بعد الرباط وصفقة أرض حديقة الحيوانات، البالغة مساحتها 53 هكتارا وأكادير ومشروع «مايل سنترال» على أرض مساحتها 45 هكتاراً، نصل إلى مراكش، عاصمة المضاربات العقارية ولهيب أسعار السكن وتوالد المشاريع العقارية – السياحية كالفطر، لنطلع على فصول ملف شائك أكثر من سابقيه. إن الأمر يتعلق بخمسة مشاريع على مساحة إجمالية تفوق 785 هكتاراً. بمراكش، عاصمة بيزنيس العقار، تعاملت مجموعة الضحى مع ثلاثة فاعلين عموميين وهم إدارة الأملاك المخزنية التابعة لوزارة المالية (على عهد فتح الله ولعلو) والأحباس التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وصندوق الإيداع والتدبير. وهكذا، وبموافقة وتوقيع وزير المالية والخوصصة السابق فتح الله ولعلو، فوتت إدارة الأملاك المخزنية الملك المسمى «تسلطانت» ومساحته 130هكتارا ًالمتواجد بالمنطقة الراقية للمنارة -شارع محمد السادس. وقد حددت قيمة الصفقة في 560 درهماً للمتر المربع أي مبلغ إجمالي يبلغ 73.02 مليار سنتيم، مع العلم أن الأرض ستضم برنامجا عقاريا وسياحيا يتكون من ثلاث مناطق فيلات على مساحة 24 هكتارا بين 400 و800 متر مربع للفيلا الواحدة و18 هكتارا لفيلات بين 800 و1200 متر مربع و9 هكتارات لفيلات بين 1200و 1800متر مربع أي بمجموع 592 فيلا على مساحة إجمالية مغطاة (مبنية) تبلغ 206600 متر مربع .ثم هناك منطقة عمارات من طابقين تبلغ مساحتها 5 هكتارات وإجمالي مساحة شققها 80 ألف متر مربع ثم منطقة خاصة بالسكن الفردي وقطب للتنشيط ومنطقة للرياضات ومركز تجاري ضخم على شارع محمد السادس تبلغ مساحته 60 ألف متر مربع وملعب غولف على مساحة 60 هكتارا وفندق على مساحة 12.5 هكتارا يضم 250 غرفة ..إلخ وهكذا تتضح ضخامة المشروع والرساميل الكبرى التي يتطلبها إنجازه، لكن كذلك العائدات الضخمة المرتقبة خاصة وأنه يتموقع بأغلى منطقة بمراكش، لذلك اعتبر ميلود الشعبي «أن سعر التفويت يقل بعشرة أضعاف عن السعر الحقيقي الذي لا يقل عن خمسة آلاف درهم للمتر المربع»، فيما أفادتنا إحدى الوكالات العقارية الدولية بالمدينة بأنه «يجب التفريق بين الأرض الخام والأرض المجهزة، لكن كيفما كان الحال فإن سعر 560 درهما للمتر بشارع محمد السادس ولو كان خاما يبقى سعرا غير موجود في السوق واعتبروا أن أقل ما يمكن أن تبلغه سومة الأرض هو بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف درهم، وهكذا سيكون فرق السعر بين 316 مليار سنتيم و446 مليار سنتيم! وحسب رسالة التفويت الموقعة من طرف فتح الله ولعلو فإن هذا الأخير استجاب للطلب الذي تقدمت به «مجموعة الضحى» بتاريخ 17 شتنبر 2007، وذلك من أجل الاستفادة من هذه الأرض ومرة أخرى فوت فتح الله ولعلو 130هكتارا دون مناقصة للضحى وبثمن 73.2 مليار سنتيم مع فارق في السعر قدر ما بين 316 مليارسنتيم و446 مليار سنتيم ضاعت فيه الدولة دون موجب حق. في المشروع الثاني المدعو «بارادايزغولف» دخلت إدارة الأحباس على الخط وكانت هي الطرف الذي فوت أرضا مساحتها 283 هكتارا ل«الضحى» بموجب «اتفاق بشأن معاوضة» وقعه ناظر الأوقاف بمراكش عبد العزيز العزيزي، وذلك بملغ إجمالي بمبلغ 34 مليار سنتيم أي ب120درهما للمتر المربع. وحسب مصادر مطلعة على هذه الصفقة فإن سعر المتر المربع بمنطقة النخيل الواقعة بها هذه الأرض لا يقل عن 400 درهم أي أن فارق السعر الإجمالي يبلغ حوالي 79.3 مليار سنتيم. ولقد اتصلنا بوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ليشرح لقرائنا «حاجة» الدولة إلى بيع هذه الأرض وحول حقيقة السعر المطبق، فظل هاتفه يرن دون أن يرد، ولما بعثنا له فاكسا ننقل من خلاله تساؤلاتنا كلمنا المكلف بالإعلام ووعدنا «خيرا» لكنه لم يرد علينا رغم إلحاحنا ! ورغم حساسية تفويت أراضي الأحباس فإن ناظر أوقاف مراكش تسلم مبلغ الصفقة وهو34 مليار سنتيم بشيك مسحوب على البنك الشعبي بالدارلبيضاء في الوقت الذي كان بإمكان الدولة بواسطة نفس الناظر أن تتوصل بثلاثة أضعاف أو أكثر ذلك المبلغ حسب أسعار