة من أجل القبول بخيار الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب. ولم يهدأ بال البوليساريو إلا بعد أن أقدم سفير الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالجزائر المنتهية ولايته على عقد ندوة صحفية نفى خلالها أن تكون للإدارة الأمريكية رغبة في فرض أي ضغوط على جبهة البوليساريو للقبول بمقترح الحكم الذاتي، وأوضح أن بلاده تود أن يصل كل الأطراف إلى حل براغماتي يسهم في إنهاء حالة المعاناة التي يعانيها الصحراويون، مضيفا أن قضية الصحراء قد طال أمدها كثيرا، ومن الواجب البحث عن سبل سريعة لتخفيف معاناة هذا الشعب، كما أنه يجب دراسة كل الأفكار، يؤكد السفير قبل أن يخلص إلى قوله إن الحكومة الأمريكية لن تطلب أبدا من البوليساريو القبول بالمقترحات المغربية، مضيفا أن إدارة بلاده ترحب بأفكار مقابلة من طرف البوليساريو ليناقشها الطرف المغربي، وأكد أن كل هذه اللقاءات ستبقى تحت المظلة الأممية.