السوق وفق مصادرنا، فما الذي يجعل الأحباس تبيع هذه الأرض أصلا وتزج بنفسها في متاهات أكبر من متاهات أرض تارودانت التي فوتت للكاتب الخاص للملك منير الماجيدي وجرت على الأوقاف الكثير من الإحراج السياسي والديني... أما الملف الثالث والرابع والخامس، ودائما بمدينة مراكش فقد دخل فيه فاعل عمومي آخر وضع توقيعه إلى جانب التوقيعات مع الضحى .... ويتعلق الأمر بصندوق الإيداع والتدبير. هناك مشروع «زهور تاركة» على مساحة 138 هكتارا اشتراها الصندوق من الأملاك المخزنية ب75 درهما للمتر مربع وباعها للضحى ب117 درهما للمتر المربع فيما قدرت مصادرنا سعرها ب500 درهم ليكون فرق السعر هو 53.2 مليار سنتيم. ثم هناك مشروع « أبواب مراكش» على مساحة 156 هكتارا مرت من نفس مسطرة مشروع «زهور تاركة» ويقدر فيها فارق السعر ب60 مليار سنتيم وأخيرا مشروع «برج الزيتون» على مساحة 15 هكتارا والتي تم بيعها لمجموعة الضحى فقط بخمسين درهما للمتر المربع وفارق السعر بلغ 7مليارات سنتيم. الخاصية التي تجمع هذه المشاريع الثلاثة هي كون صندوق الإيداع و التدبير فوتها جميعا لمجموعة الضحى خلال شهر ماي 2006 وبالطبع لم تكن هناك لا مناقصة ولا طلب عروض. بهذا الخصوص قال لنا مصطفى الباكوري، مدير صندوق الإيداع والتدبير: «أن الصندوق التزم للدولة بعد أن فوتت له أراضي في ملكية صوجيطا وصوديا أن يخلق فوق تلك الأراضي مشاريع تنموية، أي أنه لم نكن نهدف للمضاربة في هذه الأراضي بشرائها من عند الدولة ثم بيعها للضحى مع فائض قيمة. لقد كان هدفنا الأول هو تحصيل ثمن الأرض والاشتراط على مقتنيها أن ينجز عليها مشروعا متكاملا ونحصل معه على نصف أرباح المشروع من خلال شركة مختلطة هي إيمولوك، فهل هناك ربح أكثر من ذلك؟ أما بخصوص المناقصة فإننا لم نلجأ إلى هذه المسطرة لأننا نبحث عن شريك قوي وشفاف ورائد في مجاله ومجموعة الضحى تتوفر على كل هذه المعايير ثم لا يحب أن ننسى أنها مدرجة بالبورصة «. لكن الصفقة تمت بين الضحى والصندوق خلال شهر ماي 2006 أي ثلاثة أشهر قبل ولوجها البورصة؟ الباكوري أكد لنا بهذا الخصوص أن مصالحه «اشتغلت عدة أشهر على هذه الملفات مع الضحى وكانت تعرف أن الضحى ستلج البورصة. ثم لقد سبق لنا عبر فروعنا وهم الشركة العامة العقارية وميدز أن اشتغلنا مع شركاء دوليين ومن الممكن أن نشتغل مع فاعلين مغاربة شريطة أن يضمنوا لنا المعايير السالفة الذكر مع العلم أن أسعار التفويت تحددها لجنة مختصة». وبين هذا الخطاب الذي يتحدث عن الشفافية وضمانات نجاح المشروع وغياب المناقصات التي هي عصب الشفافية تضيع أجوبة عشرات الأسئلة التي تتناسل عقب السرد الذي يبدو أحيانا سورياليا عندما نرى كل هذا الكم من المشاريع التي تنهال على مجموعة الضحى دون غيرها وبأسعار مثيرة للجدل. أنس الصفريوي، رئيس مجموعة الضحى قال بخصوص مشاريع مراكش الخمسة: «عندما يقال إن الضحى اشترت العقار المخصص لإقامة مشروع «إيفرناج غولف» بمراكش التابع للملك الخاص للدولة ب732 مليون درهم، فلا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن تكلفة تحضير هذا العقار وتهييئه وإنجاز المشروع مع ملعب الغولف يتطلب غلافا استثماريا يقدر ب5 ملايير درهم، إذن فبهذا الشكل تحدد الضحى القيمة المالية الإجمالية التي تتحملها في إطار المشروع برمته، وليس فقط الثمن الذي اقتنت به الأرض عارية من أي تجهيز». وبالمقابل، سكت الصفريوي عن المشاريع الأربعة الأخرى التي لم يتضمنها رده الكتابي. لكن ومهما كانت التبريرات التي حاول محدثونا أن يقنعونا بها، فلاشيء يصمد أمام غياب طلبات عروض، فكما هو معلوم فكل الصفقات العمومية يحكمها قانون واضح يجعل من عدم اعتماد المناقصات مخالفات يتابع مرتكبوها أمام القضاء. فكيف ستتصرف الدولة إزاء هذا الملف الذي يعتبر مقدمة فقط لجبل الثلج الذي يخفي ربما عدة مفاجآت ؟ وكيف سيتعامل رجال السياسة والبرلمان إزاء حكومة تحمل قانون الصفقات بيد وتخترقه بأخرى؟ أسئلة نضعها أمام الرأي العام وليتحمل كل مسؤوليته.